فتح المخرج محمد شرشال النار على البرامج التلفزيونية الجزائرية خلال الشهر الفضيل، معتبرا أن كل المؤشرات تؤكد فشل الشبكة البرامجية، والفساد هو السبب في هذا التردي، مطالبا بضرورة وضع حد لسماسرة الانتاج التلفزيوني.
وقال محمد شرشال أن حكمه موضوعي ولكي لا يقال عليه انه انتقد البرامج التلفزيونية المقترحة من طرف مختلف القنوات الجزائرية، لأنه لم يستفد، قال بأنه رفض ما يقارب ست مقترحات للمشاركة في كتابة سيناريو لمختلف المنتجين وهذا لكونه لم يقتنع بما اقترح عليه من مشاريع، مشيرا أنه كان من المفروض أن يعرض مسلسل “أكبادنا “و الذي كان كاتب السيناريو فيه في هذا رمضان، و نظرا لكون الموافقة على بداية التصوير جاءت متأخرة من التلفزيون الجزائري -شهر قبل رمضان-، قررت منتجة المسلسل تأجيل بداية التصوير لما بعد شهر رمضان، القرار الذي باركته و وافقت عليه و رأيت أنه قرار حكيم.
وأوضح شرشال بأن الأغلبية تكاد تجمع على كون برامج التلفزيونات الخاصة و العامة لهذا رمضان، لا ترقى لمستوى و طموحات المشاهد الجزائري، بل تجاوزت حدها إلى الاستهتار بذوقه، و التعدي على ذكاءه من خلال مسلسلات ساذجة لا طرح و لا فكر ولا شخصية و لا حتى تقنية، و سلسلات سطحية مستهلكة و مستنسخة، إلى سكاتشات بالية قديمة رثة إلى كاميرات خفية رخيسة، تعتمد العنف بكل أشكاله من اجل الإضحاك إلى حصص و تولك شو صورة طبق الأصل في الشكل لا المضمون عما يحدث في تلفزيونات أسترا.
وحصر ذات المتحدث في تشريحه للوضع العام، بصفته ممارسا و يملك تجربة في ميدان الإنتاج السمعي البصري، أن المتسبب عن كل هذا الانحدار نحو جحيم الرداءة المقننة و المتفق عليها، يكمن في جشع المنتجين المنفذين، فالمنتج المنفذ يقدم مشروعه للتلفزيونات ويأخذ من عندهم المال، ثم يقوم بإنتاج العمل و هو يتصرف بهذا المال. و لكي يتحصل على المال و يضمن هذا المنتج المنفذ حصة الأسد، يقوم ببعض الممارسات على غرار الاعتماد على الأيادي الرخيسة في الإنتاج الاقتصاد الشحيح في أماكن التصوير و قد تصل إلى الاكتفاء بمكان او مكانين على الأكثر.الإسراع في الإنجاز لكي لا يصرف المنتج اموالا كثيرة، رغم انه تحصل على اموال كثيرة، تضخيم الفواتير لتبرير سرقته لأكبر نسبة من ميزانية المنتوج، التعدي حتى على حقوق الفنانين و التقنيين، حيث شهدنا في كثير التجارب شكوى هؤلاء من عدم تلقي مستحقاتهم حتى بعد بث أعمالهم، مشيرا أيضا أن التسرع في الإنجاز هو سبب آخر، حيث ينتظر هؤلاء المنتجون قرب حلول شهر رمضان لبداية العمل، مما يجعلهم يسقطون في التسرع، الاستسهال و التنازلات الفنية في كثير الأحيان.
وأكد شرشال أن الإنتاج التلفزيوني يعاني من الدخلاء و المتطفلين و الإنتهازيين، حيث شهد القطاع هجوما كاسحا لهؤلاء، من أشباه المخرجين، وكتاب سيناريو، ومن عارضي الأزياء او المطربين الذين انقلبوا دون تمكن إلى مهنة التمثيل التلفزيوني لا لشيء إلا لكونهم جميلي الوجه و ذو قوام فتان بالنسبة لعارضات الأزياء، مبرزا أن ظاهرة اخرى تفشت في الوسط التلفزيوني، و هو تفشي ظاهرة البودكاستر الذين غزوا التلفزيون، فالقنوات أصبحت تغازل الجمهور من خلال استغلال شعبية هؤلاء البودكاست، فيستدرجون محبيهم من خلال منحهم فضاء التلفزيون يعبثون فيه كيفما شاؤوا،على حساب المتكونين في الميدان و مختصيه، فالمنتج هنا و بدل ان يبحث عن أهل الاختصاص ليصنع جمهورا، أصبح يجري وراء من لهم شعبية في اليوتيوب أو الأنستغرام او السنابشات ليكسب جمهورا جاهزا على طبق من لايكات.
سبب آخر ذكره شرشال، ويكمن في تشجيع الفاشل ليفشل مرة أخرى و محاربة الناجح ليفشل، حيث أصبحت هته الممارسة عملة في الميدان التلفزيوني، فالفاشل تمنح له الفرصة تلو الفرصة، و الناجح يحارب و يستبعد، وتغلق في وجهه كل الابواب.
وأضاف شرشال، في كثير التجارب يعتمد المنتجون لإنقاذ ماء الوجه على نجوم معروفة و مستهلكة إلى حد الغثيان، فيضعونهم في الواجهة، متحايلين على الجمهور و هم يستغلون حبه و تعاطفه مع هؤلاء النجوم، حيث أن احتكار هؤلاء النجوم للمشهد التلفزيوني و عدم منح الفرص لنجوم جدد مشكلة أخرى، خاصة و ان هؤلاء يكررون انفسهم في كل تجربة، ليصبحوا مستهلكين، بل فيهم من يظهر في الشاشة في كل الأعمال فتراه في المسلسلات و السلسلات و الحصص و الكاميرا كاشي و حتى في الإشهار. إنهم بالفعل لوبي يحتكر التلفزيون، ومن المفروض أن يعمل هؤلاء النجوم على ترشيد ظهورهم على الشاشة، في أن يكون هذا الظهور عقلانيا كي لا يصاب المشاهد بالتخمة بسببهم، فالمثل يقول: “إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده”.
وتساءل شرشال عن سبب عدم تحرك العدالة لإيقاف مثل هذه الممارسات و التي تضر بالمواطن الجزائري قبل كل شيء، وعن الأسباب الحقيقية التي تمنع من تقنين القطاع لمنع الدخلاء والانتهازيين من استغلاله، ووضع أسس و قواعد و ضوابط لكل مختصي الإنتاج السمعي البصري، مطالبا الجهات المختصة بضرورة وضع حد للانتهاكات الأكثر خطورة، كالاستهتار بالذوق العام واستغفال المشاهد و احتقاره في كثير الأحيان.
صبرينة ك