اعتبر محي الدين عميمور وزير الاتصال والمستشار السابق لدى الرئيس الراحل هواري بومدين أنه ” لو تمت تمرير دسترة اللغة الأمازيغية عبر الاستفتاء الشعبي ستكون نسبة الرفض للدسترة عالية “، متخذا نفس الموقف الذي عبر به الرئيس بوتفليقة سنة 2001، عندما أشار إلى استفتاء شعبي للإعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية، مشيرا في السياق ذاته لوجود ” مشكلة لغوية ” في الجزائر تتحملها النخب التي حكمت البلاد.
خاض محي الدين عميمور في حوار مطول مع صحيفة ” مصر العربية ” نشر أمس، حول قضايا متعددة حول الهوية وصراع المعارضة والسلطة في الجزائر، لكنه أثار في الوقت ذاته حيرة البعض، حول مصداقية كلامه عن الإستفاء الشعبي ورفض هذا الأخير للغة الأمازيغية التي تبقى ترقيتها وتعميم تدريسها من أبرز مطالب الجزائريين في الأشهر القليلة الماضية خاصة في المناطق الأمازيغية في الجزائر، كمنطقة القبائل والأوراس التي شهدت مظاهرات حاشدة في الأيام القليلة الماضية للمطالبة بتعميمها على المدارس. وقال عميمور في رده على سؤال حول تحليله لطبيعة الصراعات اللغوية الممتدة منذ الاستقلال في الجزائر أنه ” أدى ذلك كله إلى خلخلة مشروع المجتمع الذي كانت قاعدته بناء دولة لا تزول رغم الأحداث وزوال الرجال، خصوصا مع بروز طبقة رأسمالية طفيلية كان قد حذر منها الرئيس الراحل هواري بومدين، ثم باللجوء إلى دسترة الأمازيغية عبر التصويت البرلماني بدلا من طرح القضية للاستفتاء الشعبي وذلك دائما لضمان السلم الاجتماعية، حيث كان المتوقع أن تكون نسبة الرفض للدسترة عالية في حالة الاستشارة الجماهيرية “. وأضاف المتحدث ” وهكذا، وبدلا من ترسيخ التكامل بين العمق التاريخي الأمازيغي والانتماء الثقافي العربي الإسلامي والبعد الحضاري المتوسطي والعمق الجغرافي الإفريقي أصبحت القضية صراعا لغويا بخلفية سياسية، تأثرت بالوضعية القلقة التي عرفها المجتمع بعد اضطرابات أكتوبر 1988، وتداعياتها التي وصلت بنا إلى عشرية دموية ما زلنا نعاني من آثارها حتى اليوم “.
واعترف محي الدين عميمور الذي عمل إلى جانب العديد من الرؤساء الجزائريين كمستشار ووزير في الحكومة أيضا، أن ” هناك فعلا اليوم مشكلة لغوية في الجزائر يتحمل جيلنا مسؤولية كبيرة في حدوثها “، ونفى عميمور المعروف بتوجهه العروبي حصار اللغة الفرنسية في الجزائر بعد الإستقلال، قائلا أنه في الواقع ” لم يكن هناك عداء للغة المستعمر، بل تمت المحافظة عليها ورعايتها لتكون الجزائر صلة وصل بين الثقافة الفرنسية والثقافة العربية، لكن ما كان وضعا مؤقتا أصبح واقعا دائما، ونظرا لتمكن أبناء التكوين الفرنسي من وضعية متميزة في الإدارة ومجالات التنمية انطلقت عملية حصار للمعربين “. واتهم عميمور بصفة مباشرة الجانب الفرنسي بقيادة مخطط لضرب اللغة العربية عبر مراكزه الثقافية، قائلا ” وتحولت القضية إلى عداء حقيقي للغة العربية، كان وراءها نشاط فرنسي متزايد، لجأ إلى تكثيف الجهود في المراكز الثقافية، وتشجيع مطالب بعض اللهجات المحلية في مناطق معينة، وليس حيثما توجد لهجات محلية، ومنح التأشيرات وإعطاء المنح الدراسية بصفة انتقائية، وهو ما اعترف به مؤخرا سفير فرنسي “.
وتجدر الإشارة إلى أن قضية الإستفتاء الشعبي على دسترة الأمازيغية سبق وأن أثارها الرئيس بوتفليقة قبل ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة وطنية في تعديل 2002 إثر أحداث الربيع الأسود، لكن الفكرة ظلت مرفوضة من طرف الكثيرين لسببين هامين، الأول أنه من غير المعقول استفتاء شعب على لغته وهويته، وثانيا خطورة تهديد الاستفتاء للوحدة الوطنية وتكريس للانقسامات بين الشعب الواحد، ما دفع السلطة سنة 2016 للتوجه إلى ترسيم اللغة الأمازيغية عبر البرلمان وهو أحسن طريق لذلك.
إسلام كعبش
الرئيسية / الوطني / اعترف بوجود مشكلة لغوية :
محي الدين عميمور: “لو استفتي الشعب في الأمازيغية لما تمت دسترتها”
محي الدين عميمور: “لو استفتي الشعب في الأمازيغية لما تمت دسترتها”