تقف الجزائر موقف المترقب لما سيسفر عنه اجتماع دول مجلس الأمن بخصوص تطبيق العقوبات على الأطراف المتنازعة في شمال مالي، وتتخوف الجزائر من انفلات الوضع الأمني بالمنطقة على الرغم من تطمينات الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته الأخيرة إلى مالي التي دعا فيها الرئيس المالي ومسؤولين عسكريين فرنسيين إلى تسريع اتفاقية الجزائر.
يجتمع مجلس الأمن الدولي غدا من أجل التصويت على مشروع قرار أعدته فرنسا يطبق نظامًا عامًا للعقوبات في مالي، التي تشهد اضطرابًا أمنيًا كبيرًا بين الحكومة والفصائل المسلحة.
وكانت مالي قد تقدمت خلال الشهر الماضي برسالة إلى مجلس الأمن الدولي، تنص على فرض عقوبات من قبيل حظر السفر وتجميد الأصول على بعض الأطراف.
وسيفرض اتخاذ هذا القرار من طرف مجلس الأمن الدولي وفق مصادر دبلوماسية ضرورة “تحديد الأفراد، أو الكيانات التي ستفرض عليها العقوبات “.
وعارضت دول عدة مثل روسيا نص هذا المشروع، ما طرح احتمال تأخير التصويت عليه لأسابيع.
ووفق تصريحات دبلوماسية فإن المفاوضات تسارعت لعرضه على التصويت، غدا وسيتم التصويت على النص قبل أن يعد سفراء الدول الأعضاء في المجلس لقائهم السنوي مع الاتحاد الأفريقي، في أديس أبابا.
وقال مساعد السفير الروسي بيوتر إيليتش، في تصريحات صحافية نهاية الاسبوع المنقضي، إن المقترح الفرنسي سيسرع نهاية اتفاق السلام الموقع عام 2015، مشيرًا إلى الخلافات القائمة داخل السلطة التنفيذية في مالي.
وأضاف أمام الصحافيين: “نقف دائما ضد أي نظام عقوبات، خصوصًا في هذا الوضع الخاص، حيث يطلب كل من الأطراف الموقعة على اتفاق السلام والمصالحة فرض عقوبات على الطرفين الآخرين، وعندما يطلب طرف معاقبة طرف آخر، يمكننا أن نتوقع انهيارًا لهذا الاتفاق”.
واستبعد مصدر دبلوماسي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أن يتم التصويت على مشروع القرار قبل أسابيع.
وقال السفير الأثيوبي لدى الأمم المتحدة تيكيدا آليمو، والذي يتوقع أن تؤول إليه رئاسة الهيئة العليا للأمم المتحدة شهر سبتمبر القادم، “إن المشاورات لا تزال جارية، وإن الوقت الذي ستأخذه لم يتم تحديده بعد ”
ولم تعلق أي من البعثتين المالية والفرنسية لدى الأمم المتحدة على مشروع القرار المرتقب أن يصوت عليه مجلس الأمن.
وتقف الجزائر على مقربة من تطورات الملف المالي، باعتبارها الدولة الراعية للسلام بين الماليين والفصائل المتقاتلة، ويجهل إن كان الطرف الفرنسي قد استشار الجزائر بخصوص تطبيق العقوبات على الأطراف الموقعة على اتفاق السلام الذي جرى بالجزائر في 2015 بعد جهود مضنية بذلتها الجزائر بجمع الأطراف إلى طاولة الحوار.
ويشكك بعض المراقبون بأن المبادرة الفرنسية ما هي إلا محاولة حقيقية لسحب البساط من الجزائر بخصوص ملف مالي، لاسيما وأن فرنسا موجودة عسكريًا في مالي منذ جانفي 2013
ومن المقرر أن تنعقد اللجنة الحكومية رفيعة المستوى بين الجزائر وفرنسا في طبعتها الرابعة، يوم 7 ديسمبر المقبل، بباريس، وسيقود أويحيى الوفد الجزائري في أول زيارة رسمية له لفرنسا بصفته وزيرا أولا، وينتظر أن يناقش الطرفان العديد من القضايا الأمنية، على غرار القضية المالية والليبية، خاصة بعد تصريحات ماكرون الأخيرة في مالي، عندما أكد أمام الرئيس المالي ومسؤولين عسكريين فرنسيين ضرورة تسريع اتفاقية الجزائر قائلا “أدعو من غاو إلى تفعيل وتسريع اتفاقية الجزائر حول السلام في مالي، كونها تؤمّن مالي ودول الساحل وحتى أوروبا”، وكان وزير الخارجية الفرنسي قد أشاد في العديد من التصريحات السابقة باعتباره وزيرا للدفاع الفرنسي بالدور الجزائر في حلحلة القضايا السياسية والأمنية في مالي .
ووقعت حكومة مالي وتحالف من المجموعات المسلحة اتفاق سلام في جوان 2015، برعاية الجزائر، لتوقف سنوات من القتال في الشمال أفضت إلى سيطرة جماعات متطرفة على المنطقة في 2012.
وينص الاتفاق على توسيع المشاركة المحلية في الحكم، ودمج مقاتلي هذه الحركات في الجيش الوطني، وتنظيم مؤتمر عام للمصالحة خلال سنتين من توقيع الاتفاق، واعتبرت الجزائر حينها الوصول إلى التوقيع على هاتين الوثيقتين عملاً جبارًا.
ويهدد سقوط اتفاق السلام، الذي وقعته حكومة مالي وتحالف المجموعات المسلحة، بعودة المتاعب إلى حدود الجزائر الجنوبية، لذلك تسعى الجزائر الى مسابقة الزمن لحل الأزمة في مالي، والتي تشكل تهديدًا أمنيًا خطيرًا على الأمن والاستقرار الداخلي.
وتعاني الجزائر من حدود ملتهبة مع عدد كبير من دول الجوار التي تربطها بها الحدود لاسيما مع مالي والنيجر، وليبيا إضافة إلى تهديدات تنظيم داعش الإرهابي وتنظيم القاعدة.
عبد الرحمان بن شريط خبير العلاقات الدولية
الجزائر تريد أن تدفع فرنسا لإيجاد حل سلمي
كشف الدكتور عبد الرحمان بن شريط ، خبير العلاقات الدولية أن الجزائر وفرنسا سبق لهما وأن اتفقا على ضرورة إيجاد حل سلمي في النزاع المالي، وذلك في عديد المرات منذ أن قبلت الجزائر بفتح أجوائها للطائرات الفرنسية للمرور الى شمال مالي .
وأضاف الخبير أن فرنسا تدرك جيدا الموقف الجزائري من الملف ،وتدري بالتعقيدات الموجودة على الأرض بين الأطراف ،لذلك فان إيجاد حل شامل أمر عسير تطبيقه ، خاصة مع تواجد القوات الفرنسية في شمال مالي ، الذي أثار حفيظة الجماعات المتطرفة و عقد من تطور اتفاق الجزائر.
التي لا يمكنها أن تبقى بعيدة عن الملف المالي، وتريد من جهة ثانية أن تدفع بفرنسا لإيجاد حل سلمي في المنطقة يجنبها الانفلات الأمني.
رفيقة معريش