طرحت مسألة إمكانية توجه الحكومة نحو فرض ارتداء الكمامات الطبية، كإجراء وقائي لرفع الحجر والحد من تفشي فيروس “كورونا” خصوصا بعدما تم بالفعل تطبيق هذا الإجراء من قبل بعض الولاة، إشكالية عدم توفر هذه الكمامات بالعدد الكافي، إضافة إلى ارتفاع أسعارها، خصوصا وأن الفرد الواحد سيضطر إلى استعمال العشرات منها أو المئات، هذا في الوقت الذي تعاني فيه العديد من العائلات تراجعا في المداخيل بسبب توقف أفرادها عن العمل بسبب الحجر، ما يجعل اقتناءها بمثابة “ضريبة” تضاف إلى الأتعاب المادية لهذه الأسر، وهو الوضع الذي قد تجد فيه الحكومة نفسها مضطرة إلى توفير الكمامات بـ”المجان” أو أن تدفع بالمجتمع المدني من جمعيات ومنظمات وهلال أحمر وكشافة إسلامية إلى لعب دور أكبر من خلال الحملات التطوعية لإنتاج الكمامات و توزيعها، لكن حتى هذا الحل قد يطرح تساؤلا إن كانت كمامات “ورشات الخياطة” تضمن بالفعل الوقاية من الفيروس أم أنه وجب تعقيمها.
خياطي: “الكمامات مهما كان نوعها فهي ستساعد على تقليل انتشار الفيروس”
قال رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث مصطفى خياطي في تصريح لـ”الجزائر”، أن “الكمامات مهما كان نوعها فهي تساعد على التقليل من الإصابات وتقليل من انتشار لعدوى”، وأضاف أن فيروس “كورونا” له قطر يساوي 120 نانومتر، وهو ذو قطر كبير مقارنة بعدد من الفيروسات الأخرى، ما يجعل من وضع الكمامات عامل يساعد على تقليل نسبة خطورة الإصابة به، خاصة إذا كان نوع النسيج المستعمل في صناعتها مرخص من قبل المراكز التي تمنح موافقتها، حيث قال إن هناك نوع من الأنسجة يمكن استخدامها بأمان في صناعة الكمامات، وأشار خياطي إلى أن 90 بالمائة من الكمامات الموجودة في الدول الإفريقية الأخرى تم تصنيعها محليا، وأضاف أنه “ليس من الضروري التوجه لاستيراد الكمامات، فالتي تنتج في الجزائر يمكن إخضاع أغلبها للمعايير المعمول بها”.
وفي رده على سؤال إن كانت الكمامات التي توزع في الصيدليات أو تلك التي تنتج بالورشات وجب تعقيمها، رد خياطي أن الكمامات “تصنع من نسيج واقي وهي عادة غير معقمة، لكن طبيعة النسيج الذي تصنع منه والذي من الواجب أن يتوفر على معايير محددة تجعلها كمامات واقية من الفيروس”.
ويرى خياطي أن جعل ارتداء الكمامات إجبارية، إذا ما تعميمها على جميع المواطنين، فإنه إجراء يندرج في إطار “الوقاية التي ينصح بها الأطباء والخبراء، وهو ليس خاص بالجزائر فقط، بل بأغلب دول العالم”، وأضاف خياطي أنه بالنسبة للجزائر التي سجل بها عدد أقل بكثير من العديد من الدول فيما يخص الإصابات، فإن هذا الاجراء في غاية الأهمية لأنه سوف يساعد على تقليص الإصابات والقضاء على الوباء خلال أسابيع.
زبدي: “على المواطن أن يبادر أيضا بصنع الكمامات.. والتقليدية تفي بالغرض”
من جهته، قال رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك مصطفى زبدي، في تصريح لـ”الجزائر”، أنه “لا توجد دولة في العالم تمكنت من توفير الكمامات بالكمية الكافية لكافة مواطنيها”، وأضاف أن المواطن يمكن له المشاركة في صناعة الكمامات لحماية نفسه وعائلته ولا ينتظر حتى تقوم الحكومة بذلك، فهنا المحافظة على صحة الفرد هي أيضا مسؤوليته، وأشار إلى أن الجميع بما فيهم الخبراء أكدوا أن الكمامات التقليدية تفي بالغرض، فهي تمنع العدوى ومن يضعها يحمي نفسه وغيره من انتقال العدوى، واعتبر زبدي أن إلزام المواطنين بارتداء الكمامات إذا تم فعلا “سيقلص من عدد الإصابات بشكل كبير”.
وعن النقص الكبير للكمامات في الصيدليات، قال زبدي إن “الأمر صحيح هناك نقص في هذه المستلزمات، لكن يمكن للمواطن أن يصنعها بنفسه بمنزله، فالحفاظ على الصحة تستلزم على الفرد تدبر أمره بنفسه”.
وبخصوص فرض غرامات مالية على المخالفين لإجراء وضع الكمامات والذي قاد نادى به، قال زبدي إنه “ضد فرض غرامة كبيرة من أول مرة يخالف فيها المواطن لإجراءات الوقاية، إنما تفرض أول مرة غرامة تحذيرية، وإذا كرر بعدها المخالفة تفرض عليه غرامة عقابية، وذلك حتى نعطي الفرصة لجميع المواطنين فالبعض قد ينسى، أو قد لا تصله المعلومة، أما عند تكرر المخالفات فهذا لا يكون عن نسيان أو عدم معرفة بالإجراء بل عن قصد وهنا يوجب فرض غرامة عقابية”.
زكي حريز: “الحكومة مطالبة بتوفير الكمامات للمواطنين وبأسعار لا تتعدى 30 دينارا”
من جانبه، قال رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين زكي حريز، في تصريح لـ”الجزائر”، أن الحكومة “مطالبة بتوفير الكمامات للمواطنين بالكميات الكافية ولكن أيضا بأسعار معقولة”، وقال إنه “يمكن توفير مئات الألاف من الكمامات عن طريق مصانع النسيج عبر الوطني والتي إذا ما تم استغلالها بالشكل المطلوب فسيتم التخلص حتى من استيراد هذه المستلزمات”، ويرى حريز أن سعر الكمامات إذا أصبح وضعها إلزاميا فلا يجب أن تتجاوز سعرها 30 دينار حتى تكون في متناول جميع فئات المجتمع، واعتبر أن قرار إجبارية وضعها من شأنه أن يساهم في تقليص عدد الإصابات بفيروس “كورونا”، كما قال إن المواطن “مطالب بالإلتزام بجميع إجراءات الوقاية، وأن السلطات من حقها اتخاد إجراءات عقابية ضد المخالفين والمستهترين بالصحة العمومية”، وتابع أن “الكرة اليوم في ملعب الحكومة والشعب سويا، فالحكومة مطالبة بتوفير الكمامات ومستلزمات الوقاية والشعب مطالب بالالتزام التام بالإجراءات والتدابير التي تتخدها الحكومة”.
وعن مدى الوقاية والحماية التي توفرها الكمامات المصنوعة من أنواع الاقمشة، قال حريز إن هذه الكمامات، وإن كانت لا تقدم حماية بنسبة 100 بالمائة، لكنها تحمي من انتقال العدوى بنسبة 70 الى 80 بالمائة، وارتداؤها مهم للغاية لمنع انتشار العدوى.
حمزاوي: “الكشافة الإسلامية الجزائرية توفر الآلاف من الكمامات وتوزعها مجانا”
من جهته، قال القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية، حمزاوي عبد الرحمن، في تصريح لـ”الجزائر”، إن الكشافة الإسلامية “اقترحت على الحكومة فيما سبق جعل ارتداء الكمامات إجباريا على المواطنين نظرا للوضع الوبائي”، وأكد أن الكمامات “متوفرة في عدد كبير من الصيدليات وأن العائلات بإمكانها اقتناءها من تلك الصيدليات أما العائلات التي لا تستطيع شراءها نظرا لظروفها المعيشية الصعبة خصوصا مع الحجر الصحي وتراجع مداخيل بعض العائلات، فهنا يجب على الجمعيات والمجتمع المدني بصفة عامة أن يلعب دوره في توفير الكمامات لهذه الفئة، وتوزيعها عليها مجانا”.
وأشار حمزاوي إلى أن الكشافة الإسلامية الجزائرية والتي هي جزء من هذا المجتمع المدني، باشرت منذ بدأ انتشار الوباء بتوزيع الكمامات في الأسواق وعلى العائلات وهي الكمامات التي تتحصل عليها من محسنين أو التي يقوم أعضاءها بتصنيعها في الورشات التابعة للكشافة، وتابع أن الظرف الذي نعيشه “يستوجب أن تتوفر الكمامات في كل المتاجر والصيدليات، ولا بد من توفيرها بالمجان لمن لا يستطيع اقتناءها”.
وأضاف المتحدث أن الكشافة الإسلامية “تقوم بتصنيع في العاصمة لوحدها 10 آلاف كمامة أسبوعيا، إضافة إلى الورشات التابعة لها الموجودة في 25 ولاية والتي تقوم بتصنيعها وتوزيعها بصفة مستمرة”، مؤكدا أنها كمامات منتجة محليا بإمكانات محلية ويتم تعقيمها داخل تلك الورشات بمواد معقمة.
رزيقة.خ