تتزايد المخاوف مما هو منتظر خلال الأشهر القادمة في ظل استمرار تهاوي سعر برميل الذهب الأسود، في الأسواق العالمية جراء الانتشار الواسع لفيروس “كورونا” في العالم، وفي ظل التراجع المخيف لاحتياطي الصرف بالبنك المركزي، ما يجعل حكومة جراد في مأزق يتعلق بكيفية تسيير المرحلة القادمة، وسط تزايد النفقات مقابل التراجع الكبير في المداخيل المرتبطة بالأساس بالمحروقات، وهو ما يطرح تساؤلات إن كانت هذه الحكومة ستلجأ إلى إجراءات احترازية جديدة خلال قانون المالية التكميلي بعد أن انخفض سعر برميل النفط تحت سقف 50 دولار السعر الذي اعتمد كمرجع في تحديد قانون المالية 2020.
تعرف أسعار النفط في السوق العالمية تراجعا لم تشهده منذ عشرات سنوات، حيث سجل سعر برميل النفط أمس الأحد، رقما قياسيا 45.53 دولار، بعد أن كان أول أمس 47 دولار للبرميل، و48 دولار يوم الجمعة، ومن المتوقع أن يستمر هذا الانهيار خلال الأيام القادمة في ظل استمرار تفشي فيروس “كورونا”، وبعد فشل منظمة “الأوبك” و حلفاؤها من خارج المنظمة للوصول إلى اتفاق بتخفيض جديد للإنتاج لدعم الأسعار، بعد أن رفضت موسكو تأييد الدعوة لتخفيضات إضافية لإنتاج النفط مقابل موافقة فحسب على تمديد التخفيضات الحالية التي تنفذها منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” وحلفاؤها.
ومع هذا الوضع العالمي تتزايد المخاوف في الجزائر مما هو منتظر ومن المستقبل المجهول ومن الوضعية الاقتصادية التي سوف تعرفها البلاد خلال الأسابيع والأشهر القادمة، فالبلاد تعيش أزمة اقتصادية منذ أزيد من 5 سنوات، وهي تزداد تفاقما يوما بعد يوم نتيجة تراجع المداخيل والنزيف الكبير في العملة الصعبة، غير أنه اليوم وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي العالمي، فالوضعية أصبحت حرجة للغاية، وهو ما يضع حكومة الوزير الأول عبد العزيز جراد في مأزق كبير يتعلق بكيفية تسيير المرحلة القادمة، فالجزائر تعتمد على المحروقات في تحقيق إيراداتها المالية الرئيسية، وحتى أن الحكومة السابقة التي سنت قانون المالية 2020 توقعت ارتفاع مداخيل صادرات المحروقات سنة 2020 بـ2 بالمائة مقارنة بـ 2019 لتصل المداخيل حسبها إلى 35.2 مليار دولار، غير أن الأمر يبدو أنه لن يتحقق، كما أنها حددت السعر المرجعي الذي على أساسه تمت صياغة قانون المالية 2020 بـ50 دولار للبرميل، لكن وبتراجع هذا السعر في السوق العالمية إلى 45 مليون دولار حاليا، سيزيد تراجع مداخيل البلاد بدلا من ارتفاعها حسب توقعات الحكومة السابقة، وبالتالي ستواجه حكومة جراد تحديا كبيرا، والتساؤل المطروح هو كيف ستتمكن الحكومة من التعامل مع وضع صعب كالذي نعيشه ؟، وكيف سيتم تسيير القطاعات في ظل شح المداخيل ؟؟، وهل ستلجأ خلال قانون المالية التكميلي إلى وضع إجراءات “استعجالية” لحلحلة الوضعية “المتأزمة”، وهل بإمكانها إيجاد حلول قابلة للتطبيق من شأنها حماية الاقتصاد الوطني من “صدمة عنيفة” جراء هذا التراجع الكبير لسعر النفط وتراجع معه مداخيل البلاد.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية، في تصريح لـ”الجزائر”، أمس، إن الوضع “خطير”، والمؤشرات كلها تؤكد ذلك، فما يتم حاليا هو “استهلاك للمدخرات، في الوقت التي تشهد فيه المداخيل تراجعا كبيرا، و تزايدا في عجز ميزانية الدولة”، وهو ما يوحي حسب الخبير الاقتصادي بمستقبل “غامض”، خصوصا وأن حكومة عبد العزيز جراد لحد الآن –يقول المتحدث ذاته- “لم تقدم أي خطوات تثبت قدرتها الفعلية على مواجهة الأزمات الاقتصادية”.
وفي رده على سؤال حول الإجراءات التي يمكن أن تتخذ لمواجهة هذا الوضع، وإن كانت هناك حلول قادرة على تخفيف “الصدمة” على الاقتصاد الوطني، قال عية، إنه “وجب على الحكومة اليوم تعويض الجبائية البترولية بالجباية العادية، ويتم هذا عن طريق تغيير النظام الضريبي، ورفع الظلم الإداري والضريبي، وإدخال التعديلات والإصلاحات على قطاع المالية”، و أضاف الخبير الاقتصادي أنه في الجزائر “للأسف الشديد، تحولت الجباية البترولية التي كان من المفروض أن تكون جباية ثانوية إلى جباية عادية، في حين أن الجباية العادية والتي هي الأصل والمصدر الحقيقي للموارد والمتمثلة في التحصيل الضريبي جباية ثانوية”.
رزيقة. خ
الرئيسية / الاقتصاد / انهيار أسعار النفط وتفشي "كورونا" يضعانها بين المطرقة والسندان:
مرحلة صعبة في انتظار حكومة جراد
مرحلة صعبة في انتظار حكومة جراد
انهيار أسعار النفط وتفشي "كورونا" يضعانها بين المطرقة والسندان:
الوسومmain_post