يراهن الجميع على الفلاحة باعتبارها قطاعا استراتيجيا ومحركا قويا للإقتصاد والتنمية، إضافة إلى كونها العامل الرئيسي لضمان الأمن الغذائي، لاسيما في ظل الظروف الدولية الحالية المرتبطة بأزمة الغذاء العالمية، في وقت يؤكد خبراء أن هذا الوضع عزز لدى الجزائر الفكر الحمائي للمنتوج الوطني وجعلها تضع مخططا استعجاليا لتطوير الشعب الإستراتيجية.
يجري اليوم اهتمام جزائري كبير بتطوير الشعب الإستراتيجية في القطاع الفلاحي، وهي التي تعد حجر الأساس للوصول إلى الاكتفاء الذاتي والتخلص من التبعية للخارج في مجال الغذاء، وقد اتخذت سابقا إجراءات وتدابير تصب في هذا الإطار، لكن اليوم زاد هذا الاهتمام بالنظر للظروف والأوضاع التي يمر بها العالم، والتي تحتم على الدول التوجه نحو ضمان أمنهم الغذائي مثلما هو الحال مع ضمان أمنهم الشامل، حتى لا يبقوا رهائن للتغيرات والتقلبات الدولية ولتقلبات الأسعار في الأسواق الدولية.
والجزائر بدورها ضمن هذه الدول التي توجهت نحو هذا المسعى مؤخرا وبقوة، من خلال العديد من الإجراءات والتدابير التحفيزية لصالح الفلاحين لاسيما منهم من ينشطون في الشعب الحساسة والإستراتيجية ومنها شعب الحبوب واللحوم البيضاء والحمراء والبطاطا والحليب وبعض الشعب التي تدعم الصناعات التحويلية الغذائية.
حيث تم إعادة توجيه الدعم نحو شعب الإنتاج الفلاحي ذات الأهمية الإستراتيجية من مكانتها في النظام الغذائي المحلي، كما تم تقديم الدعم الموجه نحو قنوات التجميع وسلاسل الإمدادات للشعب المختلفة كالحبوب، الحليب، البطاطس، الطماطم الصناعية، البذور والشتائل.
ولتشجيع الفلاحين، عملت الدولة أيضا على تأمين دخلهم وتثبيت استقرارها وحماية المستهلكين من خلال دعم إجراءات الضبط للشعب ذات القاعدة الاستهلاكية العريضة، كما تم التكفل باحتياجات الدعم والمرافقة لصغار الفلاحين ومربي الماشية من خلال برامج التجديد الريفي.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الإقتصادي، هواري تيغرسي إن “الأحداث العالمية الأخيرة ومنها الحرب في أوكرانيا عزز الفكر الحمائي بالنسبة للعديد من المنتجات الوطنية، وذلك بعد تسجيل أسعار مرتفعة في الأسواق العالمية”، وهذا ما دفع بالجزائر -حسب تيغرسي- للتوجه نحو الدعم المباشر للإنتاج الفلاحي من خلال دعم المواد الأساسية كالحبوب واللحوم والبطاطا وغيرها.
وأشار تيغرسي في تصريح لـ”الجزائر” إلى دعم الدولة للفلاحين ورفع سعر شراء الحبوب منهم، بهدف دعم المنتوج الفلاحي الوطني، إضافة إلى ما جاء به قانون المالية التكميلي لسنة 2022، بخصوص مساندة الفلاحين والمربيين والمهنيين من خلال إلغاء بعض الضرائب.
غير أنه طرح إشكالية التخزين بالنسبة للحبوب خاصة في المناطق السهبية، وهو ما يشكل عائقا كبيرا -حسبه- في استغلال الإحتياطي الموجود في الجزائر.
واقترح المتحدث للقضاء على هذه الإشكالية، خلق شراكة بين القطاع العمومي والخاص في ميدان التخزين على اعتبار أن للقطاع الخاص إمكانيات كبيرة في هذا المجال، بشرط أن تكون هناك استثمارات عمومية في التخزين.
كما أشار تيغرسي إلى الجهود المبذولة من طرف الدولة لدعم الشعب الأخرى، مثل شعبة اللحوم، غير أنه يرى بقاء مشكل ارتفاع أسعار الأعلاف، ما يؤثر لا محالة على المربيين ومن ثمة على الإنتاج الوطني.
وبخصوص الشعب الأخرى كالطماطم الموجه للصناعة، اعتبر المتحدث أن “هناك إنتاج وطني وفير جدا، لكن لا يستغل بالطريقة المثلى”، مرجعا ذلك إلى إشكالية التسويق والتصدير، وشدد على أهمية وضع قوانين لتشجيع الصناعات التحويلية لمختلف المنتجات التي تعرف وفرة في الإنتاج على غرار الطماطم والبطاطا خلال بعض المواسم، وكذا بعض الفواكه.
وأشار إلى أن انخفاض أسعار هذه المنتجات بشكل كبير يؤدي إلى هدرها من قبل بعض المنتجين وهو ما يعد خسارة كبيرة للإقتصاد الوطني.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، أحمد طرطار إن “شعب الحبوب والحليب والبطاطا والطماطم الموجهة لتصنيع واللحوم هي الشعب الإستراتيجية والمنتجات الأكثر طلبا، ما يتطلب ضرورة توفيرها بكميات كبيرة، وهو ما يعني ضرورة الرفع من الإنتاج عن طريق تطوير هذه الشعب”.
وأضاف طرطار في حديث مع “الجزائر” إنه “بالنظر لهذه الحاجة الكبيرة تعمل دائما الدولة على البحث عن سبل تطويرها وبالتالي توفريها للمستهلك المحلي وتصدير الفائض”.
وأكد الخبير الإقتصادي ذاته أن “الدولة تسعى بشكل جدي للوصول إلى الاكتفاء الذاتي في هذه المنتجات الإستراتيجية، لاسيما أن منها ما يعتبر أيضا مادة أولية للكثير من الصناعات التحويلية، إضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات الفلاحية فالهدف الثاني هو تطوير الصناعات التحويلية الغذائية”.
ويرى أن تشجيع تطوير هذه الشعب يكون بإعطاء التحفيزات والدعم الكافي للفلاحين لاسيما المختصين في هذه الشعب ومرافقتهم وتوفير السيولة المالية من خلال تسهيلات الحصول عليها من البنوك والمؤسسات المالية، وتيسير عملية جني وتخزين هذه المنتجات من خلال توفير أماكن التخزين والتبريد.
رزيقة.خ
الرئيسية / الاقتصاد / بعد الإجراءات التحفيزية المتخذة يتم انتظار قرارات جديدة:
مساع حثيثة لتطوير الشعب الفلاحية الإستراتيجية
مساع حثيثة لتطوير الشعب الفلاحية الإستراتيجية
بعد الإجراءات التحفيزية المتخذة يتم انتظار قرارات جديدة:
الوسومmain_post