تتجه كل من الجزائر وتركيا إلى تعزيز علاقتاهما الثنائية أكثر فأكثر ورفع من مستوى التنسيق في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، وفي مختلف القضايا خاصة منها القضايا الإقليمية وفي مقدمتها الملف الليبي، وسيتم الاتفاق على تفاصيل هذا التعاون والتنسيق بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان التي سوف يقوم بها قريبا للجزائر بعد الدعوة التي تلقاها من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون والتي رحبت بها أنقرة على الفور، وهي الزيارة التي ستكون محل أنظار العديد من الأطراف الدولية خاصة وأن الأزمة الليبية ستكون أبرز الملفات التي سوف يتطرق إليها الرئيسان ، وكل موقف سوف يتخذ سيكون له بالغ التأثير على باقي الأطراف ذات الصلة بهذه الأزمة.
يرى العديد من المحللين أن العلاقات بين البلدين كانت منذ فترة التسعيينات علاقات “قوية”، كون تركيا من بين البلدان القلائل التي وقفت إلى جانب الجزائر أثناء العشرية السوداء، وزادت قوتها في السنوات الماضية، وهي علاقات نموذجية ومتوازنة، وفي هذا السياق يقول أستاذ العلاقات الدولية و رئيس تحرير المجلة الإفريقية للعلوم السياسية بشير شايب، في تصريح لـ”الجزائر”، أن العلاقات الجزائرية التركية “نموذجية جدا وهي علاقات متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل وقد وقع البلدان في سنة 2014 اتفاقية لتزويد تركيا بالغاز الجزائري لمدة 10 سنوات مع إمكانية رفع الكميات المصدرة بنسبة 50/100 كما أن الاستثمارات التركية في الجزائر مهمة جدا في ميادين البنى التحتية والمنشآت الفنية وقطاع البناء”.
أما عن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للجزائر فيرى الخبير في العلاقات الدولية، أنها تدخل في إطار التشاور والتنسيق حول الملف الليبي خاصة وقد تم الترويج للاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية على أنها اتفاقية تعطي حق تدخل قوات تركية إلى طرابلس وهو الأمر الذي رأى فيه الكثير من المتابعين خطوة قد تدفع إلى حرب شاملة تمتد آثارها إلى كل دول الجوار، وعطفا على نفس الزيارة المرتقبة للرئيس التركي للجزائر وجب التذكير-يقول شايب- أن تركيا لم يتبقى لها غير الجزائر كشريك سياسي واقتصادي موثوق في ظل تأزم علاقاتها الخليجية والمصرية إثر أزمة قطر والإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي وهو الأمر الذي جعل مواقف تلك الدول تتصادم والموقف التركي في العديد من ملفات المنطقة بدء من سوريا والعراق إلى اليمن والسودان وقطر وليبيا، وعليه-يضيف المتحدث ذاته- فمن المتوقع في حال نجاح محادثات الرئيسين تبون- اردوغان أن تعدل تركيا عن تدخلها العسكري في ليبيا والاكتفاء بإرسال خبراء ومدربين ومستشارين هذا إذا تمكنت جهود الوساطة من الوصول إلى وقف لإطلاق النار بين قوات المشير حفتر وقوات المجلس الانتقالي دون الوصول إلى معركة في طرابلس والتي ستكون وبالا على المدنيين، ويرى الخبير في العلاقات الدولية إن الجهد المستقبلي سينصب على “وقف إطلاق النار في ليبيا وبدء مسارات سياسية بضمانات دولية”.
من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الدراسات الإستراتيجية عامر مصباح في تصريح لـ”الجزائر”، أن العلاقات الجزائرية التركية “علاقات جد وثيقة منذ تسعينات القرن الماضي و قد وقفت تركيا مع الجزائر في أصعب ظروفها، وتركيا اليوم تريد تعميق هذه العلاقات أكثر، خصوصا مع التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة الدولية، سيما ما تعلق بالملف الليبي”، ويقول عامر مصباح أن الجزائر كانت غائبة منذ فترة عن الساحة الدولية واليوم بدأت تتحرك دبلوماسيتها وأكدت من خلال تصريحات المسؤولين أنها-أي الجزائر- سيكون لها دور في ليبيا، وقد بدأت الجزائر فعليا في التحرك، والبداية كانت بالتدخل الإنساني-المساعدات الإنسانية للشعب الليبي- و الآن في الجانب الأمني بلقائها مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، وكذا مع الطرف الأقوى الداعم لهذه الحكومة وهو الجانب التركي.
فالجزائر-حسب الأستاذ في العلاقات الدولية- ستتعاون أكثر مع تركيا في الملف الليبي وكل طرف سيبحث عن تحقيق مصالحه، إلا أن هناك نقطة مشتركة بين الطرفين وهي دعم كلاهما لحكومة الوفاق والعمل على احتواء المد الذي يمثله اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من دول عدة.
ويقول المتحدث ذاته، أن زيارة الرئيس التركي المرتقبة قريبا للجزائر لن تقتصر على التباحث في الملف الليبي رغم أنه سيكون أبرز ما سيتم التطرق إليه من ملفات، لكن سيكون للجانب الاقتصادي حيز في هذه الزيارة ، وقال المتحدث ذاته، إنه وجب على الجزائر “أن تفعل دبلوماسيتها أكثر وأن لا تكتفي بالدور الإنساني ووجب أن تنتقل إلى تدريب وتكوين قوات الجيش التابعة لحكومة الوفاق”.
رزيقة. خ