الإثنين , سبتمبر 30 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة الفنان التشكيلي مصطفى بوسنة: الفنان محمد اسياخم… ذاكرة الحريق

مساهمة الفنان التشكيلي مصطفى بوسنة: الفنان محمد اسياخم… ذاكرة الحريق

قبل عام 1943 كانت حياة الفنان الجزائري محمد إسياخم روتينة عادية، وربما مجردة من أى ملامح تبشر بالإبداع، إلا أن جنون الطفولة كان له رأى آخر، في تغيير مجرى حياة الطفل الصغير.

فالمغامرة هى التى دفعت محمد إسياخم للقيام بجلب قنبلة من أحد معسكرات الجيش الفرنسى، ذهب بها إلى منزله، لتحدث المأساة، وليبقى لهذا الحادث ذكرى أبدية لم ينساها محمد إسياخم وحده، بل ظلت فى الذاكرة الوطنية الجزائرية، وكذلك الإنسانية، ولكل عشاق الفنون التشكيلية.

فما حدث هو أن القنبلة التى سرقها محمد إسياخم انفجرت فقتلت شقيقتيه وأدت لإصابته إصابة خطيرة، أجبرت الأطباء فى المستشفى على بتر ذراعه اليسرى.

كان هذا الحادث هو أول ما جعل محمد إسياخم يتجه للريشة، ليخرج ما بدخله، وليصبح فيما بعد أحد مؤسسى الفن التشكيلي الحديث في الجزائر.

ثمة ارتباط شديد بين حياة الفنان التي عاشها وبين الفن الذي امتهنه، فقد عانى كثيرًا في بداياته، في مواجهة ذاته وذاكرته المليئة بالمصائب والموت، انطلاقًا من مولده في حي شعبي قديم باحدى قرى الجزائر العميقة، مرورًا بمعايشته الحروب والمجاعات والطاعون الذي أتى على أرواح الآلاف من الجزائريين.

لوحات محمد إسياخم تحيلنا مباشرة إلى تجربته المريرة مع القهر والدمار، ولاشك أن لوحته “ماسح الأحذية” كانت تجسيداً لطموح الجزائر المقهورة في الانعتاق، وممارسة حقها في الحياة والفرح، فيما كانت لوحتاه “الأرملة” و”الصبية” يلمحان إلى حرمانه من براءة الطفولة، ودفء العائلة، ليعيش أقصى درجات اليتم والعزلة، لذلك فقد كان إلحاحه كبيرا على موضوعات: الأمومة، الطفولة، والمرأة بألمها وجمالها.

هذا المبدع كان يرسم الأشياء بألم وعذاب، وكان صاحب فلسفة غريبة، ويعتبر تعاطيه للفن قدرًا ومحنة كبرى، أفظع من محنته بذراعه المبتورة”.

اسياخم على مدار تجربته الفنية، كان يستمد جماليته من المرعب، ويتغنى بالموت لأنه يحمل في أعماقه سر الحياة، ويحتفل أيما احتفال باللونين: الأزرق والبني بوصفهما لونين يؤكدان على انشغال متعب للحس والخيال، وللذاكرة التي شكلت المعين الأول لمضامين هذا الفنان

من خلال الإبداع كان اسياخم يعبر عن آلامه وذكرياته المليئة بالموت و الدمار، ومن خلال لوحاته كان ينقل معاناة الشعب الجزائري، لذلك كانت أعماله ذات بعد تعبيري تراجيدي

كان يقول عن أسلوبه الفني أنه الإحساس بحرارة الروح وكرامتها، إنه يخفف القلق ويصنع العدالة إنه يجعل الإنسان أكبر من الأشياء التافهة والحقيرة .. أحببت العزلة، و أحببت في العزلة كيف أكره كل ما يجرح الحق و الصواب…إذا كنت أساوي شيئا اليوم، فإن ذلك تحقق لأنني وحيد”.

.وعن أسلوبه فهو يراهن على غنائية التجريد، والعناصر ذات الإيحاءات المستمدة من الذاكرة التراثية الشعبية، كما يعتمد على توزيع العناصر التي تكسر تكوين اللوحة إلى كتل ومساحات لها مدلولها النفسي والفلسفي.

وفي حوار سأله المحاور: ماذا يمثل الفن في حياتك؟.. فأجاب: سؤالك غاية في الحساسية، بالنسبة لي الفن لا يعني شيئا، سأحاول أن أوضح لك لماذا.. البعض من الفنانين يدّعون أنهم يرسمون لأن ذلك يستهويهم، بينما أنا لا أرسم لأنني أرغب في ذلك.. الرسم يؤلمني، إنني أتعذب فيما أرسم، قد يكون ذلك نوعا من “المازوشية”.. أنا فنان أو على الأقل هناك من يعتبرني فنانا، وإن كان ذلك محل شك، لأنني لا أعرف معنى أن أكون فنانا، الفن في نظري كلمة فضفاضة وواسعة. لنفرض أنني أرسم، لماذا أفعل ذلك! إن هذا يستدعي التساؤل حقا، أنا لم أجيء إلى الفن مثل الفنانين الفرنسيين، الإسبان والإيطاليين، أولئك يذهبون إلى الرسم بكل عفوية وبساطة، فلهم معالمهم وتقاليدهم الفنية، ومعظمهم نشأوا في بيئات مثقفة، وترعرعوا في الموسيقى والمسرح والفن.. هل تفهم ذلك؟.. أما فيما يتعلق بي، فأنا أعتبر الرسم أكبر صدمة في حياتي، قد تكون أفظع من الصدمة التي أدت إلى بتر ذراعي

أباؤنا لم يتركوا لنا حرية الإبداع، ولم يضعوا في متناولنا أقلام التلوين والفراشي وألوان “القواش”، وعندما كنا نقوم بالرسم في البيت العائلي كان الأب يصرخ فينا “ما هذا!” ويعاقبنا بالضرب، لأن الرسم لم يكن يعني له سوى تبديد الوقت، لقد حرمنا الرسم منذ نعومة طفولتنا، لذلك لا أستطيع أن أجيبك إن كنت أحب الرسم أم لا. ثم إنني لا أعلم إن كان الرسم شيئا يستحق الحب، الرسم في ظني غريزة وقدر..

اسياخم من رواد الحركة التجريدية في العصر الحديث، وعضو في الاتحاد الوطني الجزائري للفنون التشكيلية. وفي سيرته المهنية اتخذ من الريشة والعملة الورقية واللوحة وسيلة لإيصال فكره ومبتغاه..

– ألف كتاب “35 سنة في جهنم”، وعرض فيه ملامح من تجربته الفنية والإنسانية.

– توفي إيسياخم عام 1985، بعد صراع مع مرض السرطان.

– حاز الفنان الجزائري الراحل على الكثير من الجوائز التقديرية؛ كان أبرزها جائزة الأسد الذهبي في روما عام 1980.

درس على يد الفنان محمد راسم،.. عرض أعماله بباريس عام 1951م في قاعة “أندريه موريس”، لينضمّ بعدها إلى طلبة المدرسة العليا للفنون الجميلة بباريس، ليصبح أستاذا بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالجزائر… ساهم في إنشاء اتحاد الفنانين، ابتكر نماذج

لمحة تعريفية: الفنان مصطفى بوسنة رسام هونحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة  الريشة على  يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفى عيدود ودينيس ما رتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفى بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج  الجزائر. وقد أقام معرضا لآخر اعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي  بالجزائر العاصمة.

الفنان التشكيلي مصطفى بوسنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super