الفنان التشكيلي جمال كاحلي عاشق للعلامات المحفورة على صدر الحجارة، وهو يقر أن الكنز الذي لم نجد به على الأغيار واستأثرنا به لأنفسنا فلم نشرك به أحدا لا يتحول هبة خطرة أو لقمة مسمومة فحسب ولكنه ينقلب بلاء أسو أ من الوباء..
الفنان جمال كاحلي يقاسمنا كنو زه عبر إبداعاته، فهو يؤمن بأن السر لا ينكفئ حول نفسه ليصير سرا إذا لم ينتحل من المجهول طلسمه إذا لم نعرف في البحر كنزه الضائع، إذا لم ينقلب ليولد في بطن الضد لأن دائرة البهاء لا تكتمل ولا تتلاءم ولا تحكم الطوق حول نفسها إلا باستعادة الكنز المفقود في الضد..
يعاشر صديقنا الفنان بحر منطقة القالة بشرق الجزائر متسائلا، أيهاجم الموج الشطآن ليقو ل لنا سرا، أم لينتزع من صخور الشطآن كنزا، يتأمل حجرا يومض بإغراء تحت أشعة الشمس وآخر معتم و لكنه يوحي بجمال خفي وكأنه يحضن سرا كأنه كنز تحت قناع صارم كئيب، لا ليست هذه أنو اع الحجارة التي يتأملها،هناك حجارة أخرى تخفي سرا أكبر من الكنز، و أكثر إجلالا من الجمال.. هناك الحجارة السرية التي تخفي الله..
يستلهم العلامة المحفورة على صدر الصخر كإشارة مجسمة في كهوف نحتتها الرياح في شواطئ القالة.. كأنه وشما مخطوطا بروح الأسلاف، إيماءة خفية مجبولة بلهفة أهل البحر على الحياة والبقاء، تميمة منحوتة على لحمة الحجر تقي شر الانقراض والفناء أعجوبة خرجت من متاهة السكون والزوال لتقيم في محراب الزمان، لتتبدل معه في خلو ده و سيرورته وغدره و باطله، يراقب أثر نبات بحري حجره الريح، كطلسم سحري يرسمه هو الممسوس بهمسات المو ج وحتى اذا كانت أعشاب البحر بريئة من صنع الأثر الخفي فإن الرموز الغامضة رسمت ببراعة لا يتقنها إلا دراويش من فئة المخلوق الممسوس.
أعماله الأخيرة تنقل لنا حجارته السعيدة بالبعث والحياة وهي التي كانت شقية لأنها تتحدث بلغة بكماء لا يفهمها الناس..وكان هو شقيا ايضا لأنه لا يستطيع أن يجعل الناس تفهم لغة الحجارة، هو الذي لم يخجل في أن يستمع إليها بشغف العشاق لم يخجل أن يخاطبها بلغة العشاق أيضا.. لم يخجل أن يقبل الحجارة العجيبة التي تنقل له خطابات ويتلقى منها ايحاءات كونية..
تهمس له الحجارة بخطابات البحر، تنقلها له مرموزة في علامات وإشارات وإيماءات لأن المحبة القديمة علمته لغة الحجر قبل ان يتعلم لغة الناس وما زال يرى أنه يستطيع أن يفهم الحجر ويتعامل مع الحجر بطريقة اسهل من فهم الناس أو التعامل مع الناس.
في أحيان أخرى يتلقى من الحجارة الأسرار العظمى، أسرار الكون، فيبدأ مناجاة حزينة قد تنتهي بالبكاء أحيانا أو الوجوم والسكينة أحيانا أخرى.
العلامة المحفورة على صدر الصخر هي إشارة مجسمة في كهوف نحتتها الرياح في شواطئ الذاكرة.. كأنه و شما مخطو طا بروح الأسلاف، إيماءة خفية مجبولة بلهفة أهل البحر على الحياة والبقاء… تميمة منحوتة على لحمة الحجر تقي شر الانقراض والفناء اعجوبة خرجت من متاهة السكون والزوال لتقيم في محراب الزمان. .لتتبدل معه في خلو ده وسيرورته وغدره و باطله…
…
لمحة تعريفية: الفنان مصطفى بوسنة رسام ونحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة الريشة على يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفى عيدود ودينيس مارتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفى بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج الجزائر. وقد أقام معرضا لآخر أعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة.
الفنان التشكيلي مصطفى بوسنة