جريدة الجزائر اليومية الجزائرية
مقالات مشابهة
حديثنا اليوم عن فنان من الذين سافروا بعيدا في عالم الخيال وعادوا بقصص يحكونها، إنه مثل السندباد أيضا بوضع ثرواته تحت تصرفنا.. إنه يعلم أن رحلات خطرة اخرى في انتظاره و هو لا يستطيع مقاومة النداء… أعمال تجعل المشاهد غالبا مندهشا ليصبح أشبه بذلك المسافر الذي قرع ذات ليلة باب قصر شبحي وإذا الباب يفتح و إذا هو يدعى إلى الدخول و يتوهج بضوء الشموع وقد تجمع الضيوف في وليمة رائعة…
حينما نتأمل إبداعات الفنان محمد كرور نستشعر أجواء صوفية روحية منبعها مشاغل وعذابات روح جميلة كأنها متسربة خلسة من قصور أسطورية فارغة إلا من حبة رمل… تأتينا بباقات زهور عجائبية لحدائق بعيدة… حدائق الأندلس و واحات طريق الحرير المفقودة.. أعمال تلامس أبعادا روحية غاية في الشفافية و الهشاشة …
يستعيد الفنان محمد كرور في لوحاته قدرة البصر على اختراق عالم الخفاء، مسحوراً بالقصص التراثية… ينحت أصواتاً لتجسد رغبته في أن يمزج الحكائي بالرائي وهما الصورتان اللتان تمكن من أن يكونهما معاً، فكان فنه نصف تجريدياً مسحوراً بقوة الأشكال.
كرور كان عميقاً في إنصاته إلى ما يتحرك في الروح التراثية من إيقاعات داخلية. و هو واحداً من أبرز أفراد جيل الشباب الذي قرر أن ينتقل بالفن التشكيلي الجزائري من إطاره المحلي إلى العالمية..، السعي إلى العالمية لم يفقد نتاجه الفني نكهته المحلية، وهي المعادلة المتوازنة التي دافع عنها من خلال اتجاهه إلى استعمال الرمز التراثي المحلي في الرسم، اختار أن يرسم بطريقة تستعيد مزيج من مهارات التراث الفني الإسلامي ..الأمازيغي و الإفريقي في ظل خيال فنان معاصر، لم تفقده لغة السوق الاستهلاكية شيئاً من أصالته.. فانفتح على مستجدات الفن التشكيلي العالمي وعلى ما هو محلي، محاولا من خلال ذلك تحقيق خصوصية تجربته كنوع من إعادة صوغ الذات وكله وعي بأن ذلك لن يتم إلا من خلال اكتشاف الآخر (التراث و الفكر الإنساني)، والوعي بقيمة الموروث التراثي، فجعل مفردات هذا التراث أساس منجزه البصري، وما ميز أعماله، ذلك التداخل والتمازج من حيث الفضاء الثلاثي والفن الحديث، فهو يواصل بذلك لعبة الاستحضار والمسح، فيقابل بين التراث والحداثة، ويجعل المتلقي يؤخذ بروح هذا التراث الذي يستبطنه العمل ولا يفشي به، فيقتصد الفنان في استحضار التراث ويسعى من خلال عمله إلى ترميزه.
وتمثل رؤية الفنان قدرته على صياغة حركة عناصره التكوينية والشكلانية للنتاج واحتلالها من عالم المخيلة الجامحة والمشاكسة إلى عالم الواقع و هي تدفع بحركة العلامات الى بث خطابات يتأولها المتلقي بما تثيره لديه من انفعالات او احاسيس ومشاعر وعواطف ترتبط بتعبيرات محددة وخاصة بكل مشاهد على انفراد.
وما ميز أعماله، ذلك التداخل والتمازج من حيث الفضاء بين التشكيل والنحت، فهو يواصل بذلك لعبة الاستحضار والمسح، فيقابل بين التراث والحداثة، ويجعل المتلقي يؤخذ بروح هذا التراث الذي يستبطنه العمل ولا يفشي به، فيقتصد الفنان في استحضار التراث ويسعى من خلال عمله إلى ترميزه.
محمد كرور من الطاقات الإبداعية الشابة الواعدة بمستقبل أجمل على المستوى الوطني وذلك لصدق بحثه وتنقيبه التشكيلي الجمالي الكثيف، الجاد والصادق.
…
لمحة تعريفية: الفنان مصطفي بوسنة رسام ونحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة الريشة على يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفي عيدود ودينيس مارتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفي بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج الجزائر.. وقد أقام معرضا لآخر أعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة.
الفنان التشكيلي مصطفي بوسنة