السبت , نوفمبر 23 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة الفنان التشكيلي مصطفي بوسنة: مقاربة تحليلية للوحتين من أعمال الفنانة فاطمة الدهمش

مساهمة الفنان التشكيلي مصطفي بوسنة: مقاربة تحليلية للوحتين من أعمال الفنانة فاطمة الدهمش

 

تطالعنا مرة أخرى الفنانة الإماراتية المقيمة بالسعودية فاطمة الدهمش بشخصياتها السريالية المتمثلة في الكائن النسائي المبتور الأطراف و الذي نراه في اللوحة الأولى.. مائلا ربما كمحاولة عبثية للطيران بأجنحة ملفقة في اسفل الظهر أحدهما مقصوص من النصف.. تحاول الطيران من دون جدوى مستدلة بنور القمر المكتمل فلا ضوء في تلك الأرض اليباب..تحوم بهذا الكائن المشوه المفتقد لوجهه و الذي ينشد الحرية و الخلاص من أرض عذبته، طيور صغيرة صفراء تحوم حول هذا الجسد المعذب ..تحوم متعجبة حائرة فلا هو من البشر و لا هو طائر… ما الذي يفعله في هذه الأرض الخالية التي مرت بها هذه الطيور في تيهها بحثا عن أوطانها…

ندرك من خلا اعمال الدهمش سمات فن يؤلف بين عالمي الواقع والحلم والعبور من أحدهما إلى الآخر فالأحلام والذكريات إضاءات للمواقع الخفية في أعماق الذات؛ وهي تتشابك وأرجاءَ الواقع الراهن…

أما في اللوحة الثانية فهي أيضا لكائن نسائي سريالي من الرمل وسط بين التمثال المتحجر و الكائن الحي..وضع على وجهه الممسوح او المسلوخ قناع نسائي خليجي كأنما ليواري ما بقي من خيال للأنوثة المستبعدة المغيبة..تدور حوله طيور صغيرة حائرة متعجبة متسائلة فيما بينها…خلفية اللوحة و كأنها عالم محروق و فارغ..عالم يشبه ما بعد إنفجار قنبلة نووية..ارض لا بيت و لا شجر فيها..كلها فراغ جحيمي احمر لا حياة فيه..

الاعتراف من الهذيانات بمختلف أنواعها حتى الأشد خيالا منها ترشدنا إلى أعماق ذاتها السحيقة… ديوان الأخيلة والصور الغريبة والمتناقضة العسيرة عن الفهم الخارجي.. وسبب هذه الغرابة أنها خلقٌ ذهنيّ خالص لا يمكن أن يتولّد من مقاربة أو مشابهة بين طرفين، بل من مقاربة بين واقعين متباعدين بنسبة أو بأخرى، وكلما كانت الصلة بين هذين الواقعين بعيدة جاءت الصورة تتكلّم وتقول ما تريد قوله متناسية ما كانت تحمله من المعاني السابقة. .. تعمل وتؤثر مستقّلةً، تتزواج فيما بينها أو تتنافر مؤلفة صوراً وكاشفةً عن واقعٍ لم يقُلْه أحدٌ بالضرورة…

 

فن فاطمة الدهمش يعد تحطيماً للقواعد وازدراءً للشكل ورفضاً للمنطق فإذا بها مجموعة من التداعيات النابعة من اللاشعور و التي قد تنمّقها أو تشوهها المقدرة الفنيّة الواعية.

فن ناشئٌ عن دافع لاشعوري يبتدع اللوحة كما يخلُق الحلم، إنها باختصار انطلاقٌ التعبير الحرّ، من أعماق النفس وتدفقه بحرية تامة مخترقاً جميع الحواجز….

لمحة تعريفية: الفنان مصطفي بوسنة رسام ونحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة  الريشة على  يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفي عيدود ودينيس مارتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفي بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج  الجزائر.. وقد أقام معرضا لآخر أعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة.

الفنان التشكيلي مصطفي بوسنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super