المسرح.. هل يمكن أن يكون مسرحا بدون جمهور، سؤال قد لا يطرح أساسا لأنه عند البعض لا يمكن تصور مسرح بدون جمهور، وهذا منذ أن عرف الانسان المسرح، فالمسرح، وغالبا ما نقصد به العرض، في حين أن كلمة مسرح هكذا مجردة تدل على البناية التي تقدم بها العروض، ويذهب بارت ومعه اخرين إلى أبعد من ذلك بحيث يقولون إن كلمة مسرح لم تكن غي البداية تدل على ما نعرفه إلىوم، فقد كان يقال مثلا مسرح الجريمة ويقصد بها المكانال وقعت فيه الجريمة، وكذا مسرح المعركة وتدل على موقع جرت فيه معركة ومسرح الاحداث الخ، من تسمية لأماكن تقع فيها اشباء ويوصف مكانها بمسرح، ولكن عرفت الاشكإلىة تطورا وتغيرا في مفهومها فبدأت التسمية تتحول من بدايات القرن الثامن عشر وأصبحنا نقول مثلا مسرحا البلدية ويقصد به تلك البناية التي تحتضن العروض والتي تتبع البلدية أو نقول مسرح المدينة ونعني به البناية التي تعرض فيها المسرحيات والموجودة في المدينة وما زلنا مثلا نقول مسرح قسنطينة أو مسرح عنابة وغيرها، وتطور المفهوم من جديد ليصبح المقصود به العروض المسرحية وحتى النصوص المكتوبة للمسرح إذ نقول مثلا المسرح الرمزي أو المسرح الاحتفالي أو الواقعي وهي يقصد بها المدرسة أو المذهب المسرحي التي يمكن أن تصنف فيه كتابات نصوص مسرحية لها نفس الانتماء الفني.
أسهبنا في الاستطراد، رغم ان سؤالنا كان هل يمكن ان يكون المسرح بدون جمهور، والواقع أن ما قلناه في الاستطراد يصب في مجري ما قصدناه فإذا كان المقصود بالمسرح البناية فقط فهو يمكن أن يكون مسرح بدون جمهور الذي لا بكون في هذه الحالة شرطا أما اذا كان المقصود به العرض المسرحي فهنا يختلف الامر اذ غالبا ما بكون الجمهور وحضوره من شروطه، لكن غي حالات قد تكون نادرة يمكن ان بكون هناك مسرح ونعني به العرض ولا يشترط فيه الجمهور وهي حالات نادرة وقد حدث ان قدمت عروض في قاعات وبدون ان يحضرها الجمهور وبقرار أما من المخرج أو المنتج وهي قليلة ونادرة، كما اسلفت الإشارة وتعد من القرارات الجنونية التي يتخذها المخرجون أو المنتجون.
وكذا يكون المسرح بلا جمهور في حالات القيام بالتدريبات على نص ما بحيث لا يمكن ان نسمي اجراء التدريبات الا بكونها مسرح ولكنها تتم في غياب الجمهور وهنا كذلك نادرا ما يسمح المخرجون أو المنتجون بحضور القليل من الجمهور للتدريبات وفي الغالب يسمح بذلك للأصدقاء من النقاد وبعض المهتمين أو من يفضل المخرج الاستعانة برأيهم، وهي كذلك حالات نادرة وحتى الوصول إلى اجراء التدريبات التسلسلية على العمل وهي التدريبات التي تسبق العرض الشرفي فانه لا يمكن سوي تسميتها بمسرح ولكون دون جمهور، إذن فان تقديم العرض المسرحي بدون جمهور ممكن رغم انه تبقي العروض المسرحية حلاوتها في حضور جمهور بالقاعة يتفاعل مع الممثل الواقف على الركح ويمده بالطاقة للإبداع، والممثل وفي حاجة وإلى هذا الجمهور، كما الجمهور في حاجة للممثل، وفي النهاية وغاية القول إذا كنا لانتصور جمهور بدون عرض مسرحي ووجود ممثلين فوق الركح، فكذلك لا يمكننا تصورعرض مسرحي بدون وجود جمهور في القاعة يتفاعل ويصفق للممثل.
…
لمحة تعريفية: علاوة وهبي، كاتب وإعلامي متقاعد، كان من أهم المسرحيين ممارسا، حيث يعد من مؤسسي فرقة “كراك” المسرحي بقسنطينة إلى جانب عبد الحميد حباط، ألف العديد من النصوص المسرحية، تم تقديمها وحاز عن أحدها بعنوان “الضوء” الجائزة الأولى سنة 1966 في مهرجان عيد الاستقلال والشباب، وله عدة مؤلفات منشورة في القصة والرواية والمسرح والشعر، ومجموعة كتب مترجمة عن الفرنسية في مجالات مختلفة، أهمها ترجمة مسرحية “ألف مرحي” لمحمد ديب، و “استراحة المهرجين” لنور الدين عبة وآخرين من الغرب.
علاوة وهبي