السبت , أبريل 20 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة بوداوود عميير: “إطلاق سراح الأشياء” للراحلة عائشة بزيو

مساهمة بوداوود عميير: “إطلاق سراح الأشياء” للراحلة عائشة بزيو

صدرت حديثا عن دار خيال للنشر، مجموعة قصصية تحمل عنوان: “إطلاق سراح الأشياء” للراحلة عائشة بزيو؛ قصص لا تشبه القصص. سياق نشرها، نكاد لم نتعوّد عليه في وسطنا الأدبي؛ ذلك أن خلف تلك النصوص تتوارى أحداث قصة واقعية مثيرة، قصة حزينة، مؤلمة، ومفعمة بالقيّم لإنسانية. تكاد حياة عائشة بزيو تشبه مسار الشاعرة الراحلة صافية كتو، والكاتبة الراحلة يمينة مشاكرة في طموحهما وخيبتهما وآمالهما وأوجاعهما. الفرق أن الكاتبتين الشهيرتين، حققتا على الأقل، رغبتهما في نشر أعمالهما، بينما لم تتح فرصة النشر للراحلة عائشة بزيو أثناء حياتها.

المبدعة عائشة بزيو امرأة شابة طموحة، ماتت في ريعان شبابها، حققت أشياء كالحلم بفضل عزيمتها وإصرارها، متحدية الهامش وسطوة القبيلة، ولكنها أخفقت في تحقيق أحلام أخرى راودتها ذات طموح. جاءت من بلدة منسية في الجنوب الجزائري، وقفت في مواجهة القبيلة والأحكام المسبقة، ورفضت متحدية الخضوع للأمر الواقع، في سبيل تحقيق حلمها في الدراسة والكتابة والإبداع؛ كل شيء كان يقف ضد تحقيق حلمها، لم يكن الأمر سهلا، لكنها استطاعت بعزيمتها وإصرارها افتكاك بعض مبتغاها، على الأقل في اختيار التخصص العلمي الذي يناسب رغبتها.

 

في الجزائر العاصمة وجدت ضالتها في الدراسة والكتابة بحرية؛ لم يلبث أن تفوّقت في دراستها، لتختار عن سبق إصرار علم النفس كتخصص، تحاول من خلاله، فهم رياء بعض الناس ونفاقهم، وسر سلوكهم العدواني.

كانت تقرأ كثيرا، وكانت تكتب كثيرا؛ تسجل بدقة وعناية تفاصيل حياتها الحافلة بعنفوان الحياة وتناقضاتها، وتكتب بوح أولئك الذين تلتقيهم وتلامس همومهم. كتابات أدهشت بلغتها وتفاصيلها جميع من قرأها، هكذا أوصى جميع من أتيح له الاطلاع عليها بطبعها، وعندما عزمت على نشرها باغتها الموت على حين غرة، وفي قلبها يسكن حلم نشرها في كتاب.

هكذا بقيت نصوصها المخطوطة حبيسة الأدراج نحو عشرين سنة، عندما قرّرت شقيقتها بدعم ورجاء من أمهما، وبتشجيع من أصدقاء وأقارب ومثقفين، نفض الغبار عن أغراضها، ونشرها وتحقيق حلمها، وكانت المجموعة: “إطلاق سراح الأشياء”، بعد فرز ومراجعة وبحث مضن.

مباشرة بعد صدور الكتاب هذا الأسبوع، توجهت أخت المرحومة نحو قبر أختها، قرأت على روحها الفاتحة، ووضعت نسخة من المجموعة القصصية على قبرها مع باقة ورد، وكأنها تخاطبها: “هاأنذا عزيزتي عائشة، قد حققت لك أمنيتك الغالية، فلتنامي في هدوء وسكينة”.

———

“إطلاق سراح الأشياء وقصص أخرى”، للراحلة عائشة بزيو، قصص مشوقة وموحية، أتيح لي قراءتها مخطوطا، وقد شجعت كثيرا شقيقتها على نشرها. المجموعة تتضمن مقدمة عميقة ومؤثرة كتبتها شقيقتها، تكشف بعضا من أسرار حياتها وأحلامها ومسارها الإبداعي، وعن ظروف وملابسات كتابة تلك القصص ونشرها.

لمحة تعريفية: بوداوود عميير، من مواليد مدينة العين الصفراء/ ولاية النعامة، قاص ومترجم، وباحث في الأدب الكولونيالى وكاتب مقالات في العديد من الصحف والمجلات الجزائرية والعربية. ومن بين ترجماته من الفرنسية إلى اللغة العربية، مجموعة من الكتب التاريخية والأدبية، فمن الكتب ذات الصلة بتاريخ الجنوب الغربي الجزائري. ترجم: لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري عام 2008، كتاب النسب الشريف عام 2009، سيدي الشيخ، الشخصية الخارقة عام 2010. كما ترجم المجموعة القصصية ياسمينة وقصص أخرى لإيزابيل إيبرهارت، والتي صدرت في طبعتها الأولى سنة 2011 عن دار القدس العربي في وهران، وعن كِتاب مجلة الدوحة القطرية في طبعة ثانية ومنقحة سنة 2015. وصوب البحر، مجموعة قصصية صدرت عن دار الكلمة للنشر والتوزيع بالجزائر. وديوان صديقتي القيثارة  للراحلة صفية كتو، صدر عام 2017، عن دار الوطن اليوم…

بوداوود عميير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super