“لغتنا الجميلة” من أنجح الحصص الإذاعية التي اهتمت بجمال اللغة العربية وآدابها، وهي الحصة التي حظيت بمتابعة واسعة من طرف المستمعين في مصر والعالم العربي، كانت تذاع سهرة كل يوم على أمواج الإذاعة المصرية، وكان يكتب مادتها ويقدمها الشاعر المصري الراحل فاروق شوشة، يقدّمها بصوته الرخيم وفصاحة لسانه، وإلمامه الشديد باللغة العربية بشعرها وقواعدها وبيانها؛ كان يحيط اللغة العربية من جميع جوانبها التاريخية والأدبية، وكان يجيب أحيانا على أسئلة المستمعين حول مصدر بعض الأبيات الشعرية وأصحابها ومناسبات نظمها، يومها لم يكن هناك محرك البحث “غوغل”، الذي سيحتفل سنة 2018 بذكرى ميلاد الشاعر. كان شوشة صاحب صوت متميز في إلقاء الشعر، يشد الانتباه؛ أتذكر مرة في حوار أجراه مع الشاعر نزار قباني، عندما أثنى شوشة على طريقة إلقائه للشعر، اعترف نزار قباني أن إلقاءه لا يمثل شيئا بالنسبة لروعة الإلقاء لدى فاروق شوشة.
وقد بلغ نجاح هذه الحصة حدا أنها حققت رقما قياسيا في الاستمرار، حيث استمرت في البث الإذاعي اليومي 40 سنة دون انقطاع. كما أنها تحوّلت إلى كتاب مشوق يحمل نفس العنوان “لغتنا الجميلة”، حقق أيضا نجاحا معتبرا من خلال مبيعاته وتعدد طبعاته. يقول فاروق شوشة في مقدمة الكتاب: “وقد كان صدور هذا الكتاب في طبعته الأولى عام 1973، تلبية لرغبة ألوف المستمعين للبرنامج اليومي لغتنا الجميلة، الذي أكتبه وأقدمه من الإذاعة المصرية منذ 1 سبتمبر 1967 حتى اليوم؛ الذين رغبوا في أن تتاح لهم فرصة الحصول على المادة المدونة لهذه الحلقات، لتكون بين أيديهم، وفي متناولهم، يعودون إليها بالنظر والتأمل كلما أرادوا”. انتقل فاروق شوشة بعد ذلك إلى مجلة العربي الكويتية، وهي واحدة من أشهر المجلات العربية وأنجحها على الإطلاق، ليكتب فيها شهريا سلسلة من المقالات الرائعة، تحمل عنوانا مختلفا قليلا، ولكنه يصب دائما في حب اللغة العربية والترويج لألقها وجمالها، عنوان المقال الشهري: “جمال العربية”، مقالات ستنشر بعد ذلك في كتاب بنفس العنوان.
…
لمحة تعريفية: بوداوود عميير، من مواليد مدينة العين الصفراء/ ولاية النعامة، قاص ومترجم، وباحث في الأدب الكولونيالي وكاتب مقالات في العديد من الصحف والمجلات الجزائرية والعربية. ومن بين ترجماته من الفرنسية إلى اللغة العربية، مجموعة من الكتب التاريخية والأدبية، فمن الكتب ذات الصلة بتاريخ الجنوب الغربي الجزائري. ترجم: لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري عام 2008، كتاب النسب الشريف عام 2009، سيدي الشيخ، الشخصية الخارقة عام 2010. كما ترجم المجموعة القصصية ياسمينة وقصص أخرى لإيزابيل إيبرهارت، والتي صدرت في طبعتها الأولى سنة 2011 عن دار القدس العربي في وهران، وعن كِتاب مجلة الدوحة القطرية في طبعة ثانية ومنقحة سنة 2015. وصوب البحر، مجموعة قصصية صدرت عن دار الكلمة للنشر والتوزيع بالجزائر. وديوان صديقتي القيثارة للراحلة صفية كتو، صدر عام 2017، عن دار الوطن اليوم…
بوداوود عميير