آن بومنوار (1923) طبيبة فرنسية متخصصة، اختارت النضال منذ ريعان شبابها؛ هكذا قاومت النازية خلال الحرب العالمية الثانية. لم يلبث أن تخلت عن ممارسة الطب، لتلتحق بصفوف ثورة التحرير. ألقى عليها الاستعمار القبض وحكم عليها بعشر سنوات سجنا. هناك في السجن تعرّفت على البطلة جميلة بوحيرد، وشاهدت بنفسها التعذيب المسلط عليها. استغلت فرصة إطلاق مؤقت لسراحها لدواع صحية، لتنجح في الهروب إلى تونس، وهناك تكفلت كطبيبة بمعالجة الثوار الجزائريين.
ستعود إلى الجزائر المستقلة، وستكافأ على نضالها، بتعيينها مسؤولة سامية في وزارة الصحة في حكومة بن بلة، إلى غاية سنة 1965، أين رفضت الانقلاب، واضطرت للهروب إلى سويسرا، حيث مارست عملها في مستشفى مدينة جنيف بوصفها طبيبة في تخصص “فيزيولوجية الجهاز العصبي”، Neurophysiologie، كرئيسة مصلحة، وباحثة اشتهرت عالميا بأبحاثها في تخصصها الطبي الصعب، إلى غاية إحالتها على التقاعد.
هذا المسار الحافل بالنضال والأحداث، أغرى آن ويبر وهي كاتبة ألمانية مقيمة في فرنسا، على البحث في تاريخ هذه المناضلة؛ هكذا رتبت سلسلة من اللقاءات معها. أثمرت كتابا سرديا صدر مؤخرا عن دار لوسوي الفرنسية، يتناول مسارها النضالي الحافل، تحت عنوان: “أنات الملحمة، من المقاومة إلى الأفلان”. (Annette، une épopée، de la résistance au FLN)، أصدرته باللغتين الفرنسية والألمانية في وقت واحد.
وقد سبق للمناضلة آن بومنوار أن كتبت مذكراتها في الجزائر، ونشرتها دار “بوشان” للنشر، في كتاب يحمل عنوان: “نار الذاكرة” (Le feu de la mémoire..1940-1965)
كتب مقدمته المؤرخ والمجاهد محمد حربي، الذي بعد أن ثمّن كثيرا مسارها النضالي من أجل استقلال الجزائر، ذكر أنه تعرف على آن بومنوار في سويسرا، بعد هروبه سنة 1973 من الإقامة الجبرية في الجزائر، بعد أن انقطعت به السبل هو ورفيقه المجاهد حسين زهوان الذي كان يعرفها، حيث استقبلتهما بحرارة، وقامت بتسهيل مهام انتقالهما من سويسرا إلى فرنسا ومنحتهما مبلغا ماليا معتبرا.
وفي الصورة الكاتبة الألمانية آن ويبر (1964) رفقة المناضلة آن بومنوار (1923)
بوداوود عميير