رغم مرور أزيد من قرن على وفاته، لا يزال الأمير عبد القادر، مصدر إلهام، وإلى اليوم، للكتّاب والأدباء والشعراء والفنانين في الجزائر والعالم، هذا الرجل العظيم لم يكن مجاهدا في سبيل الله والوطن فحسب، ولم يكن رجل دولة فحسب، بل كان أيضا شاعرا فصيحا في زمن تفشت فيه الأمية، ورجلا صوفيا معتدلا ومتسامحا، قلّ نظيره في العالم الإسلامي.
من بين أبرز الأعمال الأدبية المنجزة عنه في السنوات الأخيرة، ثلاثة أعمال مهمة، أتيح لي قراءتها: “كتاب الأمير” للاعرج واسيني، “عيون منصور” لرياض جيرود، “الليلة الأخيرة للأمير” لعبد القادر جمعي.
——
“كتاب الأمير: مسالك أبواب الحديد” للاعرج واسيني، حققت هذه الرواية الصادرة عن “دار الآداب” في بيروت، من النجاح في المنطقة العربية، ما لم تحققه روايات أخرى للكاتب، تعددت طبعاتها، وحظيت بمقروئية واسعة، ونالت العديد من الجوائز الأدبية، على رأسها جائزة الشيخ زايد للآداب وكذلك جائزة المكتبيين الجزائريين. كما تم اختيارها ضمن مشروع عربي تحت عنوان “كتاب في جريدة”، يتيح للقارئ العربي قراءة روايات عربية متميّزة، مجانا، مرفقة كهدية، مع جريدة من الجرائد العربية. يعتبرها واسيني الأعرج: “أول عمل روائي عن الأمير عبد القادر الجزائري”، ويؤكد أن التاريخ ليس هاجسها، “فهي لا تتقصّى الأحداث والوقائع لاختبارها، فليس ذلك من مهامها الأساسية، هي تستند فقط على المادة التاريخية، وتدفع بها إلى قول ما لا يستطيع التاريخ قوله”.
——
العمل الثاني باللغة الفرنسية عنوانه: “عيون منصور”، صدر في فرنسا والجزائر، لرياض جيرو؛ وهو كاتب جزائري من أصول فرنسية، أستاذ الرياضيات ويقيم في الجزائر. نالت هذه الرواية نجاحا كبيرا، لم يتوقعه مؤلفها. هكذا افتكت جائزة آسيا جبار سنة 2018، كما نالت جائزة الاكتشاف الأدبي في فرنسا سنة 2019، وهي الجائزة الوحيدة التي نالها كاتب جزائري ومغاربي في هذه السنة، بحيث أنقذ الأدب الجزائري والمغاربي الناطق بالفرنسية، من خيبة الخروج دون جائزة أدبية، رغم توافر الكثير من الروايات. سيخصص رياض جيرو للأمير مساحة واسعة في سرد الأحداث، مسترجعا تاريخه الحافل بالمحبة والتسامح الديني. ستنتصر الرواية للإسلام الصوفي الذي تبناه الأمير عبد القادر من خلال كتاباته ومواقفه المعروفة، في مواجهة المذهب الوهابي المتشدد.
——
العمل الثالث باللغة الفرنسية عنوانه: “الليلة الأخيرة للأمير” للكاتب عبد القادر جمعي. في هذا الكتاب معلومات تاريخية مهمة وجديدة، استطاع الكاتب أن يصل إلى الأرشيف في فرنسا، حيث يقيم الآن. ويبحث وينقب ويعرضها على القارئ بطريقة سلسة بعيدا عن التناول التاريخي الجاف، في هذا الكاتب ستكتشف أن الكاتب الفرنسي الكبير فيكتور هوغو صاحب “البؤساء”، كتب قصيدة في مدح الأمير، والشاعر الفرنسي الكبير آرثر رامبو أيضا. الكاتب عبد القادر جمعي، أصيل مدينة وهران، كاتب غزير الإنتاج، ورغم أنه كتب أعمالا مهمّة، لكنه لم ينل حظه من الشهرة لسبب أو لآخر. من بين جميع أعماله، اشتهرت رواية له تناولت المقابلة الودية التي جرت في ملعب وهران، وشارك فيها اللاعب البرازيلي الشهير بيليه، وقد تصادفت مع الانقلاب على الرئيس بن بلة. إلى جانب هذا العمل التاريخي: “الليلة الأخيرة للأمير”، والذي عرف اهتماما لا بأس به، بحيث تعددت طبعاته في الجزائر وفرنسا.
بوداوود عميير