النص المسرحي الجديد للكاتب عبد الفتاح رواس قلعه جي.
جاء مختلفا في مساره العام عن نصوصه السالفة شكلا .وكذلك مضمونا، إذ في هذا النص الجديد يجنح الأستاذ عبد الفتاح إلى تناول موضوع الشر في العالم منذ القدم وحتى العصر الحديث وجاء النص بعنوان (انطولوجيا الشر.. ثم عنوان ثاني هو الحب لا يعرف الأسماء)، ولان النص هو انطولوجيا، والانطولوجيا هي تجميع لمادة في نوع واحد أو تجميع أسماء لها نفس نوع الاهتمام لجأ الأستاذ قلعه جي إلى جمع الأشخاص الذين اشتهروا بأعمال الشر والتدمير والتخريب في العالم منذ غابر العصور بل منذ منشأ الإنسانية، الأول أي منذ جريمة قابيل في حق أخيه هابيل. وهي بداية بسط الشر نفسه في العالم ويستحضر قلعه جي الي جانب أول مجرم في التاريخ أسماء مجرمين آخرين في حق الإنسانية، مثل الرئيس الأمريكي هاري ترومان الذي كان الأمر بإلقاء القنبلة النووية علي هيروشيما ونكازاكي وهي الجريمة التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى والمشوهين وما زالت أثارها إلى اليوم، ثم ادولف هيتلر مصاص الدماء الذي كان وراء اندلاع الحرب العالمية الثانية ومبيد الشعوب ومقيم أفران الحرق لبني ادم، إلى جانب ذلك يستحضر كذلك نيرون صاحب النزوات الجنونية والإمبراطور الذي احرق روما وارتكب أشنع الجرائم في حق شعبه وشعوب اخري .وكذلك الإمبراطور كاليغولا الذي ادعي الألوهة وتزوج أخته وسفك الدماء إرضاء لنزواته، وهولاكو الذي دمر المدن واحرق الكتب وخرب وقتل .ويستدعي رواس كذلك الملك الضحاك ليدلل أن بعض الملوك أو الحكام بشكل عام ليس لهم من الحكم سوي الاسم لأنهم لعبة في يد الأخر الخفي أما عزازيل إبليس والذي يستدعيه قلعه جي فلأنه سيد الإغواء والتضليل الذي يجر اتباع هزالي ارتكاب المناكر، ورغم أن عزازيل عند بعض الكتاب ليس رجل ولكنها امرأة أي إنها زوجة إبليس كما عند الكاتب يوسف زيدان الذي جعل اسمها عنوانا لإحدى رواياته (عزازيل) فان قلعه جي يجعله مذكرا.
إلى جانب هذه الشخصيات نجد قاضي لا نعرف ماذا يمثل سوي انه موجود لمحاكمة مل الطغاة الذين عرفهم التاريخ وإدخالهم جهنم عقابا أو جزاء ما اقترفوه في حق الإنسانية. ثم ثلاث شخصيات من العصر هم الرجل الذي يسميه ادم علي اسم أبو البشرية وامرأة ايفا علي اسم عاشقة هتلر وفتاة يسميها ولادة علي اسم بنت المستكفي، ويعطيها من صفاتها الحب، أما ايفا فهي فنانة رسامة وإما ادم فهو عالم .
وتجري أحداث هذه المسرحية في ملجأ مكانه غير محدد ولكنه ملجأ تحت الأرض ومحصن بشكل جيد فجدرانه مغطاة بواقيات، وهو ملجأ مجهز بكل الوسائل التكنولوجيا والعلمية وبشاشة كبيرة تمكن ادم من متابعة ما يحدث في الخارج، النص في عمومه دعوة إلى الحب، ودعوة إلي ميلاد إنسانية وإنسان جديد علي نقاض زوال الإنسان الحالي الذي لا يعرف سوي القتل والدمار. أما الإنسان الجديد الذي سيأتي فهو يختلف عن الإنسان الحالي إنسان محب عاشق وهو الذي تعشقه لادة وتتطلع إلى ميلاد جديد للإنسانية من صلبها هي وصلب عشيقها الكانسان الجديد. في هذا العمل يبدو كأن الأستاذ قلعه جي يتنبأ بزوال الإنسان الحالي حالما بوجود إنسان أخر يكون مبدأه ودينه الحب.
لذلك جمع كل هذه الشخصيات التي كانت السبب في الماسي الإنسانية على امتداد التاريخ وأقام محاكمتها ليرسل بها إلي الجحيم مع التطلع والحلم بإنسان جديد في عالم جديد لا قتل فيه ولا تدمير ولا تخريب ولكنه عالم يسوده الحب والحب فقط. نبوءة مرعبة بنهاية العالم ونبوءة مبهجة من جهة أخري بميلاد علام جديد مسالم يحكمه الحب.
علاوة وهبي