إن الواقع الذي نعيش تفاصيله المتأزمة داخل حيز التاريخانية في الجزائر يستدعي منا مناقشة مشروع «القضية الوطنية» المغيبة عن الحراك!.. إننا بحاجة إلى مناقشة الأسئلة الحقيقية للأزمة السياسية في الجزائر!.. وعليه لابد أن نلفت نظرنا إلى ماهو ضمني بعيداً عن الخرجات البهلوانية للنظام الفاسد الذي ظل يحترف فن «غلق اللعب».. فما يجري اليوم هو انزلاق نحو برمجة الرأي العام الرامي إلى الدخول إلى الثقب الأسود!.. فمهمة التنوير هي مسؤولية جماعية تمكن الحراك من إفشال كل مخططات الإجهاض التي يعتكف النظام العصبوي على تطبيق آلياتها عبر فعل الاختراق الذي بات واضحاً لدى الأعمى وما بالك بالباصر والبصير!.. إنها تحديات ومجابهات تتطلب منا تفعيل ميكانيزماتها من أجل غد أفضل.. ولا يوجد ثورة من دون خسائر.. لعل الخسارة التي علينا تقديمها والتضحية بها هي الخسائر المعنوية!.. فلطالما عشنا بمجتمع الأكذوبة حتى أصبح الواحد منا لا يريد أن يعيش على حقيقته!؟.. وبالتالي هناك مواقع وقوى وفواعل جديدة دونما أدنى شك ستطفح إلى السطح وعلينا أن نتبنى ثقافة الاعتراف بالمواليد الفكرية الخصبة التي من شأنها أن تؤسس إلى ميلاد المجتمع الجديد… لأن ماهية النضال لا تتم خارج الوعي النضالي ولا بعيدة عن المرجعية النضالية فكراً وسلوكاً!.. فما أحوجنا إلى البحث عن الذات المناضلة فينا تمايزاً وتجاوزاً للغة الخشب وخطابات التمويه وحديث السفسطة!.. وإن كان الكوجيتو الديكارتي ابان على أن التفكير محدداً للوجود فإن المتساءل ذاتياً وتذاوتياً لابد له أن يراعي قيم التذاوت والتثاقف والعمل على تحديد معالم التفكير الذاتي الذي يحوي قواعد الموضوعية والابتعاد عن الأحكام الضمنية المسبقة.. فكل هذه المقتضيات لها من الأهمية بمكان بغية توطين اللحظة الجيلية التي تنقلنا من دائرة السؤال عن «الدولة الوطنية» إلى حاجة السؤال عن «دولة المواطنة».. ولعل مسعى التحول التاريخي لهكذا مدارات هي كفيلة بإنتاج المعنى الحقيقي للذات الجزائرية الفاعلة في بناء الوطن الذي يتسع للجميع.. فالجزائر وكما سبق وأن أقررنا وأكدنا في كم من مناسبة أنها «لم تخف يوماً من أبنائها».. فقط لنفكر جزائرياً.. لا قبلياً ولا مذهبياً ولا عرقياً ولا سياسوياً.. كما لا يمكننا أن نفكر أمريكياً ولا فرنسياً ولا تركياً ولا صينياً ولا روسياً ولا خليجياً.. الحراك جزائري وسؤاله جزائري وجوابه جزائري!؟.
بقلم: صلاي كمال
مهتم بسوسيولوجيا الثقافة والسياسة