أصالة الفنانة التشكيلية جميلة عبابسية وإخلاصها لمشروعها الفني، والثيمة التي تشتغل عليها، هي من اهم الأسباب الموضوعية التي دعتنا الى تناول أعمالها الفنية..، نعتقد ضمنا ان أسلوب الفنانة ليس سهل في الغالب، ولذلك فلا بد من استكناه المناطق السرية والمجهولة في اعمالها التي لم يصل اليها المتلقي احيانا، تلك الثيمات المتراصة بأبنيتها المبسطة، وبأشكالها ومعانيها الدلالية، ولكنها عموما تبقى اشكالات مرنة ومتجانسة فكريا وجوهريا، وذلك بفضل الرؤية العميقة التي تفصح عنها اللوحات بمختلف تقنياتها، وانزياحاتها اللونية الدافئة، وهي نتاج تفكير مرن ومطواع، كرست له الفنانة وقتا طويلا لإنتاجها.
ولدت الرسامة جميلة عبابسية بمنطقة سوق أهراس شرق الجزائر في عائلة من الفنانين، وكان شقيقها الراحل ملحنًا للموسيقى العالمية.
تعيش حاليا في مدينة تيبازة، على بعد 100 كيلومتر من العاصمة الجزائر. مارست التعليم لسنوات عديدة.. انتدبتها جمعية الجزائريين في باريس ثم عملت كمديرة لمدرسة في الجزائر العاصمة.
الأطفال والرسم هما عالمها الخاص، هذان العالمان اللذان تعشقهما وتحب الإندماج فيهما جعلها ترغب في التعبير عن كل ما تشعر به في عوالمها مع الحفاظ على صدقها مع نفسها. إنها تحب الجرأة وتجاهل القواعد الأكاديمية. الرغبة في التميز ..أسلوبها الخاص يتجلى ببساطة من خلال ألوان الأوكر. Ochres و الألوان الدافئة.
لوحاتها تأخذنا الى مكان به عتمه و إضاءة خافتة …حيث يوجد هناك كائنات معزولة و صامته يطويها شيء من الحزن و العزلة كما يبدو عليها روح التأمل و التفكر… كائنات تحتفظ بأحلامها لنفسها ..
لا يبدو من الشخصية النسائية الخجولة التي تظهر في غالب لوحاتها سوى الوجه و لا اثر للجسد و كأن الفنانة تريد أن تأكد على الجانب الروحي الخفي..
عرضت جميلة عبابسية أعمالها في الجزائر (مدرسة الفنون الجميلة، قصر الثقافة، المتحف، السفارات،و في الكثيرمدن الجزائر…) في فرنسا، المغرب، تونس، صربيا.
الفنانة تنتمي الى نمط من الشخصيات الكتومة، التي لا تمنحك اسرارها دفعة واحدة، بل انها تراهن على الإيغال في هذه اللعبة المستحبة التي تكشف منها الجزء العائم من جبل الجليد، وتترك لك حرية سبر البقية الغاطسة التي تثير شهية الفضول، وحب الإستطلاع، والرغبة في الإكتشاف، او فض المناطق المجهولة، أو المحتفية بعزلتها. ولا نكتم سرا أننا حاولنا ان نقوم برحلة استرجاعية، علنا نتلمس عبر المرور بهذه الانفاق المعتمة بعض اطياف طفولتها، او نصل الى مشارف البراءة الأولى، اذا صح التعبير، بحيث ظلت الفنانة ممعنة في تملصها من الاجابات المباشرة التي تحاول أن تستنطق المكان الأول الذي احتوى صرختها الاحتجاجية الاولى التي تلتها ملايين الصرخات، ثمة هاجس غامض يمكننا الركون اليه، وهو التفرغ المبكر الى الخربشة والاستمتاع بالاشكال الفنية التي كانت تفيض بها قريحتها الفطرية لتوقظ الرغبات والأحلام القابعة في طيات الذاكرة وأعماق المخيلة المتأججة التي كانت تؤرقها ليل نهار. ان الجهود الفردية هي التي صنعت مكوناتها الثقافية والفنية الأولى، وهي التي أسست لخبرتها البصرية، وطوعتها منذ زمن مبكر.
كانت ترضي شراهتها البصرية خلال انكبابها على زيارة الكثير من المعارض الفنية التي كانت تكتظ بها صالات الفن التشكيلي في فرنسا، وهذا ما امدها بعناصر ثقافة تشكيلية متنوعة، مشفوعة منذ البداية بقراءات معمقة ورصينة لتاريخ الفن التشكيلي العالمي. إن هذا الحماس المتفرد، والانقطاع شبه التام لهاجس الرسم الذي تحول الى رغبة يومية محمومة، هو الذي دفعها الى الاشتراك في معارض جماعية، او اقامة معارض شخصية في المراحل الاولى من دراستها ولعل ابرزها معارضها الشخصية.
…
لمحة تعريفية: الفنان مصطفى بوسنة رسام ونحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة الريشة على يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفى عيدود ودينيس مارتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفى بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج الجزائر. وقد أقام معرضا لآخر أعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة.
الفنان التشكيلي مصطفى بوسنة