الأحد , نوفمبر 24 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة مصطفى بوسنة: رماد الورد الفنان الجزائري نوري ذراع (تابع)

مساهمة مصطفى بوسنة: رماد الورد الفنان الجزائري نوري ذراع (تابع)

 

تحليل شخصي لأعماله الفنية:

نظرات شخصياته حزينة تنتظر شيئا إنها لا تنظر إلينا بل تنظر في أعماق قلبها حزينة لكنها محافظة على قوتها الروحية…

-غياب شبه تام لأي ديكور و كأن شخصياته داخل عالم فارغ و بارد تنتظر ما لسنا ندري انه انتظار هادئ و صابر انتظار عبثي لا أمل من وراءه…

أعماله الأولى تقترب كثيرا من أسلوب و طريقة الرسم الخاصة بالشاعر الكبير جبران خليل جبران في رومنسيتها ورقتها شخصيات مطمئنة مرتاحة كما تقترب من الرسوم الغرافيكية للرسام الايطالي ليوناردو دافنشي خاصة منها المتعلقة بالشخصيات النسائية….

– لوحاته لا تحتوي على شخصيات كثيرة…نجد مثلا في إحداها امرأة خجولة و حزينة تحمل في يديها مولودا ميت.

 

– من ابرز لوحاته التعبيرية نرى شخصا يجري وسط زقاق ضيق رافعا يديه و كأنه يستغيث بنجم في السماء…شخص هارب من شئ ما ..حتى أعمدة الإنارة في ذاك الحي لا تنير انه بلا نور.. فقط نور القمر يمسح جدران تلك الأزقة التي لا تملك نوافذ بل فتحات تشبه الثقوب…

– من الناحية التقنية يستعمل نوري ألوان رمادية ملونة بطريقة جد متمكنة تذكرنا بألوان الانطباعيين مثل بول سيزان و غيره من عمالقة هذا النوع من الفن.

-شخصياته الأخيرة بقيت بنفس الهيئة الحزينة و صمتها المترقب..انها تشبه معتقلي اوشفيتز النازي…

حينما نتأمل أعماله نستكشف من خلالها إنسان مثقف متشبع بالمعارف الفنية لمدارس الفن التشكيلي و تقنياتها المختلفة…شخصية شغوفة بالمتاحف و بما كتب عن الفن…

نلاحظ أربعة مراحل في أسلوبه و الحقيقة هي انه رغم تمسكه بكل المقاييس الفنية المعروفة مدرسيا إلا أن عمله الفني رغم كل ذلك بقي عمل فنان.. أكثر مما هو عمل بحاثة جاف..فقد ادخل الى جانب المقاييس الفنية المعروفة حسه الشخصي ونظرته الجمالية الشخصية..و هذا برأيي ما لم يكن بإمكانه و لا بإمكان أي باحث غيره التخلص منه…. هذه المراحل الأربع هي :

– مرحلة الأسلوب الكلاسيكي و فيها يقترب كثيرا من طريقة رسم عصر النهضة الأوروبية خاصة رسومات دافنشي الغرافيكية وساندرو بوتيشيلي و هو أسلوب نهل منه الكثيرون من بينهم الشاعر الرسام جبران خليل جبران و الشاعر الرسام الهندي طاغور و يتميز هذا الأسلوب بشخصياته الهادئة التي لها ابتسامة رقيقة و كأنها منتشية بسر جميل و حلو يعمر قلوبها القانعة بمصائرها…

الفترة الثانية أسلوب يقترب كثيرا من طريقة الفن الانطباعي و ما بعده من مذاهب تشكيلية بثرائه اللوني الذي يعطي قيمة كبيرة للضوء و الألوان على حساب الرسم و التخطيط.و كان هواه متجها اكثر للمنبوذين منهم و كان شديد الاهتمام بمراسلات فان كوخ مع أخيه تيو التي اكتشف عبرها البعد الروحي كعملية للإبداع..ادرك ان عملية الإبداع هي مستوى عال من الفكر و التطهر..

الفترة الثالثة نجد ان أسلوبه في هذه الفترة أسلوب تعبيري بشخصياته الشبه مشوهة التي حولها الألم الباطني الذي لا أمل من الشفاء منه…أعمال تشبه لوحة الصرخة للرسام ادفارد مونش…و نساء الفنان محمد اسياخم الكئيبات…

*الفترة الرابعة يتحول فيها للأسلوب التجريدي الذي يعكس روح متأملة هادئة أسلوب يقترب من محمد خدة..بيسيار….موندريان…

تبقى نقطة مشتركة بين كل هذه المراحل المتغيرة هي الألم الباطني و الروح الحزينة و الحالمة في نفس الوقت التي تحوم كشبح أتي من غابات ماطرة بعيدة يحمل معه أنباء غير واضحة عن شخص لم يعد ينشد ألحانه الشجية….

نوري ذراع… أيها الرجل الذي لم يكن يملك إلا فنه و كرامته، لنا أمنية و هي أن يقام لأعمالك متحف يثري ذوق مجتمعنا و يفتح أعينه على مكامن الجمال وسط فوضى الأشياء التي يحياها…

 

التشكيلي مصطفى بوسنة

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super