دافع العقيد السابق في جهاز الاستعلامات والأمن محمد خلفاوي عن التعديلات التي لا تزال تعرفها المؤسسة العسكرية، بعيدا عن كل الحسابات والأبعاد التي تزامنت وهذه التعديلات. واستغرب محمد خلفاوي التأويلات التي صاحبت خطاب رئيس أركان الجيش الفريق احمد قايد صالح معتبرا أن حركة التغيير في المناصب التي تعرفها المؤسسة العسكرية شيء طبيعي، تعرفه كل المؤسسات العسكرية في العالم وأن هذه المؤسسة هي اليوم في حاجة ماسة لمثل هذا التعديلات في عديد المناصب التي بقي بها بعض القادة العسكريون لأكثر من 28 عاما، وهو ما ينطبق على اللواء سعيد باي الذي تقلد منصب قائد للناحية العسكرية الأولى والثانية والخامسة طيلة هذه الفترة وهو غير معقول في كل المؤسسات في العالم. وانتقد العقيد السابق في جهاز الاستعلامات من وصفوا هذه التعديلات بغير الطبيعية، واعتبر أن اتخاذ مثل هذه القرارات عين الصواب وأن ما ليس طبيعيا أن تحتاج مثل هذه القرارات إلى خطاب لتبريرها. وكشف خلفاوي أن المؤسسة العسكرية في الجزائر نجحت في تكوين ضباط في الولايات المتحدة وفي فرنسا ودول أخرى وهم على درجة عالية من الكفاءة وبإمكانهم تقديم خدمات لهذه المؤسسة الأم مثلهم مثل سابقيهم لذلك عمن الطبيعي أن تسمح مثل هذه التعديلات لأصحاب الكفاءات بنيل الفرص أيضا. وأضاف المتحدث أن التعديلات والتحويلات التي تعرفها هذه المؤسسة تخضع لعدد من الاعتبارات وفي مقدمتها الكفاءات والاقدمية ثم تدخل معايير أخرى عند التساوي في الحظوظ . ولم يستبعد خلفاوي أخذ بعين الاعتبار بعض الحسابات التي اعتبرها من مساوئ النظام الحالي، وهي الاعتبارات الجهوية والولاءات لكنها ليست بالحد الذي يوصف بالخطر على المؤسسة، لأن عامل الكفاءات لا يزال مأخوذا به. واستشهد المتحدث ببعض الأمثلة في اعتلاء الرتب، وهي شرط للحصول على شهادات من مدارس متخصصة في الدفاع والرماية والميدان، ولا يمكن تجاوز هذه الشروط. وكان رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، قد تحدث في آخر خطاب له بمناسبة التعديلات التي لا تزال تتم بين الفينة والأخرى مؤخرا ، إن “الاستحقاق والجدارة” هما المعياران الأساسيان في “تثبيت نهج التداول على الوظائف والمناصب”، في إشارة ضمنية إلى إنهاء مهام قادة أهم المناطق العسكرية واستبدالهم بآخرين وفي مقدمتهم الناحية العسكرية الأولى بالبليدة القريبة من العاصمة، والناحية العسكرية الثانية والرابعة ، وإلى تغييرات منتظرة قريبا. وتحدث قايد صالح بالمنطقة العسكرية الأولى “البليدة ” بمناسبة تنصيب اللواء علي سيدان في منصب قائد هذه المنطقة، وهي الكبرى ضمن المناطق العسكرية الست، بالنظر الى تعداد الضباط والجنود و أهمية ونوعية العتاد العسكري والسلاح الحربي . واختير سيدان خلفا للواء حبيب شنتوف الذي خدم مؤسسة الجيش لفترة طويلة، وأحدث هذا التعديل مفاجئة كبيرة لدى المتابعين . و أراد رئيس أركان الجيش أن يبلغ تفسيرا واحدا للتغيير الذي وقع رسميا بالمناطق العسكرية المقصودة، والتغييرات المنتظرة مستقبلا أنها ليست سوى تداولا على المناصب لا أكثر من ذلك. ووجهت انتقادات عديدة لقايد صالح الذي يتواجد على رأس المؤسسة العسكرية منذ 13 عاما ،منذ وفاة الفريق محمد العماري. وانتقد متابعون للخطاب نوايا هذه التعديلات وربطها البعض منهم بأنها تعزيز لنفوذه بالجيش، عن طريق منحه المناصب الأكثر حساسية لموالين له . ومما جاء في كلمة صالح، أمام الضباط والجنود، أن “الجانب التحسيسي والتوجيهي، جعلناه من أهم مرتكزات نهجنا العملي، وسعينا دوما دون هوادة إلى إبراز فصيلة العمل المثابر والمخلص والمثمر، ذلك أننا نريد أن يعي الجميع أننا نؤمن يقينا بأن الله سبحانه وتعالى يبارك أعمال العاملين بإخلاص ويزكي مساعيهم ويمنحهم القدرة والقوة على أداء مهامهم على الوجه الأحسن والأصوب”. وفهم من هذا الجزء من خطابه، أيضا، أن “المثابرة” و”الإخلاص للجيش”، كانا معيارين للتغييرات التي وقعت والتي ستقع لاحقا في أهم مؤسسة بالبلاد إلى جانب رئاسة الجمهورية.
ر.م