جاء إعلان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بالشروع في طباعة مسودة التعديل الدستوري والتوجه نحو إرسالها للفعاليات السياسية والمدنية ووسائل الإعلام لمناقشتها هذا الأسبوع، في الوقت المناسب لـ”كسر” الجمود السياسي والصمت اللذان يطغيان على الساحة السياسية بحيث ستعيد المسودة الأحزاب للنشاط بعدما غاب أغلبها عن المشهد بسبب تداعيات وباء “كورونا”، ويأتي هذا الأمر في وقت أكدت عدة تشكيلات سياسية جاهزيتها لاستلام ومناقشة مسودة تعديل الدستور.
رباج: “عودة مناسباتية طبيعية للأحزاب”
وصف المحلل السياسي، أحمد رباج، عودة الأحزاب السياسية للنشاط من جديد بعد الجمود الذي عرفته العديد من التشكيلات مؤخرا بـ “عودة مناسباتية طبيعية”، مشيرا إلى أن الإعلان عن إفراج مسودة تعديل الدستور الجديد أهم أسباب بروزها في ظل الحجر الصحي.
وقال رباج في تصريح خاص لـ”الجزائر” “أعتقد أن النقاش يجب أن يتركز على المشروع التمهيدي لتعديل الدستور.. لحد الساعة لم يطرح المشروع التمهيدي لتعديل الدستور علي الطاولة”، وأضاف: “ما حصل إلي غاية الساعة هو إبداء بعض الأحزاب السياسية حسن النية والدور الإيجابي في المشروع التمهيدي لتعديل الدستور”.
وأضاف محدثنا: “لكن طرح المشروع التمهيدي لتعديل الدستور يأتي في ظل أوضاع مأزومة سياسيا وصحيا في ظل تفشي وباء كورونا وإجراءات الحجر الصحي.. وهناك أزمة اقتصادية اجتماعية تزداد يوما بعد يوم”، وأضاف المحلل السياسي: “يبدو أن السلطة لاحظت أن مدة الحجر الصحي ستكون طويلة، وهذا من شأنه أن يطيل تنفيذ مشروع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في خصوص تغيير النظام عبر تعديل الدستور، الذي هو نقطة محورية في مشروعه السياسي”.
حديبي: “أحزاب سياسية تحولت إلى العمل الموسمي”
يرى الناشط السياسي، محمد حديبي، أن الحجر الصحي أجبر الأحزاب السياسية على عدم عقد ندوات داخلية أو عامة لمناقشة أرضية الدستور، متأسفا لما وصفه بتحول الأحزاب لـ” دكاكين رمضانية موسمية” لتسجل وجودها أنها موجودة، وأضاف:” لا يوجد حراك داخلي بين مكونات نخبتها”.
وأفاد حديبي في تصريح لـ” الجزائر”، قائلا: “أعتقد أن الحزب السياسي وجد لينشط ويكسر الطوق من حوله…الحزب في أبجدياته السياسية لا ينتظر الغير ليقوم برد الفعل”، وأضاف: “الحزب هو مؤسسة خلية نحل تبادر وتنتج الأفكار والطروحات وتجيب على كل الإشكاليات المطروحة في المجتمع والدولة سواء كانت سياسية أو ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية”، متأسفا لما وصفه بتحول الأحزاب لـ” دكاكين رمضانية موسمية” لتسجل وجودها أنها موجودة، وأضاف:” لا يوجد حراك داخلي بين مكونات نخبتها”.
وانتقد حديبي عدم وجود مبادرات بين الأحزاب السياسية فيما بينها، وأضاف: “هي تقوم وتسجل ملاحظاتها”، مسترسلا: “ليست لها هيئة رصد وتتبع المخاضات الجارية في عمق المجتمع”، وأكد محدثنا: “الحجر الصحي يجبرها على عدم عقد ندوات داخلية أو عامة لمناقشة أرضية الدستور.. وبالتالي لا معنى احترامها الآن إلا لتسجيل وجودها البيولوجي عبر البيانات فقط”.
الإفراج عن مسودة الدستور خلال أيام
ينتظر أن يتم الإفراج عن مسودة تعديل الدستور خلال الأيام القليلة القادمة لتكون في متناول الفعاليات السياسية والمدنية ووسائل الإعلام لمناقشتها، ويرى متتبعون أن الحجر الصحي الذي يأتي في إطار الإجراءات الإحترازية التي اتخذتها الحكومة والرامية لمجابهة فيروس “كورونا” ومنع انتشاره أنه “فرصة لقراءة مسودة التعديلات الدستورية وإثرائها وتقديم المقترحات حولها”.
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أعطى تعليمات للشروع في طباعة مسودة التعديل الدستوري وإرسالها للفعاليات السياسية والمدنية ووسائل الإعلام لمناقشتها هذا الأسبوع، وقال الرئيس تبون في وقت سابق إن “الجزائر ستكون لها مع نهاية السنة مؤسسات دولة جديدة و قوية”.
ويؤكد الرئيس تبون على ضرورة إحداث التغيير السياسي، مبرزا “أشعر أنه علينا تدارك الوقت فيما يتعلق بالتغيير السياسي حتى لا نترك مجالا للفراغ”، وقال: “من أجل تفادي تضييع الوقت حتى في حال استمرار الحجر الصحي المفروض حاليا نتيجة تفشي وباء كورونا”.
أحزاب سياسية تبدي جاهزيتها وأخرى تلتزم الصمت
في الوقت ذاته، أعربت تشكيلات سياسية عن استعدادها للتفاعل مع مسودة تعديل الدستور على غرار جبهة المستقبل التي صرح المكلف بالإعلام في الحزب لـ “الجزائر” في وقت سابق عن استعدادهم التام لمناقشتها، في حين أكدت جبهة العدالة والتنمية هي الأخرى جاهزيتها لمناقشة مسودة الدستور بالإضافة إلى تشكيلات أخرى، في حين التزمت أحزاب أخرى الصمت بخصوص مساهمتها في مناقشة الدستور.
خديجة قدوار