على مقربة من دخول قانون المالية حيز التنفيذ، طمأن الخبراء الاقتصاديون، من الزيادات اللي تضمنها مشروع المالية لـ 2018، مؤكدين أنها لن يكون لها أي تأثير سلبي على المواطنين، وأن تأثيرها المباشر سيكون على المنتجات الفلاحية.
أكد كاتب الدولة السابق لدى الوزير الأول المكلف بالاستشراف والإحصاء والخبير الاقتصادي بشير مصيطفى، أمس، خلال نزوله ضيفا على منتدى جريدة الشعب في ندوة النقاش حول “اليقظة المالية الاقتصادية، أن قانون المالية لـ 2018 جاء بسلة من الرسوم الجديدة، غير أنها لن يكون لها أي ضرر على المواطنين لأن نسبتها ضعيفة، وأن هذه الزيادات تمثل اغلبها في الزيادة على التبغ والبنزين والمازوت، وأن الرسوم التي فرضت عليها لن يكون لها اي تأثير على المواطنين بقدر تأثيرها على المنتجات الفلاحية التي لها علاقة بهاتين المادتين.
“دول كبرى فرضت الضريبة على الثروة”
وأكد مصيطفى أن تراجع الحكومة عن الضريبة على الثروة افقدها وعاءا ضريبيا كبيرا كان من المنتظر أن تربح من خلاله الكثير، مشيرا إلى أن الكثير من الدول المتقدمة تعمل به على غرار أمريكا التي تمكنت من الخروج من مشاكلها من خلال هذه الأخيرة، وأوضح بأن كل المؤشرات التي تدل على أن تطبيق الضريبة على الثروة كان سيقدم مبالغ مالية ضخمة هو المؤشرات الجديدة في قانون المالية 2018، من خلال الزيادات التي طبقت على بعض القطاعات على غرار الطاقة، والتي ستمكن من توفير 140 مليون دولار أي ما يعادل 61 مليار دينار جراء فرض الزيادات، مقدما أمثلة بما ستوفره الجزائر من الضرائب القليلة التي فرضتها على التبغ والوقود، مشيرا إلى أن 11 مليار دينار هي ما تجنيه الدولة من ضريبة التبغ و ان 140 مليون دولار على ضريبة البنزين و ان 15.6 مليار دينار نشاطات مختلفة، على غرار ضريبة شحن الهاتف النقال التي سيأخذها متعامل الهاتف النقال “موبيليس”، مؤكدا أن الضرائب بدت قليلة لكن عائداتها جد معتبرة، منوها إلى أن الأموال التي كان يفترض تحصيلها من خلال فرض الضريبة على الثروة كانت ستعود على الدولة بفائدة كبيرة كانت لتحارب الفقر والأزمة من خلالها. وأضاف في الحديث عن الزيادات التي شهدها السوق الجزائري مؤخرا، بأن هذا الأخير شديد التأثر بالعامل النفسي وانه بحاجة الى يقظة استهلاكية من خلال إخضاع العائلات الى توعية استهلاكية.
فريد بن يحيى:
“الجزائر لم تتمكن من الحفاظ على خزينتها”
من جهته أوضح الخبير الاقتصادي فريد بن يحي في مداخلته ، من خلال قراءته التحليلية لقانون المالية 2018، بأن الدولة لا تشهد أزمة اقتصادية ولا تشهد أزمة مالية و ان الامر يكمن في ان الحكومة لم تتمكن من الحفاظ على خزينتها، التي تعد القاطرة الأساسية لبناء هياكلها الاقتصادية، لافتا إلى أن قانون المالية 2018 “مشابه لقانوني 2016 و2017، ما يؤكد انتهاج الحكومة للسياسة ذاتها، التي كانت منتهجة منذ الاستقلال والتي لطالما كان فيها الريع البترولي أساس تمويل الخزينة الجزائرية، وهو التوجه الذي يضع الجزائر في خطر في حال اندثار البترول و الغاز، مستشهدا بالفترة التي ارتفع فيها سعر البترول إلى أزيد من 140 دولار، والتي تجاوز فيها حجم المداخيل الألف مليار دولار،و التي وجهت لإنجاز الهياكل القاعدية، غير أنه لم يبن بها اقتصاد حقيقي، لان الجباية الموجودة الآن هي الجباية البترولية، موضحا بان الصادرات خارج نطاق النفط لا تتعدى 3 بالمائة، الأمر الذي يبين أن الناتج الإجمالي المحلي لدخل المواطن بعد نزع البترول والغاز من الصادرات، لا يتجاوز 500 دولار سنويا، ما يؤكد أن الجزائر لولا الموارد النفطية لكانت من الدول الفقيرة في العالم.
و أوضح في حديثه عن ارتفاع نسبة الجباية مقارنة بسعر الدينار، بأن انخفاض سعر البترول إلى اقل من 40 دولار، أدى بالدولة الى اللجوء إلى تخفيض قيمة الدينار لضمان رفع تمويل الخزينة، وفسر الأمر بالقول “عندما نقول أن نسبة الجباية البترولية التي ارتفعت إلى 43 بالمائة، أرى أنها لم ترتفع مقارنة بسعر البترول، بل مقارنة بسعر الدينار، حتى يتم الحفاظ على توازنات الخزينة .
“الحكومة ملزمة بإعادة النظر في الفئة المستحقة للدعم فعلا”
هذا وتطرق الى موضوع التحديات الاجتماعية التي تواجهها الجزائر موازاة مع كل دول العالم بما فيها المتقدمة، معتبرا أن الحكومة ملزمة بإعادة النظر في الفئة الاجتماعية المستحقة فعلا للدعم و تحويله الى أمور أخرى كدعم رواتب العمال وتغيير نمط استهلاك العائلات و مراجعة دعم السكنات، واصفا رصد أكثر من 20 مليار دولار للتحويلات الاجتماعية بالرقم الكبير.
“يجب استحداث وزارة اقتصاد”
هذا وطالب المتحدث، الحكومة بضرورة استحداث وزارة اقتصاد ، ووزارة منتدبة مكلفة بالجباية ووزارة أخرى منتدبة مكلفة بمسح الأراضي، معتبرا أن إشكالية العقار هي من تقف عائقا أمام العديد من المشاريع الاستثمارية ، داعيا في النطاق ذاته إلى فتح المجال للقطاع الخاص، و التخلي على النظرة الندية التي ينظر بها إلى الخواص واعتبارهم كخصم ، مؤكدا أن هؤلاء بإمكانهم المساهمة في الجباية بنسبة 60 بالمائة .
وفاء مرشدي