اجتهدت الأحزاب المترشحة للبرلمان في اعطاء مقاربات نظرية لحل الازمة الاقتصادية في الجزائر إذ راهن الافلان على إحكام الدولة لحركة السوق، وراح الارندي يدافع عن مشروع استغلال الغاز الصخري، بينما اتهمت المعارضة السلطة بإهدار عائدات النفط، وراحت تعرض بدائل أخرى.
ركّزت التشكيلات السياسية، التي أعلنت عن مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر تنظيمها في الرابع من ماي المقبل منذ انطلاقة الحملة الانتخابية على الوضع الاقتصادي والمالي للجزائر.
وشكل انهيار أسعار النفط مادة دسمة في الحملة البرلمانية وحاولت الأحزاب تقديم مجموعة من البدائل للخروج من الأزمة، وتعهدت أغلب الأحزاب السياسية، في حالة فوزها بتحرير الجزائر من تبعية النفط والاقتصاد الريعي .
وتواصل أحزاب السلطة ممثلة في الأرندي والافلان وتاج والحركة الشعبية الجزائرية ،على دعم آليات الحكومة لتجاوز مخلفات الأزمة الاقتصادية، في حين تراهن أحزاب المعارضة على بدائل ثانية.
الارندي يراهن على الغاز الصخري كبديل
ويعتبر برنامج التجمع الوطني الديمقراطي، أن الإسراع في الانتقال الاقتصادي بات ضروريا حيث يقترح، توفير المناخ اللازم لتسريع الانتقال الاقتصادي والإبقاء على الدور المحرك للنفقات العامة الموجهة للاستثمار وتكييفه وكذلك تعزيز سياسة تنموية متوازنة عبر كافة أنحاء البلاد .
وشدد على ضرورة الإبقاء على دعم الاستثمار المنتج للسلع والخدمات وتعزيزه وتكييف منظومة التدريب والبحث مع احتياجات الاقتصاد ودعم تطوير الصادرات ومتابعة التجديد الزراعي وتعزيزه وتطوير اقتصاد البناء مع التركيز على الحفاظ على استقلال البلد في مجال الطاقة.
واعتبر الحزب، المحسوب على السلطة، أن استغلال الغاز الصخري بات ضرورة استراتيجية لسد الانهيار الحاصل.
ودعا أحمد أويحي إلى مواصلة التنقيب عن المحروقات التقليدية وتكثيفها، من خلال التنقيب عن حقول الغاز والنفط الصخري وتقييمها، مع الحرص على الحفاظ على البيئة وحماية صحة السكان، وتطوير الطاقات المتجددة ولاسيما منها الشمسية، مع استثمارات عمومية وخاصة وتحفيزات جبائية ومالية من الدولة ودعم الاستثمار بما في ذلك الخاص، في مجال البتروكيمياء، قصد تثمين محروقات البلد تثمينًا أكبر.
الافلان يراهن على احتكار الدولة للسوق
وركز حزب جبهة التحرير الوطني حزب السلطة الأول على ضرورة تشجيع المبادرة الخاصة في الاستثمار، مع الدفاع عن دور الدولة في قيادة مسيرة التنمية من خلال سيطرتها وملكيتها وحدها للقطاعات الاستراتيجية الحيوية.
وأكد في برنامجه الذي يتضمن 4 محاور كبرى للتنمية تتعلق بالأمن الغذائي والموارد البشرية والمنظومة المالية والجالية بالخارج، ضرورة اعتماد المقاربة الاقتصادية التي تشجع المبادرة الخاصة في الاستثمار وحماية الملكية الخاصة للأفراد “وسيظل مفهوم الحزب للاقتصاد والسوق “مرتبطا بالدفاع عن دور الدولة في قيادة مسيرة التنمية من خلال سيطرتها وملكيتها وحدها للقطاعات الاستراتيجية الحيوية، واهتمامها الدائم بحماية الفئات الهشة والمعوزة وذوي الحقوق والاحتياجات الخاصة.
المعارضة تتهم السلطة وتريد تحرير الاقتصاد
راحت أحزاب المعارضة تسابق الزمن لنقاش الإجراءات التقشفية التي أقرتها الحكومة، مع بدئ أزمة أسعار النفط ، واجتهدت الأحزاب في دراسة الوضعية الاقتصادية للجزائر، ولم يفهم لحد الساعة أن كانت الحلول النظرية للمعارضة، تستند على خبراء اقتصاديين أم أنها مجرد مقاربات عشوائية.
واقترحت حركة مجتمع السلم، سياسة الدعم الواسع للاستثمار في القطاعات ذات الاحتياج الأساسي، مع تحويل جزء من احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى استثمارات في الخارج.
وكذا إعطاء أولوية لقطاع الصناعة والزراعة، وإصلاح المنظومة المصرفية من خلال إلغاء القروض الربوية والتحول إلى نظام المرابحة .
وحصرت جبهة القوى الاشتراكية” أكبر حزب معارض في الجزائر، أسباب الازمة في “احتكار أموال الريع النفطي من طرف عصبة صغيرة في السلطة وهو ما أدى الى انهيار الاقتصاد .
وتدافع الجبهة من اجل إرساء عدالة اقتصادية وإرجاع الهيبة للمؤسسات العمومية في البلاد .
في حين يرافع التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية من أجل “فتح حوار يضم مختلف أطياف المجتمع الجزائري”، يترتب عنه برنامج سياسي واقتصادي يسمح بالمرور إلى “الجمهورية الثانية”.
كما يصر التجمع على فتح تحقيق حول طريقة تسيير الحكومة للشركات العمومية الكبرى التي عرفت مؤخراُ فضائح فساد كبيرة على غرار شركتي “سوناطراك” النفطية و”سونلغاز” لإنتاج وتوزيع الكهرباء .
وانتقدت وسائل الاعلام الأحزاب السياسية في الجزائر بأنها لا تملك رؤية اقتصادية واضحة، باستغلال الملف الاقتصادي وإعادته إلى الواجهة مع اقتراب كل موعد انتخابي في محاولة منهم لاستدراج الناخبين وحثهم على التصويت.
في وقت يسعى المواطن الجزائري للبحث عن أجوبة لعدة أسئلة تتبادر بذهنه حول حقيقة الوضع الاقتصادي، خاصة ما تعلق بمستقبل المعيشة والقدرة الشرائية والأجور والأسعار وغيرها من الأمور.
واعتبر وزير الاستشراف الأسبق بشير مصطفى أن البدائل التي قدمتها التشكيلات السياسية، لا تطابق الوضع العام في الجزائر كونها لا تستند على بحوث وأرقام ودراسات حقيقية فلم يسبق لها وأن وقعت اتفاقيات مع معاهد وهيئات رسمية تقوم باستشراف الوضع الاقتصادي في البلاد ومرافقتها خلال عملية إعداد البرامج، وأتهم الوزير الأسبق الأحزاب السياسية في الجزائر بأنها لا تملك رؤية اقتصادية واضحة.
رفيقة معريش