نشط الدكتور عبد الكريم بن عيسى العدد الرابع والثلاثين من منتدى المسرح الوطني الجزائري TNA Forum، حيث تمحور النقاش حول تساءل “هل فعلا المسرح فنّ التلقي؟!!”.
اعتبر الدكتور عبد الكريم بن عيسى، بأن المسرح، يعتبر فن الجمهور بامتياز، فعملية ملازمة المتلقي وإقباله الكثيف على المسرح (العمل المسرحي) أكبر معيار وأقوى مقياس لهذا الاعتبار، مضيفا أن المتلقي في المسرح يكون ركنا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه أو الالتفاف حوله كما قد يحصل مع ”النص” أو ”الفضاء” أو في قليل الأحيان مع ”المؤدّي” وتعويضهم ”عبثا” بتجارب انسياقية تضر بالمسرح أكثر من أن تفيده. فلا مسرح بدون متلقي ولا وجود لفرجة درامية في غياب المرسل الركحي والمتلقي.
وأضاف ذات المتحدث، بأنه يقصد بعملية ملازمة المتلقي إِقْدَام الجمهور على تلقي العمل المسرحي، وقد يكون هذا الجمهور المتلقي إما نخبويا أو فئويا أو مجتمعيا. فقد ترتاد نخبة المجتمع المثقفة المسرح لوحدها، وقد يقتصر إتيانُ المسرح على فئات بعينها كالطلاب أو العمال أو الفلاحين، وقد تلتف كل نخب وفئات وطبقات وشرائح المجتمع في حضور العمل المسرحي، مهما اختلفت وتفرقت، فتؤيده بحماسة واندفاع وتزيده من رفعة مكانته وأهميته، وبعث نوع من الراحة من الضغوطات الكثيرة للحياة وأشغالها.
وأبرز بأن الحضورية تتجلى المتلقي، على ضوء ما يقدمه الباحث والأكاديمي فرحان بلبل في العناصر الأربعة تتمثل في الإقبال بحماسة ذلك أن المسرح الذي يثير الحماس في نفس الممثل أو في نفس المتلقي، كما الشعر في نفس الشاعر أو في نفس المستمع. وهنا قارن عبد الكريم بن عيسى، بالضرورة التقريبية حماسية المسرح بشعر الحماسة ومجالاته الكثيرة، وليست فقط ميادين المعارك هي التي تستنبط الحماسة، إذ غالبا ما يتبادر إلى الأرض أن شعر الحماسة هو الشعر المتعلق بالحرب، الذي يصف المعارك ويشيد بالأبطال ويتوعد الأصحاب. ورثاء أبطال المعارك، ومدحهم، أو فخر الشاعر ببطولاته في الحرب. فالشعر الحماسي قد نلحظه في مجال الفخر، ومجال الرثاء، ومجال الهجاء، ومجال الغزل. لأن في كل تلك المجالات يتطلب أن يتصف الشاعر أو السامع بالصبر، والجهاد، وتقوية الجأش… وما إلى ذلك من تحميس للنفس. كما كان يفعل عنترة في غزله الحماسي، حيث يصور نفسه بالبطل الأوحد بين عشيرته لأجل أن يظفر بحب عبلة.
واعتبر ذات المتحدث أن هذا ما يفعله المسرح بالمتلقي، خاصة في المبالغة في تقديم شخصيات الأبطال أو الزعماء protagonistes وناصريهم، قوية وفذة ومقدامة واعتدادها بنفسها والتفاخر بها، وتزويدهم بحماسة الشدّة والحيوية والمنع والشجاعة والمحاربة الشريفة والإشادة بأمجادهم وانتصاراتهم في الحروب والمثل الرَّفيعة. وعلى العكس -تماما – تقديم الخصم والغريم antagonistes وصفاً كريكتوريا، أو وصفه بالقوة الزائدة المفرطة؛ اللا إنسانية فيها.
يذكر أن أ. د. عبد الكريم بن عيسى، حاصل على دكتوراه فنون من جامعة تلمسان، له عدد مؤلفات منها في المؤلفات الأكاديمية: الدراماتورجيا والمنحى الدرامي، تراث آيراد: الممارسة والتوظيف المسرحي، وفي الإبداع الأدبي ديوان شكل الشمس المربع، ورواية عرق سوس ينبض حيّا، وله مخطوطات لمسرحيات تحت الطبع بعنوان: الحقائب الثلاثة وقبلة الموت، كما نشر العديد من النصوص الدرامية على غرار: مسرحية أهان، حدة، القضية والقاضي، آخر سيزيف والمخْيطْ، كما أخرج أيضا مسرحية: المعروف معروف 1981، سارق الحافلة 1982 (مونودراما عن إحسان عبد القدوس)، أنت فنان يا عياش 1993 والعسل المر 2015… له عديد المشاركات في ملتقيات علمية ومناسبات فنية داخل وخارج الوطن محاضرا ومحكما.
صبرينة ك