يلجأ الكثيرون من ذوي الدخل المتوسط عند البحث عن سكنات، إلى امتلاك سكنات ترتقي بالمستوى المعيشي، وهو الحال في السكنات بصيغة “عدل”، الصيغة التي طرحتها الدولة والمصالح المعنية بالإسكان، ويتمكن المكتتب من الحصول على السكن بعد تتبعه للكثير من الإجراءات وبعد قبول ملفه الذي يتضمن عدة شروط للاستفادة من هذه السكنات. وما يوقفنا للحديث عنه، ليس صيغة السكنات، وإنما المشاكل التي تصيبها جراء بعض الأمور التي يجهلها الكثيرون.
وفي حين عادت السكنات تحت صيغة “عدل” إلى الواجهة وفتحت الدولة والمصالح المعنية بوزارة السكن المواقع السكنية للمرة الثالثة منذ سنة 2013، وتضمنت 373 ألفا و317 وحدة سكنية في 31 ولاية عبر كافة الوطن من بينها حصة الجزائر العاصمة وبهذا الخصوص قدرت وزارة السكن حصة ولاية الجزائر بالنسبة لاختيار المواقع بقرابة 8 آلاف مكتتب، في السياق نفسه، أفاد الوزير أنه سيتم الانتهاء من إطلاق كافة مشاريع البرامج المسجلة سنة 2018 والمقدرة في مجملها بـ 120 ألف وحدة سكنية بصيغة البيع بالإيجار “عدل” قبل نهاية السنة الجارية، وتزامنا مع هذا سيتم خلال الأسبوع المقبل برمجة المكتتبين الذين اختاروا مواقع سكناتهم لاستخراج اوامر الدفع من اجل تسديد الشطر الثالث من قيمة السكن تماشيا مع إطلاق عملية ثانية لمنح شهادة ما قبل التخصيص للمكتتبين الذين تعدت مشاريعهم 70 في المائة من الانجاز وستمنح الفرصة للمكتتبين غير المبرمجين ضمن هذه الحصة في آجال لاحق علما انه تم فتح المواقع لاختيار السكنات لفائدة 78 ألف مكتتب في برنامج عدل 2 شهر ديسمبر الماضي.
سكنات شبيهة بالبيوت القصديرية
خيّبت سكنات عدل أمل العشرات من المستفيدين منها الذين لم تدم فرحتهم سوى دقائق معدودة بسبب الحالة الكارثية التي تعرفها الشقق، حيث أكد المستفيدون أنهم انتظروا مدة 16 سنة ودفعوا كل الأقساط والتكاليف الخاصة بسكنات عدل ليتسلموا -حسبهم- سكنات غير لائقة، مشيرين إلى أن الأبواب والنوافذ ذات نوعية جد رديئة، في حين أخرى أكدوا أنها قديمة ولا تحوي حتى على مقابض الأبواب ولا يوجد الزجاج على النوافذ، مضيفين أنه حتى صنابير المياه بالمطبخ والحمام لا توجد.
وفي ذات السياق، أكد بعض المستفيدين أن السكنات لا تحوي على المصابيح أيضا، ناهيك عن بعض التصدعات والروتوشات الأخيرة التي لم تكتمل الأمر الذي خلق حالة من التذمر والاستياء أوساطهم، مؤكدين أن ذات السكنات لا تتوافق مع التكاليف التي دفعوها والمدة التي قضوها طيلة 16 سنة في انتظار دخول سكناتهم الموعودة واصفين الوضع بـ(الفضيحة)، في حين أشار آخرون أن ذات السكنات ستكلفهم مبالغ أخرى لأجل إعادة التهيئة، مطالبين من الجهات المعنية النظر في الوضع ومعاقبة المؤسسة المكلفة بالمشروع السكني.
إذا لم تضع السلطات حدا للتأخر الكبير المسجل في تسليم الوحدات السكنية لأصحابها، حتى ألقت مصيبة أخرى بظلالها على المكتتبين الذين ينتظرون بفارغ الصبر سقفا يؤويهم، بعدما أضحى الغش والتدليس سمة تميز مختلف المشاريع المنجزة.لقد برمجت الحكومات المتعاقبة مشاريع ضخمة بمختلف الصيغ من أجل القضاء على أزمة السكن نهائيا، وحاول بعض المسؤولين تقديم انطباع بأنهم يحاولون استدراك التأخر المسجل وتسليم الأمانات إلى أهلها في مواعيدها، لكن ذلك بقي مجرد تصريحات موجهة للاستهلاك الإعلامي، بل أن الصدمة اكتشاف فضائح بعدة مشاريع تشوبها عيوب كثيرة في الإنجاز.
سكنات دون غاز ولا كهرباء
تفاجأ معظم المستفيدون من سكنات عدل بعد استلامهم للمفاتيح بعدم وجود الضروريات بالسكنات التي انتظروها منذ سنوات طويلة لتتبخر فرحتهم بعد اكتشافهم لعدم ربطها بالمواد الضرورية للسكن والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال شغل الشقق بدونها باعتبار أنها من ضروريات العيش.وما حز في نفوس المستفيدين هو إقدام الجهات المسؤولة على ربط السكنات التي تم برمجتها للتدشين من قبل السلطات المحلية يوم تسليم مفاتيح الشقق بالكهرباء والغاز والماء وإهمال باقي الشقق التي لا تزال دون مواد حيوية ومازاد الطين بلة هم معاناتهم هو شروعهم في دفع تكاليف الكراء منذ تاريخ استلام مفاتيح سكناتهم وهو ما أثقل كاهلهم خاصة وأن أغلبيتهم لا يزالون تحت رحمة الكراء وهو ما ضاعف من مصاريفهم خاصة و أن الأقساط المدفوعة كثمن للشقة شكلت عبئا كبيرا على المستفيدين.
مصاعد معطلة مند سنوات
يشتكي سكان عدل عبر كافة البلديات ، منذ سنوات من حالة المصاعد الكهربائية المعطلة و هو ما صعب الأمر على ساكني العمارات خاصة قاطني الطوابق العليا و منهم الأشخاص المسنين و ذوي الاحتياجات الخاصة إذا كانت العمارة الواحدة تحتوي على عشرة طوابق، وعلى حسب قول بعضهم فإن معظمهم يبقون في منازلهم أو حتى في بعض الأحيان أنهم يتجنبون الخروج حتى لا يتجرعون استعمال السلالم التي تنهكهم عند النزول و الصعود، و صرح أحذ الأعيان ـن الساكنين بهذه العمارات قد طالبوا مسؤولي سكنات عدل بالتدخل وإصلاح هذه المصاعد التي تتوقف مرارا و تكرارا و لكن دون جدوى رغم وعود السلطات المسؤولة عن مثل هذه السكنات بتسوية الوضع بصفة نهائية، من جهة أخرى فإن توجيهات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ انطلاق هذه الصيغة في بداية الألفية عن الالتزام بتسليم السكنات في جودة ونوعية حسنة مع الحرص على تزويدها بالمرافق الصحية و التربوية و الأمنية.
يشتكي القاطنون بسكنات عدل بالعاصمة من التعطل الدائم للمصاعد، مما فاقم من معاناة سكان الطوابق العليا التي يتعذر بلوغها دون مصعد.
وعبر السكان عن تذمرهم من هذه المشكلة التي طال أمدها عبر احياء مختلفة بالعاصمة مؤكدين، أن جميع أحياء سكنات عدل تعاني من عدة نقائص على رأسها تعطل المصاعد الذي يؤرق قاطنيها خاصة القاطنين في الطوابق العليا مع العلم أن عدد الطوابق يتجاوز في هذه الأحياء 10.
نقص مواقف السيارات مشكل يؤرق السكان
مشكل آخر لا يقل أهمية عن سابقه من حيث التأثير على الإطار المعيشي لسكان هذه الأحياء السكنية التي انتظرها قاطنوها فترة طويلة لاستلامها وكلهم أمل في تحسين وضعيتهم المعيشية، ألا وهو نقص مواقف السيارات التي تعد هاجسا آخر لم يوجد له حل إلى غاية الآن.فحسبما أجمع عليه قاطنو هذه الأحياء السكنية بسكنات عدل فإن العثور على مكان لركن سياراتهم أمر شبه مستحيل خاصة خلال الفترة المسائية، لتطلق رحلة البحث عن مكان لركن السيارة حتى ولو كان بعيدا عن العمارة التي يقطنون بها، بحيث تنتهي في غالب الأحيان بنشوب ملاسنات كلامية بين السكان.
مكتتبو “عدل” يتفاجأون من مواقع سكناتهم
تفاجأ مكتتبوا عدل بالعاصمة لدى ولوجهم مواقع اختيار السكنات التي وضعتها وكالة “عدل” تحت تصرفهم بتقلص عدد هذه المواقع مقارنة بما عرض السنة الماضية من حيث العدد إلى 3 مواقع 2 منهما تقعان في إقليم ولايتي البليدة و تيبازة ضمن مناطق نائية
وعبر معظم المكتبين المستجوبين عن تذمرهم من هذا الاختيار الذي لا يتناسب مع أماكن عملهم ومقرات إقامتهم الأصلية خاصة أن الكثيرين ينحدرون من بلديات في قلب العاصمة، الأمر الذي أدهشهم في التنقل من ولاية إلى ولاية أخرى و تحول إقامتهم من العاصمة ليصبحوا يتعاملون إداريا تحت الإدارات المحلية التابعة لولاية تيبازة و البليدة، و أعربوا عن نيتهم في نقل تذمرهم إلى مسؤولي وزارة السكن في أقرب الآجال بعد أن قدموا كل الدفعات في الوقت المحدد وبالنسبة والمقدار المحددين دون أي تأخر و لا تماطل في التسديد يصدموا بالواقع في نهاية المطاف، وكان أيضا مكتتبي عدل البليدة قد عبروا عن استيائهم و احتجوا على موقع “بوريان” الذي قدم إلى حصة العاصمة معربين على أنهم أولى بذالك الموقع لانتمائه إلى المقاطعة الجغرافية لولاية البليدة.
مختصون في مجال الإسكان والعمران:
“السكنات الجديدة غير حضارية”
و أجمع المختصون في مجال الإسكان و العمران على أن هذه السكنات الجديدة بالرغم من أنها استفادة للمواطن غير أنها بعيدة كل البعد عن كونها “سكن حضاري” و لا ترقى إلى المعنى و المدلول التي تحمله الكلمة و التي يدخل مضمونها في التمتع بالوسائل التي تضفي على المكان الراحة، إضافة إلى انعدام وسائل الترفيه إذ يجد الساكن نفسه في بيت لثلاثة أو أربعة غرف و عند خروجه من بيته يقابله الإسمنت دون مساحات خضراء، و في بعض التجمعات السكانية تعاني من مشاكل التأقلم مع الحياة الجديدة إذ أن سكان الأحياء و المستفيدين الجدد يدخلون في مشادات مع سكان الأحياء المجاورة والقديمة فإنها ليست بالسكنات التي ينسى المواطن فيها معاناته لينتقل إلى جو معاناة جديد.
ي-س/ ف-س