تنتظر سليمان شنين الرئيس الجديد للغرفة السفلى للبرلمان ملفات لا يمكن وصفها إلا بـ”المفخخة”، لها علاقة بمسألة الانتقال السياسي للحكم، وبالموازاة مع ذلك طرحت “حركة البناء” التي ينتمي إليها شنين اسمه كأحد القادرين على رعاية الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، مع أن هذه المهمة تقتضي أن يكون صاحبها شخصية توافقية بين مختلف الأطياف والحساسيات، كما أنه من الضروري تميزها بالاستقلالية عن الأحزاب ومؤسسات الدولة.
لم تمر أيام عن انتخاب النائب سليمان شنين المحسوب على التيار الإسلامي على رأس المجلس الشعبي الوطني وهي العملية التي فاجأت عددا من المراقبين، حتى خرج رئيس حركة “البناء” وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة، بمقترح أفاد من خلاله أن عضو مكتب الحركة ورئيس الغرفة السفلى للبرلمان سليمان شنين، سيكون أفضل من يقود الحوار الذي دعا إليه رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح في خطابه الأخير بخصوص التشاور حول إنشاء “الهيئة المستقلة للانتخابات”.
ويرى بن قرينة الذي دافع بقوة عن مسألة “انتخاب” زميله سليمان شنين على رأس الغرفة السفلى للبرلمان بالقول “سيستمر الحوار لمدة شهر كحد أقصى، يليه عقد جلسة خاصة بالبرلمان، والتي ستتم في غضون 15 يوما، للنقاش حول تعديلات تخص قوانين معينة لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء السنة، ويفضل أن يكون خلال شهر نوفمبر المقبل”..ولكن السؤال المطروح بخصوص كلام بن قرينة: هل من الطبيعي أن تقود شخصية من الدولة جلسة حوار توافقية سبق أن فصل رئيس الدولة بأن مؤسسات الجمهورية ستنأى بنفسها عنها ؟؟.
ومن الواضح، أنه في ظل غياب بارز لأسماء ثقيلة تقبل بسهولة قيادة جلسات الحوار التي دعت إليها السلطة القائمة، فإن سليمان شنين الذي حظي بدعم قوي من أحزاب الحكم، ليتبوأ منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني خلفا لمعاذ بوشارب، تريد جهات محسوب عليها أن تقترحه لمهمة قيادة الحوار، خاصة أن اختياره في هذا المنصب بخلفيته السياسية والايديولوجية لم يكن إلا رسالة طمأنة لقوى المعارضة خاصة الإسلامية وكشف لنوايا النظام في ترك قواعد اللعبة مفتوحة أمامها قبل وقت قصير من انعقاد الحوار الوطني، وربما ستختار السلطة نفس “القالب” الذي عليه شنين للقبول بشخصية قائد الحوار القادم.
وستعرف المرحلة المقبلة التي سيرأس فيها سليمان شنين مبنى زيغود يوسف، مناقشة عدة ملفات “مفخخة” تتعلق بالانتقال السياسي الذي تبحث عنه القوى السياسية منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2 أفريل الفارط، تحت ضغط قوي من الحراك الشعبي المتواصل، وأبرز المواضيع العاجلة المطروحة على الطاولة هي تعديل قانون الانتخابات واللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات، رغم أن الغرفة السفلى للبرلمان يعتبرها الحراك مؤسسة موروثة عن حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث تم الطعن فيها حتى من طرف النواب الذين ينتمون إلى غرفة السلطة التشريعية. وهنا يظهر اختيار شنين على رأس هذه المؤسسة كنوع من إضفاء المصداقية والشرعية على الغرفة السفلى للبرلمان التي تنتظرها ملفات مهمة في اتجاه الانتقال السياسي للحكم.
ومن جهة أخرى، حسب عبد القادر بن قرينة رئيس حركة “البناء الوطني” التي ينتمي إليها شنين فإن قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، سيكون من أولويات الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني، رغم أن هذا القانون تم قبره عام 2009، بضغط من دوائر السلطة آنذاك ليتم رفضه من طرف مكتب المجلس ويوضع في دهاليز النسيان، وفي الواقع هذا القانون لا يحظى بأهمية في ظل ترتيبات الوضع السياسي المتأزم.
وفي السياق ذاته، لن تكون المهمة سهلة ومفروشة بالورود أمام سليمان شنين لإعادة ترتيب الأوراق داخل مبني زيغود يوسف وهو البيت المعروف بكثرة صراعاته ومشاكله وتجاذباته السياسية في كل عهدة تشريعية، خاصة في المرحلة المتعلقة بإعادة تشكيل اللجان البرلمانية بين مختلف القوى السياسية المتصارعة على النفوذ.
ولكن في ظل موازين القوى القادمة، فإن من المرجح أن لا تدوم فرحة سليمان شنين طويلا، ولن تستمر أكثر من سنة واحدة، في ظل حديث بعض الأطراف عن أن رئيس الجمهورية المنتخب لن يكون أمامه إلا حل المجالس المنتخبة وعلى رأسها الغرفة السفلى للبرلمان والدعوة لانتخابات جديدة تفضي إلى مجلس شعبي وطني بتركيبة ورئاسة جديدة تقود البلاد لعهدة رئاسية من خمس سنوات أخرى.
إسلام كعبش
أبرزها ملفات الانتقال السياسي :
الوسومmain_post