أسدل الستار على فعاليات المهرجان الوطني لأغنية الشعبي في طبعته الثالثة عشر بقصر الثقافة مفدي زكرياء بالعاصمة، في ظل مساع حثيثة وتحديات كبيرة من الدولة التي دعت على لسان وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، كل المتخصصين بنقل هذا الموروث الغنائي العريق، من مرحلة الشفوية إلى مرحلة التدوين والتوثيق، بما يضمن مصداقيتها الأكاديمية أمام الهيئات الدولية، وعدم تعرضها للنسيان والضياع من جهة أخرى، وهي الطريقة المثلى، كذلك، لحماية الحقيقة التاريخية من طرف بعض الجهات المغرضة، ويتم تنظيم كل عام هذه التظاهرة التي تحتفي بهذا الزخم الفني الكبير باعتباره تراثا جزائريا لامادي أصيل ليشكل فرصة ثمينة للفنانين الشباب من أجل استلام المبادئ والأصول من شيوخ هذه الأغنية.
هؤلاء المتوجون في مسابقة الطبعة
وقد شهد اختتام فعاليات المهرجان الوطني لأغنية الشعبي في طبعته الثالثة عشر إعلان لجنة التحكيم التي ترأسها مصطفى بوعافية، وضمت كل من عضوية خالد شهلال ياسين، سيد علي دريس، عبد القادر رزق الله، وناصر مقداد، تتويج المترشح محمد ياسين لونيسي، من ولاية عيد الدفلى، بالمرتبة الأولى من المسابقة الخاصة بالمهرجان، لتفوز مروة لعرابي من ولاية البليدة بالمرتبة الثانية، ونال بلقاسم قادري من ولاية بجاية المركز الثالث، كما خصصت اللجنة جائزة رابعة، هي جائزة لجنة التحكيم عادت لصابرية بوعجاج من ولاية مستغانم.
وحسب خالد شهلال ياسين، مقرر لجنة التحكيم، كانت المتابعة دقيقة جدا للمتقدمين، نظرا لتقارب المستويات، ما صعب الفصل في النتائج، واحتكم أعضاؤها إلى جدول تقييم وتنقيط ضمن معايير سبعة هي القدرات الصوتية، معرفة وحفظ النص، التحكم في أداء النص والتحكم في الإيقاع وأصلية النص واللحن والحضور وشخصية المؤدي والهندام.
في سياق آخر، أعلن منظمو المهرجان على رأسهم المحافظ عبد القادر بن دعماش، عن فتح باب التقديم للدورة الرابعة عشرة، دون أن يتم الكشف عن تاريخ النسخة القادمة، لكي يمكن للمواهب الناشئة أن تستعد لهذا الموعد.
“الشعبي”… حكاية طابع فني جزائري خالص
ويعد الشعبي رمزا من رموز الفن الجزائري الأصيل، حيث عرف مطربي الشعبي كيف يستلهمون من قصائد الملحون الثرية والغنية لشعراء كبار أمثال سيدي لخضر بن خلوف، بن مسايب، بن تريكي، عبد القادر الخالدي ومصطفى بن براهيم…، ثم يحولونها إلى نغمات جميلة، حين امتزجت قصيدة الملحون مع الإيقاع الموسيقي المحلي لتنتج أغنية الشعبي، هذا الفن الجميل الذي أصبح يعانق المناسبات والأفراح إلى أن أصبح جزءا من يوميات شرائح كبيرة من الشعب الجزائري، كما رافق كفاحه ضد المستعمر الفرنسي كسلاح استعمله مطربو الشعبي داخل وخارج الوطن –حسب المختصين في المجال-.
وما يميز هذه الموسيقى هي الأصوات والقصائد الشعرية، يمثل الصوت ذاكرة حزينة لأوقات مضت أو جلسات مع الأصدقاء أو ذكريات، مما يعطي خلفية جميلة لبلد الجزائر، وهي موسيقى تصف الواقع المعيشي وحتى أنها تتضمن حكايات وقصص مثل قصص الأنبياء والصالحين.
وقد أضفى عدد من الفنانين من قبيل الشيخ الناظور، الحاج محمد العنقى، الحاج منور ودحمان الحراشي وسعيد المداح… وآخرين، صيغة موحدة لهذا النوع الموسيقي باعتبارهم يشكلون الجيل الأول لمطربيه، كما ولعب الشاعر والملحن وكاتب الكلمات محبوب صفار باتي المعروف بـ “محبوباتي” في تجديد أغنية الشعبي في السبعينيات خصوصا من ناحية التلحين ومحتوى الكلمات ما جعلها تلقى قبولا جماهيريا كبيرا.
صبرينة ك