هدد الناطق باسم “تنسيقية اعتصام الكامور” (مستقلة) بتونس، بالعودة للاعتصام مرة أخرى “وقطع مرور البترول”، ما لم تنفذ الحكومة الاتفاق المبرم، بين الطرفين، في موعد غايته غدا الإثنين، والمتعلق بتنمية محافظة تطاوين جنوبي البلاد، وتشغيل مئات العمال بشركات بترول.
وفي 16 جوان 2017، وقعت الحكومة التونسية اتفاقا مع ناشطين كانوا يعتصمون بمنطقة “الكامور” قرب “تطاوين”، نص على فض الاعتصام الذي استمر لأكثر من شهر ونصف الشهر، مقابل الاستجابة لمطالب المحتجين المتعلقة بتنمية محافظة “تطاوين” وتوفير فرص عمل.
و”الكامور” منطقة تبعد نحو 100 كلم عن محافظة “تطاوين”، ويقع فيها العديد من الحقول النفطية، وشهدت المنطقة، العام الماضي، احتجاجات للمطالبة بتوفير فرص عمل، تخللها صدامات مع قوات الأمن أسفرت عن مقتل أحد المحتجين.
وفي مقابلة مع الأناضول، قال طارق الحداد، الناشط التونسي والناطق باسم التنسيقية: “أمهلنا الحكومة مدة لا تتجاوز الإثنين المقبل، فإما أن تطبق كافة بنود الاتفاق المبرم مع المحتجين، أو سنعود إلى الاحتجاج”. وأوضح أن الاحتجاج سيكون “عبر نصب الخيام في الشارع وربما الاعتصام في الصحراء وقطع مرور البترول عبر المضخات من شركات الإنتاج إلى باقي المدن”.
وتزخر محافظة تطاوين على مخزون كبير من البترول والغاز، وتنتشر شركات الطاقة الوطنية والأجنبية في الصحراء القريبة، ووفق أرقام رسمية، فإن حقول تطاوين، تساهم بـ40% من إنتاج تونس من النفط و20% من إنتاج الغاز.
وينص الاتفاق على تفعيل مطالب شباب المحافظة عبر انتداب ألف و500 بالشركات البترولية (ألف في عام 2017 و500 في 2018) إضافة إلى إقرار منحة بحث عن العمل (نحو 200 دولار) تصرف للمنتدبين في الشركات البترولية ابتداء من شهر سبتمبر/أيلول الماضي إلى حين الالتحاق بالعمل. كما تم الاتفاق على توظيف 3 آلاف عامل في شركة الغراسات والبستنة (متخصصة بتشجير مداخل المدن)، (ألف و500 خلال 2017 وألف خلال 2018 و500 خلال 2019)، إضافة إلى رصد مبلغ 80 مليون دينار (نحو 32 مليون دولار) لميزانية تنمية المحافظة سنويا.
وعود قيد الانتظار
وبحسب الناشط التونسي، فإنه “لم يقع الالتزام بتفعيل البند الخاص بتشغيل ألف عامل في الشركات البترولية خلال 2017 و500 آخرين في 2018 حتى الآن، ولم يتم توظيف سوى 81 عاملا فقط في شركات البترول والغاز العاملة في الصحراء”. وفي الوقت ذاته، كشف أنه “تم تفعيل البند المتعلق بانتداب 1500 عامل في شركة الغراسات والبستنة خلال 2017 “، مشيرا إلى “صعوبة ظروف العمل التي واجهوها”. وعن هذه الصعوبات، أوضح: “تم استغلال العمّال في أعمال البناء الشاقة بالشركة، في حين أن اختصاصها يتمثل أساسا في أشغال البستنة”. من جهة أخرى، طالب الحداد الحكومة التونسية برصد المبلغ الخاص بميزانية التنمية بالمحافظة بالنسبة لعامي 2017 و2018. وينص الاتفاق أيضا على إجراء لقاء يضم المعتصمين بوزير الصحة، عماد الحمامي، (وهو المكلف من قبل رئيس الحكومة بهذا الملف عندما كان وزيرا للتشغيل) كل 15 يوم لتدارس تنفيذ بنود اتفاق “الكامور”. لكن الحداد، قال إنهم لم يجتمعوا مع المسؤول عن الملف سوى 3 مرات فقط منذ يونيو/حزيران الماضي.
تهديد بعودة الاحتجاج
وأشار الناشط التونسي، إلى أن “تدهور الأوضاع الاجتماعية في مدينتي ذهيبة ورمادة، بمحافظة تطاوين، دفعت الشباب مرة أخرى التوجه إلى الحدود البرية مع ليبيا وممارسة تجارة البنزين (يبيعون البنزين لتجار من ليبيا بشكل غير قانوني )”. ولفت في السياق ذاته إلى “قيام السلطات التونسية بممارسة تضييقات أمنية على هؤلاء الشباب لمنعهم من مزاولة عملهم”. وشددت القوات الأمنية رقابتها على الحدود مع ليبيا تحسبا لتسلل إرهابيين أو تهريب أسلحة. ومضى قائلا: “نفذ صبرنا بعد 8 أشهر من توقيع الاتفاق رغم أننا راعينا الواقع الاقتصادي الصعب الذّي تمر به البلاد ، لكن الحكومة لم تفهم الدرس من اعتصام الكامور”. وأضاف: “قررنا العودة إلى الشارع والاحتجاج بسلمية في صورة عدم تنفيذ كامل بنود الاتفاق قبل يوم الاثنين القادم”. وطالب الناشط التونسي “الحكومة بإثبات جدّيتها والانطلاق بتنفيذ كل وعودها.
وأوضح أن شعار معتصمي الكامور كان “الرخ لا”، (تعني لا تراجع)، أما اليوم فشعارنا هو “توّة توّة” (الآن الآن) أي بمعنى أن على الحكومة “تنفيذ الاتفاق الآن وليس الغد”. والأحد الماضي عادت الاحتجاجات في تطاوين، إذ نفذ مئات الشباب وقفة احتجاجية تنديدا بما اعتبروه “تراخي” الحكومة في تنفيذ كل البنود. وتعقيبا على عودة الاحتجاجات في تطاوين، قال وزير الطاقة والمناجم خالد قدور في تصريحات إعلامية سابقة إنّه “من الصعب جدا الإستجابة لكافة طلبات التشغيل، والحكومة تحاول البحث عن الحلول من خلال التفاوض الذي تعتبره الحل الأسلم مع المعتصمين”.
واعتبر أنّ “تعطيل الإنتاج في العديد من المناطق أصبح أمرا لا يحتمل”. وتبلع نسبة البطالة في محافظة تطاوين 32.4 بالمائة بحسب أخر إحصاء رسمي وتعتبر هذه النسبة الأعلى في تونس. وتسبب اعتصام الكامور في محافظة تطاوين العام الماضي، في تراجع إنتاج النفط الخام إلى أكثر من النصف.
المصدر: الأناضول