ينظر السياسيون في الجزائر إلى التعديلات الوزارية التي تحصل بين الفينة والأخرى بعين من التشاؤم، الذي لن يكون له تأثير إلا بتغيير ذهنية النظام القائم، في حين تنشغل السلطة بتغيير اللاعبين الجدد في الساحة السياسية وتغازل أعدادا كبيرة من الأحزاب الموالية لها لركوب قطار اللحظات الأخيرة للتحضير لرئاسيات 2019.
تستعد الجزائر لخوض اللحظات الأخيرة من سنة 2017 لاستقبال سنة جديدة يفترض أن تكون حاسمة قبل المنعرج الأخير في الولاية الرابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية لن يكون بذلك سهلا إقناع الجزائريين بنجاح الحكومات المتعاقبة ولا المترشحين للرئاسة.
نحو إجماع وطني جديد؟
بعد فرز نتائج تشريعيات الرابع من ماي المنقضي التي أفرزت تشكيلة جديدة للبرلمان الذي سيطرت عليه أحزاب المولاة بامتياز.
وارتفعت أسهم أحزاب أخرى محسوبة على الموالين “كتاج “إلى جانب المترشحين الأحرار، مقابل تراجع ملحوظ للمعارضة من العمال والإسلاميين وامتناع أحزاب أخرى عن الترشح كطلائع الحريات وجيل جديد. وضمنت بذلك السلطة تشكيلة برلمانية على المقاس المطلوب لتسيير إحدى أهم المؤسسات التشريعية في البلاد.
وكشفت المحليات الأخيرة خريطة سياسية جديدة في المجالس المنتخبة البلدية والولائية ،اذ عاد الحزب الحاكم “الآفلان ” ليتربع على عرش المجالس في اغلب الولايات متبوعا بالارندي إضافة إلى حزب “تاج” والجبهة الشعبية “الامبيا ” وجبهة المستقبل العائد الجديد إلى الواجهة ،وكلها أحزاب محسوبة على المولاة وتخدم واجهة السلطة.
وأعطى المراقبون للوضع تخمينات للوضع العام في البلاد أنه يسير نحو تعديل وزاري مرتقب في القريب العاجل يجمع كل التشكيلات السياسية في البلاد خاصة بعد نجاح أحزاب كجبهة المستقبل والجبهة الشعبية في الوصول إلى إحراز مقاعد محلية وولائية وأخرى برلمانية.
ويجمع السياسيون على أنه حان الوقت المناسب لهذا التعديل الذي سيكون حكومة أجماع وطني جديد للتحضير للمرحلة المقبلة للجزائر التي ستعرف انتخابات رئاسية في ربيع 2019.
وينتظر أن تكون حكومة مكونة من وزراء محسوبين على الأحزاب المتصدرة في الانتخابات و ووزراء تكنوقراط يشكلون إجماعا وطنيا حول مشروع واحد إضافة إلى تعديلات أخرى ستمس أجزاء أخرى من الدوائر الحكومية الهامة كالولاة .
وستجد السلطة نفسها مجبرة على تهدئة الجبهة الداخلية خاصة في ظل اقتصاد متردي واستمرار مرض الرئيس لإدارة مرحلة الأزمة بتجميع كل الأطراف في التسيير وفق مشروع موحد للسلطة والدخول لمرحلة العد التنازلي .
لخضر بن خلاف:
“تغيير الوجوه والسياسات واحدة”
انتقد النائب البرلماني عن تكتل النهضة والعدالة والبناء كل التعديلات الوزارية التي تعرفها منظومة الحكم في الجزائر واعتبرها غير مجدية لأنها تخدم نظاما واحدا واعتبر المتحدث أن التعديلات المتعاقبة خلال ظرف قياسي أنها مؤشر غير صحي.
وكشف النائب البرلماني أن الحكومات المتعاقبة منذ 2012 لا تعتمد على إثراء في البرامج إنما تعتمد التغيير في الوجوه والواجهات دون تقديم حصيلة عن نشاط الوزراء الشخصية والجماعية وفقا لما يشترطه الدستور الذي يلزم الحكومة أن تقدم بيانا عن حصيلتها العامة في نهاية كل سنة لكن ما يحدث عندنا حسب النائب فانه لا بيان سياسة عامة ولا محاسبة سنوية بل انه تتم ترقية الوزراء الذين فشلوا في تسيير قطاعاتهم إلى رتبة نواب في مجلس الأمة ليتمتعوا بالحصانة البرلمانية.
وانتقد بن خلاف السياسة الاقتصادية للحكومات المتعاقبة التي فشلت في تخليص الاقتصاد الوطني من التبعية للنفط إضافة إلى الفشل في ترقية حياة الجزائريين إذ تعرف النقابات إضرابات مختلفة مع حلول كل موسوم دخول اجتماعي.
واعتبر النائب أن التعديلات الوزارية ما هي إلا ذر للرماد في العيون لإسكات الغاضبين من الجزائريين على سوء مستواهم المعيشي.
وفسر المتحدث كثرة التعديلات خلال ظرف قياسي أنها مؤشر على انسداد حاصل في دواليب السلطة التي تخشى وقوع حالات اضطراب قد تهدد الاستقرار العام.
مقري: التغييرات الوزارية المتعاقبة تدل على الفشل
هاجم الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم التعديلات الوزارية المتعاقبة في الجزائر واعتبرها معيارا حقيقيا على الفشل.
وانتقد مقري السلطة التي تقف خلف هذه التعديلات المتكررة واعتبر المتحدث أن العمل على التغيير صعب حدوثه في الجزائر لان النظام السياسي القائم يرفض التغيير والتجاوب مع المعارضة وإعادة المصداقية للانتخابات وهو بذلك لا يقبل أي تعاون مع الطرف الاخر.
وهاجم مقري الحكومات المتعاقبة واعتبرها سببا في الأزمة الاقتصادية الحاصلة آنيا والتي تحمل مغامرات خطيرة مستقبلا.
جيلالي سفيان:
“التعديلات تخضع لموازين القوى الظرفية في البلاد”
اعتبر جيلالي سفيان أن الطاقم الحكومي هو آلة في يد رئيس الجمهورية لكن ما يحدث في الجزائر أنه في ظل غياب الرئيس عن الواجهة فقد سمح ذلك بتدهور منظومة الحكم.
وصار اختيار الوزراء والشخصيات يخضع لمعيار الولاء للسلطة الحاكمة ولم تعد الكفاءة من الضروريات لذلك كما أن السلطة نفسها لا تسعى الى التغيير للخروج بالبلاد من الأزمة.
و أضاف جيلالي سفيان أن السلطة تريد بقاء الحال على ما هو عليه للذهاب الى رئاسيات مستقبلية بنفس الوجوه والبرامج.
و استنكر المتحدث أن تتحدث كل الحكومات المتعاقبة باسم الرئيس على الرغم من اختلاف برامجها وأضاف ان ذلك يعني دون شك ان الكل يخضع لموازين القوى الظرفية في البلاد.
وأضاف جيلالي سفيان أن التعديلات الظرفية التي تظهر بين الفينة والأخرى تعني أنهم لا يتحكمون في التسيير وأن التغيير يعتمد على استبدال الأوجه لا أكثر.
رخيلة عامر خبير القانون الدستوري:
“التعديلات المتعاقبة تجعلنا نعتقد بعدم وجود برامج”
كشف المحلل السياسي رخيلة عامر أن التغييرات الحكومية التي تحصل في الجزائر تخل بتطبيق البرنامج الحكومي المتحدث عنه.
فخلال فصل الصيف كان تبون يلح على تطبيق سياسة التضامن الوطني على أصحاب المال ،باسترجاع أموال الخزينة العمومية لمساعدة البلاد للخروج من أزمتها وكانت قرارات الوزير الأول كلها باسم رئيس الجمهورية ،وبين عشية وضحاها خلفه الوزير الأول احمد اويحي على رأس الوزارة الأولى وغير التوجه العام للحكومة وكان دلك باسم الرئيس أيضا.
وتساءل الرأي العام خلالها عن هذا الاختلاف وعن هدا التعديل المفاجئ وشكك في وجود برنامج إجماع بين الحكومات المتعاقبة.
و أضاف المحلل السياسي رخيلة أن هذا التضاد في التوجهات ، قد كشف أن الحكومات في الجزائر آنية و انه ليس هناك برنامج متفق عليه ،و أن التسيير يخضع للنسبية إلى حين انتهاء الوقت.
والدليل على ذلك هو المضي في بعض البرامج والمشارفة على الانتهاء منها ،ثم العدول عنها دون سبب مبرر ودون حسابات مسبقة تسبق الشروع في تنفيذها.
و أكد المحلل السياسي رخيلة عامر أن عدم الاستقرار الحكومي يجعلنا تشك في مدى جدية هده الحكومات المتعاقبة،التي تتغير بتغير الميزاج.
رفيقة معريش