جريدة الجزائر اليومية الجزائرية
مقالات مشابهة
في وسط الحراك الريفي بالمغرب، تتعالى أصوات شبابية تحررية للمطالبة بالحكم الذاتي للمنطقة، واستندت إلى المقترح المغربي بالاستقلال الذاتي للصحراء الغربية.
و يرى باحثون أن النزعة التحررية لأهالي الريف، وخروجهم عن الحاكم تشكل تهديدا متواصلا للعرش المغربي.
تتواصل المظاهرات في الريف المغربي حاملة شعارات ضد الفساد والبطالة والتهميش، واستعانت هذه الحركة الاحتجاجية التي اتسعت رقعتها من معقلها في مدينة الحسيمة شمال المغرب وامتدت حتى إلى شبكات التواصل الاجتماعي.
وتمكّن هؤلاء النشطاء المحليون، في الريف المغربي الذين لا يوالون لأيه جهة حزبية أو منظمات المجتمع المدني أو المركزيات النقابية، من حشد أعداد كبيرة من الشباب وخريجي الجامعات وفئات اجتماعية غاضبة من الفقر والتهميش وغياب البنيات التحتية .
الغاضبون من المغرب العربي:
ويجمع المتابعون بوجود خصائص مشتركة مع احتجاجات شهدتها منطقة القبائل بالجزائر، وفي جنوب غرب تونس وإقليم الريف المغربي.
وتشترك هذه المناطق في كونها مناطق تعرف حركات احتجاجية غاضبة بين الفينة والأخرى بسبب تدني مستوى التنمية الاقتصادية وارتفاع مؤشرات البطالة والفقر والتهميش إلى معدلات قياسية مقارنة بالمعدل الوطني في البلد الواحد.
وتتسم احتجاجات هذه المناطق المختلفة من البلدان المغاربية، بطابعها المعارض لسياسة الدول، وتشترك جميعها في المطالبة بالحقوق الاجتماعية، وهو ما يميزها عن احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت الدول العربية للمطالبة بإسقاط الأنظمة.
وتتسم منطقتا الريف المغربية والقبائل بالجزائر ، بالتحام اجتماعي والهوية المشتركة والخصوصية الموحدة بحكم خلفية سكانها الأمازيغية، ما يمنح الاحتجاجات فيها طابع التماسك والاستمرارية، ويساعد في ذلك اللغة المحلية و انتشار استخدام الوسائط الاجتماعية.
ويقع المغرب في مقدمة الدول التي لها دوافع أكثر للمضي في سياسة اللامركزية، على الأقل بحكم تطلعه لحل نزاع الصحراء الغربية في هذا الأفق على أساس حكم ذاتي موسع، كما تقترحه المغرب على الأمم المتحدة، كذلك يسعى الريف بحكم الحراك المتواصل إلى تثبيت المطلب الأساسي بالحصول على حكم ذاتي للمنطقة.
لكن وفي ظل ضعف اندماج مناطق الاحتجاجات هذه، تميل الحكومة المركزية بالرباط إلى التركيز على الخيارات الأمنية واعتقال النشطاء لتحقيق التهدئة، وهو ما يساهم في تعميق الهوة مع المحتجين ودفعهم إلى مطالب تشكك حتى في الدولة، مثلما يرصده محللون في خطاب ناصر الزفزافي متزعم “حراك الريف”.
وعلى الرغم من انتقاد سياسة المخزن المغربي في التعاطي مع الاحتجاجات الا أن الحكومة لا تزال ماضية في سياستها.
من اجل مغربي فيدرالي
كتب الكاتب والباحث المغربي ،أحمد عصيد على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك موقفه كريفي غاضب مطالب بحكم فيدرالي مستقل قائلا أن “انتفاضة الريف ضدّ الدولة المركزية (هكذا ينبغي أن تُفهم) يمكن أن تُدرس أيضا على أنها مؤشر لمقدار الإنهاك الذي أصاب نموذج الدولة الوطنية التقليدي، ومقدار التذمر الذي استبدّ بالمواطنين في منطقة عانت من سياسة انتقامية دامت لعقود، وتركت جرحا عميقا ما فتئ يتجدّد مع كل تصادم جديد”.
وأضاف عصيد ” أن عنوان المرحلة الحالية كما يعكسه الحراك الحسيمي هو انعدام الثقة التام بين الريف والدولة، ما يقتضي التفكير ليس فقط في تدارك الوضع الراهن، وهذا مسؤولية جميع أطراف الدولة بدون استثناء، بل وفي التأسيس لمستقبل أكثر أمنا وأمانا واستقرارا، وهذا لن يكون متيسرا إلا مع الانتقال من نموذج دولة أصابه الإنهاك إلى نموذج جديد يبدو أن المغرب يتجه إليه بقوة الأشياء، وهو النموذج الفدرالي”
و أشار المدون المغربي أن “الحركة الأمازيغية سباقة إلى تطارح فكرة الدولة الفدرالية منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وهو ما يفسر كيف بادرت مناطق مثل سوس والريف إلى التعبير عن رغبتها الأكيدة في الحصول على حكم ذاتي بعد إعلان الملك محمد السادس لأول مرة عن مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية سنة 2005” على حد تعبيره
وأضاف عصيد أن طرح موضوع الدولة الفدرالية تحدي كبير على النخب السياسية والمدنية المغربية، حيث يدعوهم جميعا إلى التفكير بشكل مختلف في مغرب ممكن خارج النموذج التقليدي للدولة الوطنية المركزية.
رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا
المخزن مطالب بمنح الحكم الذاتي للريف
يدافع رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا، في تصريح للإعلام ،عن فكرة الحكم الفيدرالي ،قائلا ” أن تهمة الانفصال التي تحاول الحكومة المغربية بمختلف أحزابها العروبية والإسلاموية توجيهها لمناضلي الحراك الاجتماعي بالريف، هي تهمة جاهزة تدخل في إطار استراتيجية شاملة يستعملها أعداء الأمازيغية قصد فصل النخب الأمازيغية المناضلة عن الكتل الشعبية والجماعات والقبائل الأمازيغية”
وقال الراخا، خلال مائدة مستديرة حول موضوع: “وضعية حقوق الأمازيغ في بلدان شمال إفريقيا ،على ضرورة تمتع جهة الريف بحكم ذاتي موسع كحل أنسب للمشاكل التي تتخبط فيها الجهة، وقال بأن الدولة فشلت في التعامل مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي نادى بها حراك الريف.”
ومن أجل نظام فيدرالي محكم، اقترح الراخا مشروع “ميثاق تمازغا من أجل كونفدرالية ديمقراطية واجتماعية عابرة للحدود”، مبنية على الحق في الحكم الذاتي للجهات، وهو المشروع الذي اعتمد من طرف ”التجمع العالمي الأمازيغي“ المجتمع في الملتقى العام التأسيسي ببروكسيل في ديسمبر 2011 .
المؤرخ محند ارزقي فراد
العرش المغربي يخشى النزعة التحررية لمنطقة الريف
قال المؤرخ الباحث محند ارزقي فراد أن منطقة الريف المغربية تشبه الى حد بعيد لمنطقة القبائل الجزائرية، بحكم الهوية والثقافة والنزعة التحررية ،و أضاف الباحث أن تاريخ الريف المغربي ضارب في الأعماق ،حيث شهدت المنطقة أكبر الثورات التحررية التي تزعمها ابن المنطقة عبد الكريم الخطابي،مؤسس منطقة الريف ،والدي تحدى الاستعمار الاسباني والفرنسي وخرج عن طاعة السلطان وهدد العرش الملكي. لدلك فان النظام المغربي ينظر إلى المنطقة بعين الريبة والقلق مخافة تجدد نزعاته التحررية وخروجه عن طوع الحاكم.
كما أنها تملك رصيدا نضاليا أكبر من نضال العائلة المالكة، وتاريخ المنطقة يسمح لأهلها بالمطالبة بحكم ذاتي بأريحية.
و أشار محند ارزقي فراد أن الضباط الذين خططوا سابقا للقضاء على الملكية في عهد الحسن الثاني كانوا من إقليم الريف، واضاف أن هؤلاء الريفيين منتشرون في كافة أنحاء المغرب ويشكلون نسبة كبيرة من الاجناس التي استوطنت بالمنطقة .
رفيقة معريش