تطرح قضية الشركات الاقتصادية التي يتابع أصحابها في قضايا الفساد، تساؤلات عدة، عن مصيرها ومصير عمالها، وإن كانت هناك إجراءات قانونية يمكن من خلالها التكفل بهذه المؤسسات و ضمان استمرار نشاطها والحفاظ على مناصب الشغل التي توفرها، ففي الوقت الذي دعا فيه الوزير الأول وزراءه، إلى البحث ودراسة الإجراءات الممكنة لذلك، يؤكد خبراء اقتصاد وخبراء قانون أن الحلول موجودة وأن هناك إجراءات معمول بها على المستوى العالمي تسمح بإنقاذ الشركات التي تمر بهكذا وضع، وحذروا من ارتكاب أخطاء الماضي بغلق المؤسسات لأنها ستكون “صفعة قوية للاقتصاد الوطني” وعامل قد يؤذي إلى “اللااستقرار السياسي والاجتماعي”.
تواصل العدالة فتح قضايا الفساد، العديد منها مس رجال أعمال وملاك لشركات، منها شركات منتجة، ومنها شركات خدمات، ومنها شركات وهمية استنزفت أموال الخزينة العمومية دون تقديم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، ولا تزال القائمة طويلة بما أن التحقيقات لا تزال في بدايتها، وبالموازاة مع هذه الإجراءات، هناك خوف على مصير الشركات ذات الطابع الاقتصادي والتي تساهم بشكل أو بآخر في تنمية الاقتصاد الوطني وتوفر الآلاف من مناصب الشغل، وقد يكون هذا الانشغال ما دفع الوزير الأول إلى تكليف الحكومة ب”الاستعجال بإحصاء كل النشاطات الاقتصادية والمشاريع التي يحتمل أن تعرف اضطرابا جراء الإجراءات التحفظية، من أجل إيجاد حلول قانونية لها، حفاظا على دورها الاقتصادي والاجتماعي وبالخصوص على مناصب الشغل”، وهو ما يؤكد عليه خبراء الاقتصاد الذين تحدثوا عن ضرورة الإسراع في وضع هذه التدابير وحذروا من ارتكاب الأخطاء السابقة –غلق الشركات المنتجة- و الذي كان بمثابة صفعة قوية للاقتصاد الوطني، كما أكدوا أن هناك العديد من الإجراءات المعمول بها عالميا التي تحمي الشركات الاقتصادية وتحافظ عليها في حال كانت تعاني من مشاكل مع البنوك أو الضرائب أو مع العدالة، وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي مالك سراي في تصريح ل”الجزائر”، أمس، أن هناك إجراءات قانونية معروفة ومطبقة على المستوى العالمي في مثل هذه الحالات التي تكون فيها الشركات تمر بمشاكل مع البنوك أو العدالة أو مصالح الضرائب، وهنا تخضع هذه الشركة لرقابة الدولة عبر العدالة، التي من حقها أن تخضعها للرقابة، إما بتعيين مسيرين للشركة من عائلة المالك، أو خبراء في التسيير والمالية والضرائب، غير أنه قال أنه في مثل حالة الجزائر كون قضايا الفساد لا تزال في بدايتها وقد تجر الآلاف من الشركات والآلاف من المتورطين، فيمكن للدولة أن تقوم بإجراء حجز وبيع الشركات التي ثبت أن أصحابها نهبوا أموالا كبيرة، حتى تسترجع بعض من الأموال وتضعها بالخزينة العمومية، كما يمكنها أن تلجا في حالات أخرى لشركات إلى تعيين خبراء و مختصين للتكفل بتسيير الشركات مع الإبقاء وبصفة عادية على العمال وآليات الإنتاج، وأشار سراي إلى تجارب سابقة نجحت أين وضعت الدولة شركات تحت الرقابة ووضعت لها مسيرين من أهل الاختصاص، غير أنه أشار أيضا إلى ما اسماه “أخطاء كبيرة وفادحة” ارتكبت أيضا في السابق حين قامت الدولة بغلق بعض الشركات كالخليفة، معتبرا أن هذا الإجراء كان خاطئ لان الشركة تعتبر حسبه حق للعمال.
وتوقع سراي أن تكون هناك سلسلة طويلة للشركات والمتورطين في قضايا الفساد سوف تكشف عنها العدالة خلال الأيام القادمة، و قال أن العدالة و لحد الساعة لم تستعن بالخبراء و المختصين لكشف الخبايا الكبيرة و الأرقام التي لا تزال غامضة كون القضاة ليسوا مختصين في الحسابات و الأرقام، و عند تدخل الخبراء سيتم كشف الغطاء على النهب و الفساد وحجمه الحقيقي و يكشف أيضا متورطين سياسيين و مسؤولين آخرين .
من جانبه قال رجل القانون بوجمعة غشير في تصريح ل”الجزائر”، أن الحكومة تفطنت إلى أن إدخال مسؤولي الشركات للسجن دون مراعاة للحفاظ على استمرارية نشاطها ودون مراعاة على الحفاظ على مناصب الشغل لعمالها، أمر فيه مضرة كبيرة، بغض النظر عن نوعية هذه الشركات إن كانت منتجة أو تقدم خدمات، وتفطنت إلى أنه لا بد من الحفاظ عليها، و من الناحية القانونية قال المتحدث أن العدالة يمكن أن تقوم بحجز تحفظي على الرشكة التي تورط مالكها في قضايا فساد، أو قد تكلف أشخاصا من الشركة لتسييرها.
أما الخبير الاقتصادي و عضو النادي الاقتصادي الجزائري محمد بوجلال فقال في تصريح ل”الجزائر”، أن المؤسسات تخضع لقوانين، فإذا كان صاحب المؤسسة متورط في قضايا فساد كشخص، فالمؤسسة لا بد أن تبقى في نشاطها المعتاد، وهنا الدولة تتخذ التدابير للحفاظ على سير الأمور عادية بالنسبة للمؤسسة من خلال تعيين مجموعة مختصة ترافق الشركة حتى لا تتوقف عن النشاط و تضمن استمرار العمال في مناصبهم، و قال انه في حالة مثل الجزائر فيجب أن تتخذ الدولة إجراءات استعجالية واستثنائية لحماية المؤسسات الاقتصادية التي يتابع أصحابها في قضايا الفساد.
وفي رده عن سؤال حول إن كان من حق العدالة نزع ملكية الشركة من صاحبها في حال إثبات تورطه في قضايا فساد، قال غشير أن ذلك حسب التهمة الموجهة للمعني، فإذا أخد أموال كثيرة من الدولة دون أن يقدم ضمانات أو يعيدها، فهنا هذه الحالة تختلف عن حالة تهمة بابرام صفقات مشبوهة، ففي هذه الحالة ينظر إلى الضرر الذي أصاب الدولة و المجتمع جراء هذه الصفقات و الأشخاص الذين سهلوا إجراء الصفقة، و هنا-يقول غشير- الأمر لا يتعلق بتسيير المؤسسة بل بالعمل الإجرامي وهنا أيضا لا جب المساس بالشركة، أما إذا تعلق الأمر بتبييض أموال و تهريب و غيرها فيمكن للدولة حجز الشركة و بيعها بالمزاد العلني، و أضاف انه لا يوجد قانون يسمح للدولة أن تبيع الشركة لشخص معين بل في المزاد، و أكد رجل القانون على ضرورة الحفاظ على هذه المؤسسات لأنه بمثابة الحفاظ على الاستقرار السياسي و الاجتماعي.
رزيقة.خ
الرئيسية / الاقتصاد / خبراء اقتصاد وقانون يؤكدون لـ"الجزائر"::
هكذا تنقذ المؤسسات التي يتورط أصحابها في قضايا فساد
هكذا تنقذ المؤسسات التي يتورط أصحابها في قضايا فساد
خبراء اقتصاد وقانون يؤكدون لـ"الجزائر"::
الوسومmain_post