تكشف مصادر مالية عليمة عن الطريقة التي حاولت بها حكومة أويحيى فرض تعديل قانون القرض والنقد سنة 2017 الذي بموجبه يتم طبع النقود عوض اللجوء لصندوق النقد الدولي، حيث تفيد مصادر أن الوزير الأول السابق أحمد أويحيى قام بفرض منطقه في طريقة اللجوء للتمويل غير التقليدي عبر تغيير جزء من الاتفاق الذي كان قد خطط له فريق من الخبراء في حكومة الوزير الأول السابق سلال بعد أن رسم خطة لإصلاح الاقتصاد تدعو لهيكلة الموازنة على 3 سنوات وتدعو لطبع نقدي يوجه لسد عجز الموازنة مع إصلاحات جزئية فقط.
وبحسب ما أفاد به الخبير الاقتصادي الدكتور كمال سي محمد فإن طبع كمية النقود التي أعلن عنها بنك الجزائر لحد الساعة لم يكن مخططا له قبل تعيين أويحيى وزيرا أول، ولكن بمجرد أن عين هذا الأخير على رأس الوزارة الأولى تغيرت المعطيات رأسا على عقب بعد أن قام أويحيى بفرض منطقه على فريق الخبراء المكون من البروفسور عبد الحق لعميري، والباحث في فرنسا رؤوف بوسكين والمستشار في وزارة الصناعة، رفيق بوكلية حسن وخبير الطاقة شمس الدين شيتور بالإضافة إلى عادل سي بوعكاز و كاتب اسكندر، حيث طالبهم باستخدام الطبع لأغراض اقتصادية أخرى اسماها تقرير بنك الجزائر آنذاك ( entre autres) كانت في بداية جانفي 2019 تشمل كل من تمويل برنامج “عدل” ( 15مليار دولار) وتسديد ديون المؤسسات العمومية (1813 مليار دج بما يعدل 15 مليار دولار) و صندوق التقاعد ( 4 ملايير دولار) مع إبقاء على سياسة الريع وشراء السلم الاجتماعي، وهو الأمر الذي جعل من الموازنة تأخذ شكل انفجاري تسبب بعجز ضخم يسدد من الطبع النقدي، و لم يكن ذلك بالإمكان لولا تواطؤ محافظ البنك المركزي لان قانون النقد والقرض يتيح له استقلالية بقرار البنك المركزي والدليل على ذلك تمت مكافئته وترقيته لوزير المالية، في حين هذا الأخير يحاول تبرئة نفسه من خلال إلصاق برنامج التمويل غير التقليدي لما يسمى ب Task Force.
ومن وجهة نظر الخبير الاقتصادي في نشرية نقلها عنه موقع “ايكو الجيريا” فان الحكومة لم تكن بحاجة لطبع النقود سواء بطريقة لوكال او بطريقة فريق الخبراء Task Force، وكل ما كانت الجزائر بحاجة اليه هو إطلاق إصلاح هيكلي جزئي على الأقل يركز على ضبط مالي للموازنة يستطيع ن يصل بالعجز لأقل من 800 مليار دج سنويا وليس 2000 مليار دج كما هو الحال لسنة 2019 مع استنفاذ باقي أدوات السياسة النقدية بما فيها سياسة إعادة التمويل التي حلت محل السوق المفتوحة والتي كانت تستطيع أن توفر أكثر من 800 مليار دج قبل سبتمبر 2017، وأيضا من خلال خفض احتياطي إلزامي إلى مستويات متدنية لجعل البنوك تتوفر على سيولة لشراء السندات في السوق الثانوية التي كانت تستطيع تمويل جزء معتبر للخزينة ومن ثم تغطية العجز، حيث وقد وصل معدل الاحتياطي الإلزامي إلى 12% في السنتين 2014 إلى 2015 لينخفض في ماي 2016 إلى حدود 8% ثم إلى 4% في اوت 2017 قصد السماح وهو تخفيض جد متأخر، بالإضافة إلى انه وجب الاعتماد على سندات المضمونة التي توفرها المادة 53 من قانون النقد والقرض وحساب المؤونات في البنك المركزي الذي يوفر أكثر من 300 مليار دج، وأيضا كان بالإمكان الذهاب لقرض طويل الأجل يصل استحقاقه إلى 25 سنة بمعدل فائدة 1.25 من البنك الإفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية ولكن الحكومة كانت ترفض القروض الدولية الميسرة لشرط بسيط هو أنّ هذه الهيئات تشترط مراقبة فاتورة الصفقات العمومية الكبيرة مثل ميناء شرشال ومشاريع الطرقات الكبيرة ومشاريع أخرى وهو ما لم تكن تريده الحكومة بسبب الفساد بعد أن أدركت آن هذه الصفقات تشوبها عمليات فساد كبيرة.
البنك المركزي يتهم حكومة أويحيى بالإفراط في طبع النقود!
من جهته، انتقد تقرير البنك المركزي الأخير لجوء حكومة أحمد أويحيى لخيار التمويل غير التقليدي، والإفراط في سياسة طبع النقود، وقال البنك اللجوء الي هذا الاجراء بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، بداية من منتصف سنة 2014، اثر سلبا في المالية العامة للدولة، وأدى هذا الوضع المالي إلى تآكل سريع من المخزون في الميزانية المتراكمة منذ سنوات، ما أدى الى تعليق العديد من مشاريع الأشغال.
وقال التقرير الصادر في الموقع الرسمي لبنك الجزائر إنّ الوضع المالي في الجزائر يختلف جملة وتفصيلا عن العديد من الدول التي انتهجت هذا النمط من التمويل المالي للخزينة وأعطى أمثلة كالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان، وقال إنّ حكومة أحمد أويحىى كانت تعتقد أن “الحد الأقصى لحجم التمويل غير التقليدي ينبغي أن يكون في حدود 1600 مليار دينار. وأشار إلى أنه خلال الخمس أشهر الأولى من سنة 2017 وصل مستوى التمويل غير التقليدي في بنك الجزائر إلى 657 مليار دينار. وبعد إعادة التمويل، المتمثلة في عمليات إعادة الحساب وفتح السوق وصلت الارباح الى 920 مليار دينار موزعة على الخزينة ودون اللجوء إلى التيسير الكمي.
واقترح بنك الجزائر في رده مناهج بديلة لتمويل الخزينة العمومية في المرحلة المتوسطة، بتطبيق المادة 53 من قانون المالية، وكانت النتائج على الخزينة العمومية مرضية بـ 610 مليارات دينار في عام 2016، 920 مليار دينار في 2017 و1000 مليار دج في 2018. وتم إدخال المادة 45 مكرر في قانون المالية عام 2017، هذه السنة التي كانت فترة تعبئة الأموال فقط، ومنذ منتصف نوفمبر 2017 وحتى نهاية جانفي 2019، تم توفير مبلغ 6556.2 مليار دينار. تم استخدام مبلغ 2470 مليار دينار لتمويل العجز في الخزينة ، للسنتين 2017 و2018 وجزئيًا ، للسنة المالية 2019، بمبلغ 1.813 مليار دينار، ساهم في تسديد الدين العام للشركات سوناطراك وسونلغاز وسندات النمو مبلغ 500 مليار دينار، مخصص للصندوق الصندوق الوطني للمعاشات التقاعدية (CNR لإعادة تمويل ديونها فيما يتعلق CNAS في 8 جانفي 2018، بدأت عمليات استرداد السيولة هذه المعاملات تأخذ شكل ودائع في مدة تصل إلى 7 أيام، وتم تحديد كميات الأموال التي سيتم امتصاصها بواسطة بنك الجزائر والمزاد العلني.
وأشار التقرير إلى أنّ المعدل زاد من 4 بالمائة إلى 8 بالمائة في 15 جانفي 2018، الاستخدام المناسب للتمويل غير التقليدي نتج عنه ارتفاع في سعر السوق بـ 2.5 بالمائة في 7 أيام، ما جعل الحكومة تلجئ الى زيادة في معدل الاحتياطي الإلزامي لسنتين بـ200 نقطة وبذلك وصل سعر السوق من 8 إلى 10 بالمائة. وخلال سنة 2018 سجلت شهر جانفي، أكبر زيادة، وبلغت الذروة في 6 فيفري بـ 2000 مليار دينار.
عمر حمادي