الإثنين , نوفمبر 25 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / التغيير بتعبير سلمي وحضاري وإبداع قل نظيره في العالم:
هكذا فجرت الضغوط طاقات “شباب الحراك” وجعلته “قدوة”

التغيير بتعبير سلمي وحضاري وإبداع قل نظيره في العالم:
هكذا فجرت الضغوط طاقات “شباب الحراك” وجعلته “قدوة”

 

 أذهل الحراك الشعبي السلمي للجزائريين كل العالم، وهو الحراك الذي قاده الملايين من المواطنين عبر مختلف ولايات الوطن بأسلوب سلمي حضاري واعي أعطى دروسا في كيف أن يغضب الشعب ويرفع صوته عاليا للمطالبة بالتغيير الذي ينشده وهو مبتسم، وأن ينتصر لمطالبه خطوة خطوة دون إراقة قطرة دم واحدة، أو تخريب للممتلكات العامة و لا الخاصة، وقد يتساءل الكثيرون عن كل هذا الوعي لدى الشعب خصوصا فئة الشباب منهم كونهم الأغلبية، هل هو نتيجة مخرجات ما تلقاه في مسيرته الدراسية رغم  كل الانتقادات التي طالت  المدرسة و الجامعة منذ أزيد من عشر سنوات ، أم هو نتيجة تكوين عصامي ذاتي للشباب المنفتح اليوم على كل العالم و المطلع على جديد في كل مجال.

منذ سنوات و بالنظر الى الظروف التي عاشتها البلاد خلال تسعينات القرن الماضي وما خلفته من دمار اقتصادي، سياسي، اجتماعي و نفسي عميق لدى الجزائريين بقيت أثاره الى اليوم، لم يكن يستوعب العقل الجزائري الذي عايش كل ذلك، أن تكون له قدرة  على التحرر ونزع الخوف و المطالبة بتغيير الوضع نحو الأحسن، غير أن الطموح الذي اعتلى هذا الشعب اليوم وخاصة فئة الشباب اليوم و التي قد لا تكون كلها عاشت تلك المرحلة الماضية بكل تفاصيلها، إلا أنها أرادت التغيير بعد أن لمست أثار تلك الفترة الصعبة و استغلالها من قبل من كانوا يحكمون البلاد كأداة للتخويف ولإسكات و طمس كل صوت قد يعلو مطالبا بالتغيير، فذلك الطموح للشعب و الشباب بالخصوص بغد افضل، دفع به إلى كسر هاجس الخوف، سيما بعد أن شاهد تمادي السلطة في تجاهل أوضاع البلاد و المواطنين التي اصبحت تزداد سوء يوما بعد يوما، من تراجع خطير في مستوى المعيشة، انعدام فرص العمل و انتشار كبير للبطالة، شباب يموتون بالمئات أسبوعيا في عرض البحار، اقتصاد منهار، وضع سياسي متأزم، وضع اجتماعي متدهور للغاية، في الوقت الذي لم تحرك فيه السلطة ساكنا كمحاولات لإحداث إصلاحات حقيقية لتخطي هذه الازمة، بل على العكس، أراد المسيطرون على الحكم على تمديد حكمهم، القطرة التي افاضت الكأس بالنسبة للشعب الذي اعتبر الأمر تعدي صريخ على كرامته، فخرج للشارع للمطالبة بالتغيير الكلي للنظام، في مسيرات حاشدة ضمت الملايين عبر مختلف مناطق الوطن، وما كان المميز فيها الوعي الكبير الذي سادها خاصة لدى فئة الشباب الذي حاول الكثيرون رسم صورة قائمة عنهم، إلا أنهم أثبتوا العكس، أنهم جد متحضرين وواعين للرهان الذي ينتظرهم، وهو ما أدهش العالم، خصوصا أن هذا الشباب صنع مشاهد قل نظيرها حتى في الدول التي لها باع كبير في الديمقراطية ،  وتساءل  الكثيرون إن كان هذا الوعي المحتفى به من الجميع هو من مخرجات مدرسة بن غبريط مثلا أم هو نتاج الجامعة الجزائرية التي كانت محل سخط من الجميع،  أم أن كل هذا هو تكوين عصامي لشبابنا من خلال أدوات التواصل الاجتماعي، أم أنها  حصاد الحياة المرة والقاسية التي عاشها هؤلاء، وفي هذا السياق يقول  الباحث في علم الاجتماع محمد طيبي في تصريح ل”الجزائر”، أنه في المنظر الفكري فإن قوة الكامنة للحراك كانت ضمن الطبقة المتوسطة وليست مختصرة في فئة الشباب فقط، هذه الفئة-أي الشباب-  أظهرها المشهد الإعلامي وكأنها هي الأكثرية كون الإعلام  ركز على إبداعات الشباب خلال المسيرات، لكن في الواقع الطبقة الوسطى عندما سحقت و أصابها نوع من المساومات بين السلة و الوظيفة، وهي كلها معطيات تراكمت منذ سنوات في ظل منطق وحكامة فاسدة أخلاقيا-حسب الباحث- و الذي أضاف أنه عندما يلتق الفساد بالفسق و يكبل أعناق الناس، فهنا في لحظة يكتشفون أنهم لن يستطيعوا التواصل مع السلطة السياسية، ولا مع نقابة لا تدافع عنهم، و يفقدون الثقة في مستقبل أفضل لأبنائهم فهنا في هذه الحظة تتراكم  قوى شبه بركانية في الجميع و تنفجر القوة الكامنة في الداخل، وهذا ما يسفر الإختلاف ما بين الحراك في الجزائر و باقي الدول  الأخرى في العالم.

غير أن الباحث في علم الاجتماع يؤكد أن الشباب دائما في التاريخ هو المفجر للضغوطات الاجتماعية، و الشباب ليس مرتبط فقط بالتعليم و التربية، فهو مرتبط بالفضاء الأزرق و يتفاعل مع كل جديد، ومطلع عليه، و الشباب هنا يصنعه ذكاءه، و تصنعه التكنولوجيا و الاعلام  و ليس فقط المدرسة و الجامعة.

وفي رده عن سؤال حول تفطن الشباب لمحاولات خرق الحراك الشعبي و تشويهه، و عمله على حمايته، قال طيبي أن المشكلة ليست في الشباب لأن الشباب هو الحل وليس المشكلة  ولا ريب أن المخابر المتخصصة تصنع سيناريوهات لتفجير المجتمع، و قد جندت لتمرير مخططاتها البعض خلال الحراك و شاهدنا ذلك من خلال شعارات رفعت، وهدفها صناعة الفوضى، غير أن هذه المخططات اصطدمت بسيول الطبقات المدينية-الحضارية، التي تشبتت بما كان يؤلمها من “سحق العصابة لها”و بالتالي-يقول  طيبي- تحولت المناعة الوطنية إلى “الحامي” ضد صناعة الفوضى، و الشباب بتمسكه  بمطالب التغيير و التطهير و بدولة وطنية جديدة، قطع الطريق أمام من كان يريد خلق تلك الفوضى.

رزيقة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super