أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطيب بوزيد عن إطلاق عملية استطلاع لآراء أعضاء الأسرة الجامعية من طلبة وأساتذة جامعيين بخصوص تعزيز استعمال اللغة الإنجليزية في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي، وهو الاقتراح الذي دعا إليه العديد من الأستاذة الجامعيون قبله و نادت به نقابة “الكناس”، غير أن هناك تساؤلات عدة تطرح حول العديد من النقاط المتعلقة بهذا الموضوع، إن كان أولا اقتراح الوزير سيبقى ساري المفعول باعتبار أن الحكومة هي مؤقتة –تصريف أعمال فقط- و إن كانت ومن اجل تطبيق هذه التوجه الجديد، سيتم إلغاء السياسة القائمة للدولة و التي تريد تعميم العربية و ليس استبدال لغة أجنبية بأخرى، و الأهم إن كان البرنامج الذي سوف يعتمد في هذا التوجه درس بجدية أم أنه سوف يلقى نفس مصير نظام “ال.ام.دي”.
وكتب الوزير بوزيد في منشور عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”، أول أمس، أنه “مِثلمَا أشرتُ إليه سابقًا عبر منصّة التواصل هذه بخصوص تعزيز استعمال اللغة الإنجليزية في مجالَيْ التعليم العالي والبحث العلمي، شَرَعَ القطاعُ فِعليًا في استقاء آراء أعضاء الأسرة الجامعية حول الموضوع”، وأضاف”وكبدايةٍ للعملية، آراءٌ عدّة، منها المتوافقة وأخرى متباينة، أدلَى بها أساتذة وطلبة ومسؤولون جامعيون وُثِّقتْ عيِّناتٌ منها في شكل فيديوهات وتصريحات ميدانية سأتشرَّفُ بإِطلاعِكُم عليها بدءًا من الأسبوع المقبل بحَوْلِ الله تعالَى”، و جاءت هذه الخطوة من قبل وزارة التعليم العالي و الوزير بعد مطالب العديد من الجهات من داخل الأسرة الجامعية ومن خارجها باستبدال لغة مستعمر الأمس و التي تخلت عنها حتى فرنسا ذاتها في مجالها التعليم باعتبارها ليست بلغة للبحث العلمي، باللغة الانجليزية، اللغة العالمية و لغة البحث العلمي، غير أن البعض يرى أن هناك معيقات كثيرة تقف أمام تطبيق هذه الخطوة، خصوصا و أن النظام التعليمي في الجزائر قائم على اللغة العربية بالدرجة الأولى و الفرنسية، و إذا ما تم التفكير في استبدال الفرنسية بالانجليزية فهذا يتطلب دراسة معمقة و برنامج يمتد على سنوات و عبر جميع الأطوار التعليمية، و البعض الآخر يعتبر أن هذا الإجراء ما هو إلا محالة لإلهاء الرأي العام عن الوضع السياسي و الأزمة التي تعيشها البلاد، وخلق موضوع للنقاش يبتعد عن النقاش الحقيقي ألا هو الأزمة السياسية و أزمة النظام وضرورة البحث عن حلول للخروج منها، و دليلهم في ذلك أن الوزير بوزيد هو وزير ضمن حكومة تصريف أعمال و ليست حكومة مؤقتة، ما يعني أنه لا يملك السلطة لإصدار قرار مثل هذا بإمكانه قلب المنظومة التعليمة بأكملها، إضافة إلى التساؤل المطروح بإلحاح و المتعلق بمستوى تلاميذ البكالوريا الذين سينتقلون إلى الجامعة في مادة اللغة الانجليزية وهل بإمكانهم التأقلم بسهولة مع هذه اللغة التي سوف تصبح لغة البحث و التعليم بالنسبة لهم وهم الذين اعتادوا على الفرنسية.
ورغم ما ذكر من “معيقات” حسب آراء الكثيرين، إلا أن أستاذة جامعيون يعتبرونها مجرد “معيقات وهمية” وأنه يمكن إذا ما تمت دراسة المسالة بجدية ووضع برنامج حقيقي يمتد لسنوات قد يصل إلى 10 سنوات، يمكن تدريجيا استبدال الانجليزية بالفرنسية في جامعاتنا، وفي هذا الصدد يقول رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم العالي “كناس” عبد الحفيظ ميلاط، في تصريح ل”الجزائر”، أمس، أن النقابة كانت قد طالبت منذ مدة باستبدال الفرنسية بالانجليزية لأن الفرنسة لم تعد لغة للبحث العلمي حتى فرنسا نفسها أدركت قصور لغتها في المجال العلمي، وقال أن النقابة تبارك خطوة الوزير، و تؤكد تقديمها كل الدعم لتطبيقها على ارض الواقع، وأوضح بالنسبة للمعيقات، أنه من الطبيعي عند التحول من مرحلة إلى مرحلة أخرى مغايرة أن تصادفنا بعض الصعوبات، لكن هذا الانتقال يجب أن يكون تدريجيا و ليس دفعة واحدة، وأن يبدأ ببعض التخصصات التقنية كالرياضيات و الفيزياء التي لا تتطلب لغة أدبية بحثة، و نبدأ ببعض الجامعات، و قد تمتد هذه المرحلة الانتقالية إلى 10 سنوات و ليس كما حصل مع نظام “ال .ام.دي” ، و قال أن تلامذة البكالوريا لن يجدوا صعوبة كبيرة عند انتقالهم للجامعة ودراسة التخصص بالانجليزية، و اقترح ميلاط أنه كخطوة أولى تترك الفرنسية للطلبة الذين يحضرون لشهادة الليسانس شريطة أن يتم تدعيم ساعات الانجليزية خلال هذه المرحلة، و أن تعمم الانجليزية في شهادة الماستر، و تدريجيا يتم تعميمها في مختلف التخصصات وكل الجامعات.، ويرى ميلاط أنه لا توجد صعوبات كبيرة أمام الطلبة لأنهم يدرسون بالخارج حتى باللغة الروسية إذا أرادوا ذلك.
رزيقة.خ