يتساءل المواطنون عما إذا تمكنت الجزائر حقيقة من الوصول إلى المناعة الجماعية بعد الموجة الرابعة للمتحور الأكثر انتشارا “أوميكرون” وانخفاض أعداد الإصابات بالفيروس التاجي تحت مستوى 60 حالة في الأيام الأخيرة، وأمام ذلك اتصلت “الجزائر” بعدد من الأخصائيين الذين قدموا بعض التحليلات العلمية للوضعية الوبائية التي تعيشها البلاد في الفترة الأخيرة.
رئيس الجمعية الجزائرية للمناعة، البروفيسور كمال جنوحات:
“الجزائر تمكنت من تحقيق المناعة الجماعية بنسبة 90 بالمائة“
كشف رئيس الجمعية الجزائرية للمناعة، كمال جنوحات بأن “الجزائر تمكنت من تحقيق المناعة الجماعية وذلك بنسبة 90 بالمائة”، مشيرا إلى أن ذلك هو وليد العدوى والإصابات الكثيرة التي تم تسجيلها خلال الموجة الأخيرة حيث كان المتحور أوميكرون سائدا فيها”.
وقال جنوحات في تصريح لـ”الجزائر” إن “الوصول إلى نسبة 90 بالمائة من المناعة الجماعية ليس في الجزائر فقط بل في كل دول العالم هذه الأخيرة التي كانت وليدة عمليات التلقيح الكبيرة في الوقت الذي توصلت الجزائر لذلك عن طريق العدوى”.
وفي رده على من يشير بأن الجزائر لم تصل للمناعة الجماعية في ظل نسبة التلقيح الضعيفة المسجلة في الوقت الحالي، أوضح جنوحات أنه “يجب التأكيد بأن المناعة الجماعية تكتسب عن طريق التلقيح وأيضا عن طريق العدوى ونحن وصلنا لها عن طريق العدوى الكبيرة التي سجلناها خلال ذروة الموجة الرابعة”.
وأشار رئيس الجمعية الجزائرية للمناعة إلى أن “الجزائر وإن تجاوزت الموجة الرابعة حيث نسجل في الوقت الحالي نوعا من الإستقرار في الوضعية الوبائية في ظل انخفاض عدد الإصابات ونقص الضعط على المستشفيات واستئنافها لنشاطها بصفة عادية في مختلف التخصصات غير أنه ينبغي التأكيد بأن الوباء لم ينته ولا بد من الحذر والتحلي باليقظة”.
الطبيب المختص في الصحة العمومية، محمد كواش:
“هناك اختلاف بين المناعة الجماعية ومناعة القطيع“
من جهته، ذكر الطبيب المختص في الصحة العمومية، محمد كواش أن “الجزائر لا تزال بعيدة عن تحقيق المناعة الجماعية بالنظر لنسبة التلقيح” التي وصفها بـ”الضعيفة”.
وقال كواش في حديث مع “الجزائر” إنه “لازلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق المناعة الجماعية، لأن نسبة التلقيح ضعيفة سواء بالنسبة للجرعة الأولى أو الثانية وحتى بالنسبة للجرعة الثالثة المعززة والتي أعتقد أنها تتراوح بين 33 و35 بالمائة فقط”.
وتابع كواش في السياق ذاته: “كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المناعة الجماعية التي تتحقق من خلال الوصول إلى نسبة تلقيح تزيد عن 70 بالمائة من الفئة المعنية بالتلقيح وكما نعرف فإن نسبة التلقيح في الجزائر لا تزال ضعيفة وسبل الوصول إليها تعتمد في الغالب على بعض الإجراءات والقرارات السياسية المتعلقة بفرض التلقيح”.
وأضاف: “أؤكد على ضرورة الوصول للمناعة الجماعية وليس مناعة القطيع لأن هناك اختلاف بين الاثنتين، فالأولى تأتي من نسبة تلقيح مرتفعة والثانية من خلال الإصابات لكن في الجزائر رأينا أن أغلبية المجتمع الجزائري أصيب بالمتحور أوميكرون ومناعة القطيع مؤقتة وليست قوية”.
وعما إذا كانت الجزائر تعيش نهاية الوباء في ظل الإنخفاض الكبير لعدد الإصابات بكورونا، رد كواش بقوله “نستبشر خيرا من خلال التراجع المسجل في عدد الإصابات والوفيات وهذا الأمر متوقع في أن نصل لنهاية الجائحة وتحولها لمرض موسمي وجائحة مستوطنة يتم مواجهتها مثل الأنفلونزا الموسمية من خلال بروتوكول صحي وعلاجي ووقائي معمول به”.
وتابع المتحدث أن “منظمة الصحة العالمية تطرح فكرة وحتى المخابر تعمل عليها وهي احتمالية إنتاج لقاح يكون لقاحا موسميا يضم كل من مضادات الأنفلونزا الموسمية وكورونا ولكن هذا التوقع حذر”
وعن إمكانية ظهور متحورات جديدة، رد كواش: “يجب أن نعلم بأن خاصية الفيروسات أنها تتحور والمنظمة العالمية للصحة قد حذرت من احتمال ظهور متحور في الأسابيع أو الأشهر القادمة قد يكون خطيرا ورغم أن الوضعية مستقرة والمتحور السائد هو “اوميكرون” المعروف بسرعة انتشاره وقد يتحور في أحد الأجسام البشرية ضعيفة المناعة ولذلك يبقى العالم يترقب ويترصد ويتعامل بحذر”.
وأضاف “يجب علينا أن نحذر لأن الإصابات والوفيات لا تزال موجودة والمتحور “أوميكرون” السائد حاليا له ميزة الإنتشار السريع رغم انه غير قاتل ولا بد من التحذير أيضا بأن المتحور دلتا لا يزال موجودا ولم ينته بعد ما يجعلنا نتعامل بأكثر حذر ويقظة ونبقى مستعدين ومترقبين”.
وأشار كواش، لإحتمالية ظهور متحورات جديدة حيث قال في هذا الخصوص “هناك احتمالية ظهور متحورات جديدة قد تكون خطيرة أو غير خطيرة، وعلينا دائما التعامل بحذر رغم أن الأمور مطمئنة والجزائر اكتسبت خبرة مع الموجات السابقة”.
وحول موجة خامسة من العدوى، رد المتحدث “من خلال تتبعي للوضعية الوبائية في الجزائر لن تكون هناك موجة خامسة حيث أن البلاد عاشت الموجة الرابعة بالمتحور”دلتا” وأوميكرون وكانت الموجة الأخيرة مشتركة بين الموجة الرابعة والموجة الخامسة التي عرفتها أوروبا وكان هناك ارتفاع الإصابات بالمتحور دلتا وانتشار المتحور أوميكرون الذي أصبح الآن هو السائد”.
الباحث في علم الفيروسات، محمد ملهاق:
“الدراسات العلمية هي من تؤكد أو تنفي ذلك“
وفي السياق ذاته، اعتبر الباحث في علم الفيروسات، محمد ملهاق أن “ما يقال عن وصول الجزائر لمناعة جماعية بـ 90 بالمائة أو حتى 50 بالمائة هي مجرد آراء وفرضيات لا سند علمي لها ولا دراسات بنيت عليها”.
وأضاف الباحث ملهاق في تصريح لـ”الجزائر” بأنه “لا بد من دراسات علمية ومبررات للقول بأن الجزائر تمكنت من الوصول للمناعة الجماعية وهي الخطوة التي تتحقق بنسبة تلقيح عالية أو العدوى والإصابة بالفيروس وهو ما يسمى بالمناعة الطبيعية”.
وأضاف الباحث ذاته “لحد الآن لا دراسات علمية تؤكد الأرقام التي تقال هنا وهناك وإذا ما تم الإعتماد على نسبة التلقيح الرسمية الصادرة من وزارة الصحة فهي غير كافية للوصول للمناعة الجماعية”.
وأكد الدكتور ملهاق بأن انخفاض عدد الإصابات بفيروس كورونا “ليس دليلا على نهاية الوباء سيما في ظل استمرار تسجيل حالات قليلة غير أنها مؤشر للقول بأن وباء كورونا لا يزال موجودا وينبغي الإستمرار في التقيد والالتزام بالتدابير والإجراءات الوقائية مخافة ظهور متحورات أخرى”.
زينب. ب