ثمن المهتمون بالشأن التربوي والنقابات قرارات وزارة التربية الوطنية حول الإطار الذي ينظم الدخول المدرسي القادم، والذي سيرافقه بروتوكول صحي صارم، حيث وضعت الوزارة الوصية خارطة طريق مبنية على مشروع إصلاحي، والذي جسده في وثيقة مشروع إصلاح المنظومة التربوية بمشاورة مختلف الشركاء الاجتماعيين هدفها ضبط منهجية عمل لإعداد الإصلاح التربوي وذلك من خلال تشخيص واقع المنظومة التربوية وتقييم الإصلاحات التربوية السابقة ورصد أهم المقاربات الناجحة، ومن ثمّة حددت الوزارة منشور منظم للدخول المدرسي القادم.
بوعلام عمورة:
“الوزير قام بإصلاحات صائبة ونأمل في تغيير جذري”
اعتبر الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين “ساتاف” بوعلام عمورة في اتصال مع “الجزائر”، قرار وزير التربية الوطنية محمد واجعوط ان بإصلاح المنظومة التربوية وخارطة طريق الموسم الدراسي القادم “صائب” رغم تأخره نوعا ما، لكن ظروف جائحة وباء فيروس كوفيد 19 كشفت عدة جوانب في القطاع لا بد من التحرك العاجل لإصلاحها، وهذا ما جعل الوزير التربية يباشر في الإصلاحات باستشارة الشريك الإجتماعي.
وكشف بوعلام عمورة أنه “منذ بداية التسعينات والجزائر تمشي على خطى الترقيعات، ولم يسبق للوزارة الوصية أن قامت بتغييرات جذرية في قطاع التربية، رغم تعاقب وزراء السابقين على رأس قطاع وزارة التربية الوطنية، وذلك لعدم صلاحية الوزير باتخاذ قرارات في القطاع”، مشددا أنه “يجب أن تقوم الوزارة بنظرة استشرافية مع الحكومة”.
واقترح المتحدث ذاته، أنه “من أولى الإصلاحات التي يباشر بها واجعوط إعادة النظر في التوظيف، واصفا إياه بـ “العشوائي” مما ولد عدة مشاكل –حسبه-، حيث “ثمن قرار توظيف خريجي المدارس العليا للأساتذة لدفعات 2017 و2018 و2019، والذين تم إسقاط حقهم في التوظيف في عهد الوزيرة السابقة للتربية”، موضحا أن “الأساتذة الذين أوكلت لهم مهمة إلقاء الدروس عن بعد للأطوار الثلاثة ارتكبوا أخطاء فادحة لا تغتفر”، مؤكدا أن “المسؤولية يتحملها أولا الأساتذة مقدمو الدروس ثم الوزارة التي وقعت في سوء الاختيار، واستدل عند الحديث عن عواقب التوظيف العشوائي بمثال إضرابات معلمي الطور الابتدائي، حيث شل الأساتذة المدارس مع بداية الموسم الدراسي، مشيرا أن “أغلبهم كانوا موظفين حديثا طالبوا بأستاذ لكل مادة هذا من غير المعقول على المستوى العالمي”، كما طالب المتحدث ذاته بإرجاع 6 سنوات في الابتدائي حتى يتم تكوين التلميذ جيدا.
وأضاف المتحدث ذاته، على ضرورة إعادة النظر في الإمتحانات الرسمية، مشددا على “مرافقة ومتابعة الأولياء لأولادهم المقبلين على الامتحانات وتشجيعهم والتخفيف من وطأة الخوف المضاعف من الامتحانات في ظروف غير مسبوقة والخوف من تداعيات فيروس كورونا”.
وفي سياق آخر، حول مصير التلاميذ الذين لم يجروا اختبارات الفصل الثاني في الطور الابتدائي بسبب إضراب بعض المعلمين والأساتذة، لفت الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين أن المديرين والمفتشين تكفلوا بإجراء هذه الاختبارات، مؤكدا أن “نسبة عدد الأساتذة المضربين قليلة، لكن تخفيض معدل الانتقال ليس بالقرار الصائب سيولد الاكتظاظ وضعف المستوى”.
“تابلات” لكل تلميذ بالمدارس النموذجية
وبخصوص قرار وزارة التربية الوطنية الخاص بإطلاق تجربة نموذجية “للتعليم الرقمي”، في عينة من المدارس الابتدائية في بعض الولايات، من خلال توفير جهاز كمبيوتر لوحي “تابلات” لكل تلميذ، لتجسيد توصيات الرئيس عبد المجيد تبون، من خلال استغلال أمثل لوسائل الإعلام والاتصال الحديثة، في التعليم والتعلم، لمرحلة التعليم القاعدي، يرى الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين “ساتاف” أن “المدارس الجزائرية لا تزال بعيدة كل البعد عن الرقمنة حسب الظروف التي تحيط بالمدرسة”، موضحا أن “المدارس تتخبط في مشاكل كبيرة تحول دون الوصول إلى تقنيات التواصل عن بعد”.
وقال بوعلام عمورة إنه “أمام الواقع الذي فرضته جائحة كورونا كان خيار وزارة التربية الاستعانة بإلقاء الدروس عن بعد” إلا أن القرار، بحسبه، “لم يكن صائبا لأنه لم يحضر له، في ظل غياب قنوات تربوية التي يستعان بها للمساعدة على الدراسة، بالإضافة إلى ضعف تدفق الانترنيت وعدم امتلاك ملايين العائلات لجهاز كمبيوتر بسبب الفقر والحاجة والدليل عدم بثها منذ أيام، مشيرا إلى أن الجزائر ورغم أنها عاشت في بحبوحة إلا أنها لم تفكر في قنوات تربوية”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “بعض الأساتذة الذين أوكلت لهم مهمة إلقاء الدروس عن بعد للأطوار الثلاثة ارتكبوا أخطاء فادحة لا تغتفر في مادة الرياضيات مثلا”، مشيرا إلى أن “هذه الدروس كانت تقدم بطريقة مسجلة وليست على المباشر، وهذا يعني حسبه أن الأساتذة كان لديهم كل الوقت اللازم من أجل تحضيرها وتفادي الأخطاء”، مؤكدا أن “المسؤولية يتحملها أولا الأساتذة مقدمو الدروس ثم الوزارة التي وقعت في سوء الاختيار”.
فتح المطاعم المدرسية في 4 أكتوبر المقبل
وأمرت الوزارة بتحيين قوائم التلاميذ المعوزين المعنيين بالاستفادة من منحة التمدرس المقدرة بـ5 آلاف دينار، بالتنسيق مع الأطراف المعنية، والعمل على تسديدها في آجال لا تتعدى نوفمبر المقبل، مع فتح المطاعم المدرسية ابتداء من اليوم الأول للدخول المدرسي، أي في 4 أكتوبر، بالتنسيق مع الجماعات المحلية، والعمل على تحسين الوجبات. وفي الجانب المرتبط بتسيير الموارد البشرية، طلبت الوزارة من مديريها التنفيذيين إدماج المستفيدين من جهازي المساعدة على الإدماج المهني والإدماج الاجتماعي لحاملي الشهادات.
كما شددت الوزارة على تنصيب المؤطرين الإداريين والبيداغوجيين في مؤسساتهم التربوية قبل 4 أكتوبر، من خلال إعادة توظيف الفائض من الأساتذة خريجي المدارس العليا ويتعلق الأمر بالمربين الذين تمت إحالتهم على “بطالة إجبارية” في عهد الوزيرة نورية بن غبريط، لدفعات سابقة 2017 و2018 و2019، في الرتب التي تكونوا فيها، أي بتعيينهم في ولاياتهم، وفي مواد تخصصهم الأصلية، دون دحرجتهم في الرتب.
الناشط التربوي، كمال نواري:
“الإصلاح عاد إلى القطاع بعدما غاب في السنوات السابقة”
أما الناشط التربوي كمال نواري ثمن في اتصال مع “الجزائر” الإصلاحات التي قام بها وزير التربية الوطنية، محمد واجعوط، في إطار الدخول المدرسي القادم، معلقا أن “الإصلاح يعود بعد ما غاب في عهد سنوات السابقة”.
واستحسن المتحدث ذاته، قرار وزارة التربية بإعطاء تعليمات صارمة إلى مديريها الولائيين، تحذرهم فيها من طرد أي تلميذ لم يستوف 16 سنة، في جميع الأطوار، وشددت على ضرورة منحه فرصة إعادة السنة، وأمرت الأساتذة بضرورة استدراك دروس الفصل الثالث الضائعة بسبب “كورونا” ومرافقة المنتقلين إلى السنتين الأولى متوسط والأولى ثانوي بمعدل أقل من 5 و10 على التوالي، ويبدو أن هذا الإجراء بالرغم من أنه سيساهم في عودة الاكتظاظ إلى الأقسام إلا أن الوزارة الوصية تواصل دعمها لكي تلميذ وإعطاء الفرصة للتلاميذ في سن المراهقة للحفاظ على مستقبلهم الدراسي لعل وعسى يتداركون في آخر.
وأشار المنشور رقم 699 الصادر في 8 جويلية الجاري، إلى أن الدخول المدرسي المقبل سيكون في وضع استثنائي، فرضته أزمة “كورونا”، التي فرضت إلغاء امتحان “السانكيام” وتأجيل امتحانات التعليم المتوسط والبكالوريا إلى سبتمبر المقبل، وتأجيل الدخول المدرسي إلى 4 أكتوبر.
وفي الجانب المرتبط بالتنظيم وتحسين ظروف التمدرس، أكد المنشور على تحقيق التمدرس الإجباري للأطفال الذين بلغوا السن القانونية، مع ضمان الحق الدستوري في التمدرس للتلاميذ إلى غاية سن 16، فيما يعود الترخيص للتلاميذ بإعادة السنة إلى “مجالس الأقسام” ودعت الوزارة إلى تشكيل الأفواج التربوية، وضبط تعداد التلاميذ حسب كل مستوى، وكل مرحلة، وكل مؤسسة، بناء على نتائج “مجالس الأساتذة” و”مجالس الأقسام” و”مجالس القبول والتوجيه”.
وفي ذات الصدد اقترح الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين “ساتاف” بوعلام عمورة بوعلام، اتفاقية بين وزارة التربية الوطنية ووزارة التكوين المنهي بتوجيه التلاميذ الذين تقرر عنهم الخروج للحياة المهنية، بتوجيههم من المتوسط مباشرة على التكوين المهني، موضحا أن “خروج التلاميذ دون أي توجيه يعد طرد غير مباشر للتلاميذ يحتضنهم الشارع حيث ستطول فترة إعادة برمجة تكوين للتلاميذ في مراكز التكوين المهني، لكن إن قامت المديريات باتفاقية مع مراكز التكوين المهني سيوجه التلميذ في آخر السنة الدراسية التي رسب فيها وتوجه للحياة المهنية في شهر جوان ومن ثمن سيتسنى له الفرصة للالتحاق بمراكز التكوين في أول دورة في سبتمبر بمشاورة مستشارة التوجيه”.
وفي الجانب المرتبط بالتنظيم وتحسين ظروف التمدرس، أكد المنشور على العمل على تحقيق التمدرس الإجباري للأطفال الذين بلغوا السن القانونية أي ست سنوات كاملة، مع ضمان الحق الدستوري في التمدرس للتلاميذ إلى غاية سن 16، وعليه يمنع منعا باتا إقصاء أو طرد أي تلميذ لم يبلغ هذه السن في تاريخ الدخول القادم.
كما شددت الوصاية على أن الترخيص للتلاميذ بإعادة السنة من صلاحيات “مجالس الأقسام” وحدها على اعتبار أن قراراتها تعد سيدة، فيما دعت إلى أهمية تشكيل الأفواج التربوية وضبط تعداد التلاميذ حسب كل مستوى وكل مرحلة وكل مؤسسة، وذلك بناء على نتائج أعمال مجالس الأساتذة ومجالس الأقسام ومجالس القبول والتوجيه.
وقد طلبت الوزارة تقليص تعداد الفوج التربوي إلى أقصى حد ممكن، بالسنتين الأولى والثانية، وتوسيع ذلك بالسنة أولى متوسط والأولى ثانوي إذا أمكن، وتقليص نظام الدوامين في التعليم الابتدائي، وفتح شعبتي الرياضيات وتقني رياضي، والعمل على تعميمهما في جميع الثانويات، توسيع تدريس اللغة الأمازيغية، خاصة بالولايات التي لا تدرس بها.
الأمين الوطني لجزائر الكبرى بالنقابة الوطنية لعمال التربية، بلباقي حسان:
“بطاقة تقييمية لتحديد مصير مدراء التربية”
وفي شق آخر، أوضح الأمين الوطني المكلف بالجزائر الكبرى بالنقابة الوطنية لعمال التربية، بلباقي حسان، أنه “في إطار التحضير للدخول الدراسي المقبل، أمر وزير التربية الوطنية انتقال عدد من اللجان الوزارية خلال الأسبوع الماضي إلى مختلف المديريات، وتكمن مهمة هذه اللجان في تقييم العمل الميداني لمدراء التربية”، موضحا أن “هذه اللجان التي تم تنصيبها مؤخرا من أجل التفتيش المالي والإداري رفعت عدة تقارير توضيحية للوزارة الوصية”.
وفي سياق متصل، أضاف المتحدث ذاته أن “لجان التفتيش الوزارية مرفوقة ببطاقة تقييمية لكل ولاية تملأ بناء على تسييرهم المحلي وعلى أساسها يحدث التغيير، وهو الأمر الجديد هذه السنة حيث أن البطاقات التقييمية لكل مدير تربية وعلى ضوء هذه البطاقة سيكون القرار إما التوقيف أو الإبقاء في المنصب”، وأشار بلباقي حسان أن “هذه البطاقات هي الفيصل بالنسبة للوزارة”.
واسترسل المتحد ذاته، القول إنه “من المؤكد سيشهد القطاع حركة تغيير بخصوص هؤلاء المدراء ورؤساء مصالحهم مستقبلا ونأمل أن يأتي هذا التغيير كدفع للقطاع للإمام ولا يكون التغيير من أجل التغيير”.
تعليمات باستكمال الحركة التنقلية للمستخدمين قبل 9 جويلية
وفي سياق آخر، شددت وزارة التربية الوطنية على استكمال الحركة التنقلية للمستخدمين وتسوية وضعياتهم بصفة فورية، مع إعداد قرارات التعيين قبل الخروج في العطلة الصيفية المقررة في جويلية الجاري، أي الخميس الماضي، لكي يتسنى لها إعادة ضبط المناصب الشاغرة، بناء على نتائج التحويلات.
توفير بيئة مدرسية صحية وآمنة لاستئناف الدراسة
وشددت وزارة التربية الوطنية على الحكامة في التسيير، مشيرة إلى الجانب المرتبط بالتسيير المالي والمادي للمؤسسات المدرسية، والجانب المرتبط بالنظام المعلوماتي وكذا الجانب المتعلق بالهياكل والتجهيزات المدرسية، والتكوين والتسيير الموارد البشرية.
أما بخصوص الجانب المرتبط بعمليات دعم التمدرس، والذي اعبرته الوزارة الوصية حسب منشور الدخول المدرسي، الركيزة الأساسية للتضامن المدرسي بهدف تكافؤ الفرص، ولم يغب لوزارة التربية الوطنية الجانب الصحي، حيث أوضحت أن الظروف الاستثنائية الناجمة عن تطبيق التدابير الوقائية والاحترازية لمنع انتشار فيروس “كورونا” تقتضي توفير بيئة مدرسية صحية وآمنة لاستئناف الدراسة ومتابعة التلاميذ صحيا، وشددت الوزارة الوصية في هذا الصدد على السهر على وظيفة وحدات الكشف والمتابعة وتجهيزها ومتابعة سيرها بالتنسيق مع مديريات الصحة والسكان.
أميرة امكيدش