كانت الندوة الموضوعاتية التي نظمتها أمس حركة النهضة تحت عنوان ” الرهانات الاقتصادية والخيارات المطروحة فرصة لرسم صورة سوداوية على الوضع الاقتصادي في الجزائر وميدانا لتوجيه سهام الاتهام للحكومة الحالية كونها غرقت في الارتجالية بعد تركة ثقيلة تركها سوء التسيير من قبل الحكومات السابقة كما نبه المشاركون من تحول عملية الخوصصة إلى فرصة لنهب ممتلكات الدولة.
أحمد بن بيتور:
“قرارات الحكومة تجاه الأزمة المالية ارتجالية”
وجه رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور انتقادات لاذعة لجملة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة التبعات السلبية للأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد بانتهاج أقر الطرق و أسهل الحلول بعد أن كشفت هذه الأخيرة عن عورة السياسات المتبعة التي كانت تحركها ” شعارات التنمية والاقتصاد البديل للريع البترولي في الوقت الذي أثبت الواقع أنها مجرد أوهام فقط موجهة للاستهلاك الإعلامي أكثر من حقيقة و إرادة لتحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد بالقطيعة مع قطاع المحروقات .
رسم بن بيتور خلال تدخل له في الندوة الموضوعاتية التي نظمتها حركة النهضة أمس تحت عنوان ” الرهانات الاقتصادية والخيارات المطروحة “صورة سوداوية عن الواقع السياسي والاقتصادي و الاجتماعي للبلاد مؤكدا أن كل المؤشرات تؤكد أن الجزائر على شفا حفرة من الانفجار على خلفية السياسات المنتهجة في تسيير البلاد خلال السنوات الأخيرة المرجحة – على حد تعبيره- الكفة لسياسة الأمر الواقع واستمرار الحال على حاله ورفض التغيير وقال :”هل يعقل لبلد المليون ونصف مليون شهيد قام شعبها بأعظم ثورة ضد المستعمر الفرنسي ولبلد أوسع مساحة في إفريقيا وذو موارد بشرية و طبيعية وعاش البحبوحة المالية أن يصبح اليوم على شفا حفرة من الانفجار بعد سياسات التمييع والفساد “.
ورغم الطابع الأكاديمي الذي طبع تدخل بن بيتور غير أنه حمل في طياته عديد الرسائل السياسية بالقول إن مميزات السلطة المستبدة تبني سياسة إما أنت معي أو ضدي إلى جانب الأبوية وسعي هذه الأخيرة لانتهاج الضبابية في تسيير شؤون الدولة وعبادة الأشخاص وترك زمام الأمور لأقلية وهو الأمر الذي قال إنها موجود في الجزائر قبل أن يعرج على الجانب الاقتصادي ليؤكد على أنه طبعه الارتجال وتناقض القرارات كاشفا في السياق ذاته على أن سعر البترول لن يرتفع على 60 دولار للبرميل الواحد.
الهاشمي جعبوب:
“الاقتصاد يسير بمزاجية القرار السياسي”
ورسم وزير التجارة الأسبق هاشمي جعبوب هو الآخر صورة سوداوية عن الواقع الاقتصادي للبلاد المتخبط في الارتجالية وعشوائية القرارات مؤكدا أن عديد القرارات التي اتخذتها الحكومة في الوقت الراهن نادى بها الكثيرون في وقت سابق غير أن الرد عليها حينها كان بالرفض القاطع لتصطدم بها الحكومة اليوم و تصبح خيارها الحتمي .
وأوضح جعبوب في تدخله أمس خلال الندوة الموضوعاتية التي نظمتها حركة النهضة على أنه لا وجود لسياسية واضحة تسيير الاقتصاد الوطني الذي تحكمه القرارات العشوائية والرغبة في استمرار تبني العراقيل من قاعدة الاستثمار 49/51 والتي حولت الجزائر لمقبرة الاستثمار في الوقت الذي انتعش فيها اقتصاد دول الجوار كتونس و المغرب التي أضحت قبلة لكبار المستثمرين من سهولة الامتيازات المتاحة لهم وهي قاعدة معرقلة لولوج المنظمة العالمية للتجارة وقال:”القطاع الاقتصادي تسيره مزاجية القرار السياسي هناك ضبابية كبيرة في قانون الاستثمار و في منح العقار الصناعي وفي البنوك في عهد سلال تم مراجعة قانون الاستثمار وتم حينها اتخاذ قرار مرور المشاريع الاستثمارية التي تفوق قيمتها 5 مليار دج على المجلس الوطني للاستثمار ليأتي بعدها الوزير الحالي أحمد أويحي ليلغي ذلك ويمنح الحرية الكاملة أمام علامات الاستفهام التي تطرح :” كيف لتعليمة أن تلغي مادة في قانون ” وتابع :”ضيعنا الوقت كثيرا في القوانين والتي تلغى بتعليمات بلمح البصر ليفرض الارتجال منطقه في القطاع الاقتصادي وتابع ” ما تعلق بتركيب السيارات في السابق كان الوكلاء يتقاسمون ميزانية 5 ملايير دولار سنويا لاستيراد السيارات ليتخذ بعدها قرار تحديد الاستيراد ومنح رخص لذلك وهو ما يعتبر بالقرار الأسوأ لأنه يفتح باب الرشوة و البيروقراطية “.
عرج ذات المتحدث على قانون المحروقات في ظل الحديث عن إمكانية مراجعته وذكر :” هناك ناس رفضوا القانون في السابق و طالبوا بمراجعته غير أن الحكومة حينها جرمت الأمر لتطرح اليوم فكرة إعادة النظر فلماذا اليوم وليس سابقا ؟”.
محمد ذويبي:
“الخوصصة تحتاج لفتح نقاش وطني”
وجه الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي إنتقادات لاذعة للسلطة القائمة محملا إياها مسؤولية الانهيار والأزمة التي تتخبط فيها البلاد مبرزا أنه رغم الهزات العنيفة التي مرت بها الجزائر على كافة الأصعدة غير أن الدروس لم تستخلص منها لصياغة أسس و معايير النجاعة السياسية والاقتصادية .
وعرج ذويبي على أن خوصصة المؤسسات العمومية تحت الشعار المبهم المتمثل في ميثاق الشراكة بين القطاع العام والخاص و الذي أحدث بلبلة وإضطرابا وشكوكا في جدواها فإن الأمر يقتضي تحيين الإطار القانوني و التشريعي ومناقشة الموضوع على مستوى البرلمان وإضفاء الشفافية اللازمة مع دراسة وضعية المؤسسات المراد خوصصتها من الناحية المالية والممتلكات التي تحوزها وهو موضوع يحتاج إلى الوقت وإلى خبراء لتحديد الوضعية الحقيقية للمؤسسات حتى لا تتحول إلى نهب واحتيال على المال العام مع فتح ملف الخوصصة إلى المتعاملين الاقتصاديين الذين يملكون الإمكانات المالية الحقيقية حتى لا تتحرر مرة أخرى الاعتماد على القروض البنكية فقط و شراء الممتلكات العامة بالمال العام و تحديد القطاعات الإستراتيجية مبرزا على أن الرهانات الإقتصادية تشكل أولوية وطنية وعلى رأس اهتمامات الجميع بداية من الحكومة والنقابات و الأحزاب السياسية والجمعيات بالنقاش و الحوار المجتمعي الشفاف.
زينب بن عزوز