في إطار تبادل الخبرات بين برلماني البلدين، قام وفد برلماني عن لجنة الثقافة، الاتصال والسياحة بقيادة السيد لخضر نادري، رئيس اللجنة بزيارة رسمية إلى تونس، وذلك تلبية لدعوة من رئيس لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة السيد زهير الرجبي.
وبعدما حظي الوفد باستقبال معبّر لدى وصوله إلى مقر مجلس نواب الشعب التونسي، حضر اجتماع عمل أشرف عليه النائب الأول للمجلس السيد عبد الفتاح مورو وقد تناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات البرلمانية وترقيتها إلى أعلى المستويات.
وبالمناسبة، أكد رئيس لجنة الثقافة والاتصال والسياحة السيد لخضر نادري، سعي الجزائر إلى توطيد علاقتها بالجارة تونس في المجال السياحي والثقافي والاقتصادي والعمل على التنسيق بين البرلمانين بشكل يسمح لهما بتطبيق للتوصيات التي تخلص إليها الطرفان بعد جلسات العمل التي جمعتهما في وقت سابق، وذكر السيد نادري بحرص فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، على تكاثف الجهود من أجل تكريس وترسيخ العمل المتواصل لدفع هذه العلاقات المتميّزة.
وفي سياق ذي صلة، أبرز نائب الرئيس الأول بمجلس نواب الشعب التونسي السيد عبد الفتاح مورو، ما يجمع الجزائر وتونس من قواسم مشتركة. وركز بشكل خاص على عوامل التاريخ والدين واللغة، مضيفا بأن روابط الشعبين لا يمكن قطعها بحكم نسيجها المحكم، مبديا في نفس الوقت رغبة بلاده في تزكية هذه العلاقة المتأصلة.
و عدّد السيد مورو المقومات والمؤهلات التي يتمتع بها البلدان ودعا إلى تحيين وتفعيل كل اتفاقيات الشراكة القائمة بين البلدين في شتى المجالات، كما ثمن من جهة أخرى التجربة الديمقراطية الجزائرية والسياسة الرشيدة التي تنتهجها الجزائر في تنويع اقتصادها وأبدى تفاؤله بمستقبل أفضل للعلاقة بين البلدين.
من جهته، أشاد السيد زهير الرجبي بالنتائج التي تمخضت عن الزيارة التي قامت بها لجنة الفلاحة والأمن الغذائي مؤخراً إلى المجلس الشعبي الوطني الجزائري، واعتبرها خطوة مثمرة مهّدت لفتح باب للنقاش الجاد، كما أكد ضرورة إيجاد سبل وآليات دفع علاقات التعاون بين اللجنتين.
ونظمت لوفد لجنة الثقافة، عقب هذا الاجتماع، جولة بمختلف هياكل مجلس النواب التونسي، ثم توجه إلى متحف “الباردو” الذي يعد من أكبر المتاحف في العالم، وقد وقف هناك على عدة أجنة مميزة لاسيما الجناح المخصص لفن الفسيفساء الرومانية، ثم توجه الوفد إلى المدينة الثقافية والتي تعد أكبر صرح ثقافي عربي وإفريقي متعدد الاختصاصات. وبعد ذلك حضر الوفد عرضاً كوريغرافيا في إطار الدورة الأولى لأيام قرطاج الكوريغرافية.
وفي اليوم الثاني من الزيارة ، حط الوفد بولاية “بنزرت” حيث حظي باستقبال من طرف والي الولاية السيد “محمد ڨويدر” وعدد من إطارات ونواب المنطقة، بعدها وقف الوفد على جملة من المشاريع السياحية والاقتصادية الهامة التي تعكس جهود الاستثمار الخاص بالولاية، حيث كانت البداية من مشروع مجمّع الحبوب، ثم الغاز الطبيعي، فشركة “ناتيلي” وذلك قبل أن يتم التوجه إلى الموقع الأثري “أوتيك آثار” والتي تعد من الناحية التاريخية، من أقدم المستوطنات الفينيقية في وسط شمال إفريقيا.
وواصل الوفد زيارته بالاطلاع على مشروع خاص بتربية القوقعيات بمعتمدية “منزل جميل”، ثم اطلع على “مشروع مارينا” الذي يعتبر من أضخم المشاريع السياحية بعد مشروع “قمرت”، وهناك قدمت له شروح حول هذا المشروع الذي يهدف، حسب المشرفين عليه، إلى تطوير القطاع السياحي بالإضافة إلى مساهمته في النمو الاقتصادي للولاية.
وتضمن برنامج الزيارة أيضا التنقل إلى مشروع توسعة الميناء التجاري بخفر السواحل البحري وكذلك فضاء الأنشطة الاقتصادية وهي مشاريع جديدة ينتظر أن يكون لها مساهمة إيجابية في دعم النشاط الاقتصادي في هذا البلد.
وفي ختام برنامج الزيارة، عقد الوفد لقاء مع والي ولاية “بنزرت”، الذي أكّد بأن الجالية الجزائرية متمركزة بكثرة بهذه الولاية، وأبدى ترحّيبه بكل ما يدفع إلى تعميق نشاطات التبادل والتعاون في إطار التوأمة بين البلدين.
وفي اليوم الثالث من الزيارة، استقبل الوفد من طرف وزيرة السياحة والصناعات التقليدية السيدة سلمى اللومي رقيق، التي أكّدت بأنّ الجزائر وتونس شعب واحد، مذكرة، في هذا الصدد، بأنّ الشعب التونسي لن ينسى أبداً تضامن الشعب الجزائري مع الشعب التونسي أثناء المحنة التي ألمّت به سنة 2015، ثم انبرت لتقديم تفاصيل ولمحة تاريخية حول تطور قطاع السياحة بتونس مبدية استعدادها لدعم كل ما يفعّل العمل الثنائي بين القطاعين.
وبدوره، جدد السيد لخضر نادري التأكيد على عزم الجزائر على تطوير قطاع السياحة، وتبنيها الخطط لتطوير هذا القطاع، والسماح له باحتلال المكانة التي يستحقها وفقاً لتعليمات فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مذكراً بالمقومات الطبيعية التي تزخر بها الجزائر وبأنواع السياحة في مختلف ربوع الوطن.
بعد اللقاء، تنقل الوفد إلى الموقع الأثري” أوذنة “بولاية “بن عروس”، ثم عاين سير العمل في شركة “صديرة” المتخصصة في الأشجار المثمرة والخضر والفواكه، “بمرناق”، ليحط أخيراً بولاية “زغوان” أين استقبل هناك من طرف والي الولاية السيد “علي مرموري” الذي قال بأنّ اتحاد تونس والجزائر ضروري على كل الأصعدة، خصوصاً وأنّ البلدين يعيشان نفس التحديات. ثم انتقل الوفد لمعبد المياه الذي يروي تونس منذ 19 قرناً و الذي يعتبر معجزة معمارية هندسية.
وفي ختام الزيارة، قدم السيد زهير الرجبي، رئيس لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة، ونيابة عن رئيس مجلس نواب الشعب التونسي السيد محمد الناصر، والنائب الأول السيد عبد الفتاح مورو، هدية رمزية إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد السعيد بوحجة، وذلك تكريما له على المجهودات التي يبذلها لتدعيم علاقات التواصل بين الهيئتين التشريعيتين، وقد تسلم الهدية رئيس لجنة الثقافة، الاتصال والسياحة السيد لخضر نادري.