بعد انقضاء ثمانية أشهر من عمر سنة 2018، يجري الحديث في الآونة الأخيرة عن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وما سيتضمنه من مواد تخص ميزانية التسيير والتجهيز، وينتظر كثير من المراقبين والمتابعين للشأن الاقتصادي ما ستتضمنه مسودة مشروع مهم يأتي في فترة اقتصادية مالية اقل صعوبة من السنوات الأربع الماضية.
وتعكف إطارات في الحكومة منذ مدة على إعداد مسودة قانون المالية لسنة 2019 النهائية قبل طرحها على مجلس الوزراء الشهر المقبل، وينتظر كثيرون ما سيحمله مشروع القانون من ضرائب ورسومات على جيوب المواطنين، إضافة إلى الخيارات التي ستتخذها الحكومة لبعث الاطمئنان في نفوس الطبقات الهشة، من خلال المحافظة على الدعم الموجه لها، حيث تفيد عدة مصادر أن الحكومة مصممة على عدم المساس بالغلاف المالي المخصص للتحويلات الاجتماعية ليتم بذلك الإبقاء على مستويات الإنفاق نفسها التي خصصتها السنة المقبلة وذلك حرصا على سلم اجتماعي و هدوء الجبهة الاجتماعية التي تواجه عدة ضغوط، على خلفية فرض رفع الأسعار ومضاعفات ارتفاع نسب التضخم.
رفع السعر المرجعي لـ 60 دولارا
وتتوجه الحكومة نحو رفع السعر المرجعي للنفط ل 60 دولار بعدما كان معتمدا ب 50 دولار خلال السنتين الماضيتين، وذلك على عكس السياسة الاقتصادية التي تبنتها بموجب قانون المالية لسنة 2017 الذي اقر رفع السعر المرجعي من 37 دولار إلى 50 دولار كأول مرة لثلاث سنوات مقبلة 2017، 2018، 2019، وذلك لكون أن التوقعات التي بنتها تشير إلى أن معدل السعر الحقيقي المتوقع للبترول الجزائري في الأسواق الدولية في 2019 يفوق 60 دولار، وفي هذا الصدد كشف الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية في اتصال مع الجزائر أمس، أن الحكومة مضطرة لرفع السعر المرجعي وذلك نتيجة للعجز المالي الذي ستواجه سنة 2019، مشيرا إلى أن الدولة لا تملك الأموال لتغطية النفقات على اعتبار أن قيمة النفقات تقدر بحوالي 6000 دج وهو رقم ضعيف لا يكفي لسد النفقات الإجمالية المقدرة بحوالي 8000 دج.
ارتفاع سعر الصرف ونسبة التضخم بسبب طبع النقود..
بالمقابل، تشير بعض القراءات إلى أن الحكومة ستكون مضطرة لرفع تقديراتها بخصوص سعر الصرف الذي حددته السنة الماضية ب 115 دينار للدولار الواحد، كما سترفع توقعاتها بخصوص نسبة التضخم إلى حدود 6 بالمائة وذلك على خلاف سنوات ماضية التي كان تبني فيها نسبة التضخم على نسبة 4 بالمائة سنة 2016 و 5.5 بالمائة سنة 2018، حيث يربط كثيرون هذا الارتفاع في التقديرات على انه واقع بات مفروضا نتيجة تأثر نسبة التضخم وقيمة الدينار باللجوء إلى تعديل قانون النقد والقرض وفتح المجال لطبع النقود، في وقت ستعمل الحكومة على تسقيف النفقات العمومية خلال 2019.
التخلي عن دعم الوقود وفرض الضريبة على الثروة؟
من بين القرارات التي ستبقى مبهمة إلى غاية الإعلان عن مسودة المشروع، هي مدى إقدام الحكومة على مراجعة أسعار الوقود كما تعودت عليه خلال السنوات الماضية، حيث المح عدة وزراء منذ بداية سنة 2018 إلى حتمية التوجه نحو رفع الأسعار، وذلك توازيا مع السياسة التي انتهجت سابقا من قبل حكومة أويحي التي أقرت زيادة أكبر من تلك التي تم إقرارها من قبل حكومة عبد المالك سلال في قانون المالية 2017، بنسبة 11.3 و 14.25 في المائة بالنسبة للبنزين، و 10.20 في المائة بالنسبة للمازوت، و هو ما ترتب عنه زيادات أعباء على قطاع النقل للمسافرين سواء الحضري أو شبه الحضري.
كما أن خيار العودة للتطبيق الفعلي للضريبة على الثروة يبقى واردا في حال وجدت الصياغة القانونية لتطبيقها على ارض الواقع، وذلك في سياق البحث عن موارد مالية إضافية.
عمر حمادي