أكد الخبير في العمران ورئيس المجلس العربي الأعلى للمعمار والعمران وتطوير المدن، جمال شرفي، أن النشاط الزلزالي التي تشهده الجزائر في الأيام الأخيرة هو أمر عادي وطبيعي ويدخل في إطار نشاط زلزالي معهود لمنطقة شمال إفريقيا، إلا أنه يحذر من احتمالية أن تشكل هذه الزلازل خطورة على النسيج العمراني الذي يشهد الفوضى في الجزائر، وهو ما يدعو إلى ضرورة إعادة إحياء دعوة مراجعة قوانين التعمير في بلادنا.
وقال جمال شرفي، الخبير الدولي لدى صندوق النقد الدولي ورئيس المجلس العربي الأعلى للمعمار والعمران وتطوير المدن، في اتصال مع “الجزائر”، أنه “لا بد من مراجعة ترسانة القوانين المتعلقة بالبناء والتعمير على غرار قانون التعمير 90-29 لمواكبة تصاميم المدن الحية”.
وأشار المتحدث ذاته، أنه “يتعين تكييف هذا القانون مع أدوات التعمير الجديدة بما في ذلك الأحياء الذكية وملائمة القانون المتعلق بقواعد الزلازل الذي لم يراجع السنوات مع التقنيات المستحدثة في مجال البناء”، وأشار شرفي إلى أن “البنايات التي تنجز في الآونة الأخيرة تبقى مهددة، وعلى النقيض فإن هناك عمارات وبنايات منجزة بالجزائر العاصمة منذ التواجد العثماني وكذا الاحتلال الفرنسي للجزائر ما تزال صامدة إلى غاية يومنا هذا ولم تتأثر لا بزلازل ولا بفيضانات”.
ومن جانب آخر، فقد دعا شرفي السلطات المحلية وتحديدا رؤساء البلديات إلى وضع استراتيجية تتضمن دراسة ميدانية مدعمة بالأرقام التي تتم الإشارة فيها إلى المظاهر المشوهة للعمران في كل بلدية، على غرار البنايات المهددة بالانهيار وكذا البنايات غير المطابقة وغير المكتملة، حتى تتم معالجة شاملة لتلك الظواهر، مشيرا إلى أن “النشاط الزلزالي الحالي قد يكون مهددا للعديد من المباني في العديد من الولايات، وهو ما يجب أن تسارع السلطات العمومية لمعالجته حتى لا تتكرر كارثة زلزال بومرداس التي أبانت عن فوضى في العمران وغش في البناء، للأسف لا يزال موجودا”، يضيف شرفي الذي دعا وزارة السكن للتحرك السريع، خاصة هذه الأيام حيث تضاعفت المظاهر المشوهة للعمران تزامنا وأزمة كورونا والحجر الصحي المفروض منذ أكثر من أربعة أشهر، مؤكدا أن “الوضع لا يحتمل التأجيل في العديد من الولايات، منها المعروفة بنشاطها الزلزالي على غرار الشلف”.
وشدد شرفي، في السياق ذاته، إلى أن “الفوضى المعمارية ساهم فيها الخواص من خلال البناءات غير المحترمة للرخص المسلمة لهم بسبب هاجس تأمين مستقبلهم ومستقبل أبنائهم”، مفيدا أن البناء الخاص يشكل في الجزائر أكثر من ثلاث أرباع ما يبنى حاليا.
وخلص شرفي إلى أن هناك معايير هندسية يجب أن تدمج ضمن دفاتر الشروط التي تقدم أثناء الصفقات من أجل تأطير المسابقات المتعلقة بالعمارة والهندسة لتستخرج منها الخصائص المعمارية لكل منطقة، كون الجزائر غنية بأنواع العمارة وهو ما يستوجب دفتر شروط خاص بها يحث المهندس المعماري على الإبداع.
وختم شرفي حديثه، مبرزا أن المشكل الحقيقي الذي تعاني منه الجزائر في مجال البناء والعمران يتمثل في الرقابة البعدية والقبلية على المشاريع إلى جانب عدم وجود ترسانة قانونية تؤطر بدقة مهام الدراسة والمتابعة الميدانية للمشاريع، داعيا إلى ضرورة إعادة النظر في هذه القوانين.
وحول الحلول المقترَحة، قال شرفي إنه على المسؤولين سنّ قانون جدي واتباع سياسة الردع وتسوية الوضعية ودق ناقوس الخطر، فلجان التحقيق أو لجان جرد وهدر الأموال– حسبه- لا تجدي نفعا ولو احترمنا المساحات الممنوعة وتحركت السلطات وحددنا مسوؤلياتنا لتجنبنا الكوارث.
فلة.س
الرئيسية / الوطني / رئيس المجلس العربي الأعلى للمعمار والعمران وتطوير المدن، جمال شرفي لـ"الجزائر": :
“يجب إعادة النظر في الترسانة القانونية لقطاع العمران”
“يجب إعادة النظر في الترسانة القانونية لقطاع العمران”