أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية، أحمد سواهلية على أهمية تقوية المنتوج والاستثمار وترتيب البيت الداخلي للإقتصاد الوطني وتقوية الصادرات من أجل الولوج إلى الأسواق الإفريقية، وأوضح سواهلية في حوار مع “الجزائر” أن الانخفاض اللاإرادي لقيمة الدينار يرتبط أساسا بالطلب والعرض على العملة، مشيرا إلى أن المضاربة والندرة سببها المنتجون أو التجار أو “اللهفة” على الاستهلاك.
– ما هو تعليقكم على تراجع قيمة الدينار أمام العملات الصعبة ؟ وما هي الأسباب وفق تحليلكم؟
بالنسبة لتهاوي قيمة الدينار له عدة أسباب موضوعية وأسباب إرادية، وذلك من خلال قانون المالية لسنة 2021 حيث تم تخفيض قيمة الدينار ما يُقابل 142 دينار جزائري يساوي 1 دولار، وأيضا بالنسبة للأورو، هذا ما يعبر عنه في الإقتصاد يـ”التخفيض الإرادي” للسلطات يكون عن طريق السلطات النقدية المتمثلة في “بنك الجزائر” ، أما الإنخفاض اللإرادي لقيمة الدينار والذي يرتبط أساسا بالطلب والعرض على العملة، وذلك من خلال الإجراء الذي قامت به الحكومة أثر نوعا ما على قاعدة العرض والطلب على العملة، والإستعداد لتجاوز وتخطي جائحة كورونا وفتح الحدود ما تسبب في الطلب المسبق والمبكر على العملة الصعبة مما جعل الدينار ينخفض ويتهاوى أكثر فأكثر، وهذا كله أكيد له آثار سلبية على محددات النمو الإقتصادي الأخرى وآثار إيجابية وليست سلبية فقط.
– كيف ترون تداعيات تذبذب أسعار النفط على الإقتصاد الوطني؟
بالنسبة لتداعيات سوق النفط هي حقيقة تؤثر على اقتصادنا، عموما وعلى القدرة الشرائية بالأخص، فكلما كان سعر النفط حتى وإن مازلنا في اقتصاد الريع وأغلب صادراتها تعتمد على المحروقات، قطاع التجارة لوحده لا يكفي لابد من تقوية القطاعات الأخرى لاسيما الصناعة الفلاحة والمناجم، الصيد البحري وغيرها، سوق النفط في الجزائر سوق مهم كلما تحسنت أسعار النفط إلا وكانت إراداتنا من العملة الصعبة قوية وكانت احتياطنا من الصرف يزيد، ما يجعلنا في وضع مريح ويجعل توازن في ميزاننا التجاري مقبول، من أجل توفير غذائنا ودواءنا وسلاحنا وغيرها.
– تتجه الحكومة لبعث وإحياء مبادلات المنتجات الفلاحية بنظامي المقايضة والتصدير على مستوى المناطق الحدودية وتعزيز العلاقات التجارية مع بلدان الساحل الإفريقي، ما هي المنفعة التي سيتم تحقيقها للإقتصاد الوطني ؟
بالنسبة للسوق الإفريقية صحيح أنها سوق واعدة وسوق خصبة نوعا ما للإقتصاد الجزائري لكن لابد من ذكر ثلاثة مسببات، المسبب الأول أننا لما نتكلم عن السوق الإفريقية لابد من التحدث عن قوة إنتاجنا، وبدون أن تكون لدينا قوة إنتاج واستثمار وجاذبية قوة للإستثمار والمؤسسات تقوم بمختلف الإنتاج وتكون هناك ميزة تنافسية لمنتوجاتها سواء من حيث السعر أو الجودة لاسيما وأننا تكلمنا عن تهاوي قيمة الدينار أنه من بين إيجابياته أن يحفز المنتوجات الوطنية، لكن هذا ما يزال راكد وبطيء، صحيح أننا ورثنا وضعا اقتصاديا مترهلا من النظام السابق لكن السلطات لم تجد سبيلا إلى الاستثمار القوي في مختلف القطاعات الإقتصادية.
ولا يجب أن نتناسى أن السوق الإفريقية ليست لنا لوحدنا، هناك منافسين أقوياء ودول إفريقية استطاعت أن ترتقي إلى مصاف الدول التي لها جاذبية في الاستثمار القوي، يجب اللعب على وتر قوّة المنتوج وقوّة الاستثمار وترتيب البيت الداخلي للإقتصاد وتقوية الصادرات، والجزائر تنظر إلى الدول الإفريقية بمنظور قاعدة “رابح رابح” أي كلّنا نربح في العملية الإقتصادية واستقرار العديد من الدول.
– مع كل مناسبة يعود الحديث عن ندرة بعض المواد الاستهلاكية على غرار مادة الزيت وقبلها السميد، من المسؤول عن هذا الوضع وفق رأيكم ؟
بالنسبة لإشكالية المضاربة والندرة هي من فواعل الإقتصاد غير المتحكم فيها 100 بالمئة بالنسبة للحكومة أو المستهلك، وندرة أي مادة لاسيما مادة الزيت أو مادة السكر أو غيرها من المواد واسعة الاستهلاك والتي تدعمها الحكومة هناك إشكاليات كبيرة، أو لأنها مدعمة من الحكومة وكان من المفروض أن لا نجد هذه الندرة والمضاربة، إضافة إلى أنها مادة واسعة الاستهلاك ما جعل الحكومة تقوم بتدعيمها تدعيما غير مباشر وهذا ما عبر عنه وزير التجارة من خلال التوجه نحو الدعم المباشر لأنه في الأخير لما نتكلم عن الدعم المباشر أكيد ستستفيد كل الفئات من المجتمع، وكان من المفروض دعم الفئات الهشة والمحرومة والفئات التي ذات الدخل المحدود، وبالتالي فالندرة والمضاربة لها سببين إما بفعل الفاعل الأساسي في الاقتصاد أو في التجار المتمثلة في المنتجين أو التجار، أو بفعل اللهفة على الاستهلاك أو ما يعرف بـ”بتغيرات سلوكيات المستهلك” التي تؤثر أو قد تكون سببا في الندرة والمضاربة، المستهلك يملك سلاح “أرخسوها بالترك” من خلال عدم الإقبال القوي عليها ليكون سعرها منطقي يخضع لمتطلبات السوق التي تعتمد أساسا على “هامش التكلفة + هامش الربح”.
– وما صحة فرضية رفض تجار الجملة للتموين بسبب فرض الفوترة؟
أعتقد أن هذا الإجراء الشكلي الذي قامت به وزارة التجارة وإن كان هو السبب الظاهر والداعي الأساسي للتجار بأنهم يتجهون لعدم الإلتزام بالفوترة، لكن في الأخير تجار بالجملة لهم مسبباتهم، والمؤسسات الصغيرة مهما كانت وإلا تهدف على الربح، وبالتالي الكثير من التجار لما تكون هناك فوترة يجدون هامش من الربح وبالتالي يقومون بالتسويق أو بالعمل لهذا المنتج، وكان من المفروض على وزارة التجارة أن تراعي هذا العامل المهم الذي هو “هامش الربح”، فإذا كان سعر الزيت مسقف من خلال الحكومة لأنه مدعم وبالمقابل التاجر في الجملة لا يجد فيه أرباحا فسيقع في إشكال حقيقي، إما الذهاب للرفع من تدعيم الأسعار أو منح هامش ربح للتجار، ولابد من معالجة الأمر عن طريق طاولة الحوار ويتم مناقشة الأمر بهدوء وروية.
حاورته: خديجة قدوار