برفض المؤسسة العسكرية إقحامها في اللعبة السياسية قبل أقل من سنة على انتخابات الرئاسة 2019، تكون قد ضربت عصفورين بحجر واحد: الرد النهائي على مبادرة عبد الرزاق مقري رئيس “حمس” بخصوص دور ضروري للجيش في الانتقال الديموقراطي ومن خلاله إمساك ألسنة جميع السياسيين الذين تسول لهم أنفسهم دعوة الجيش مستقبلا للتدخل في مهمة غير محددة له دستوريا.
يعتبر الرد الأخير لقائد الجيش نائب وزير الدفاع الوطني الفريق أحمد ڤايد صالح في مراسم حفل تكريم أشبال الأمة المتفوقين في شهادة البكالوريا لدورة جوان 2018، على رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، رسالة “جديدة- قديمة” تتبع سلسلة من الردود التي صار قائد أركان الجيش الوطني الشعبي يرسلها إلى جهات سياسية من المعارضة في كل مرة تدعوه للعب دور في حل ما تراه هذه الأطراف “أزمة” سياسية في البلاد في أفق 2019.
وكانت المؤسسة العسكرية قد ردت في نوفمبر الماضي، سلبا، على رسالة نشرتها شخصيات سياسية وعسكرية معروفة، من بينها وزير الخارجية الأسبق، طالب الإبراهيمي، والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، والناشط الحقوقي علي يحيى عبد النور، حيث طالبت في رسالتها التي نشرتها في الصحافة الوطنية “الجيش باتخاذ موقف إيجابي تجاه مبادرات التغيير السياسي التي تطرحها قوى المعارضة”.
ولم يتوقف الأمر، عند الشخصيات الثلاث، بل تواصل مع وزير التجارة السابق ورئيس حزب “التجديد” نور الدين بوكروح الذي ردت عليه المؤسسة العسكرية بقوة في افتتاحية على مجلة “الجيش” بعدما طالبها بـ “التدخل” في سبتمبر الفارط، بالقول له: “لكل من يطالب، سرا أو جهارا أو ضمنيا بالانقلابات العسكرية، نذكر بأن جيشنا سيظل جيشا جمهوريا ملتزما بالدفاع عن السيادة الوطنية وحرمة التراب الوطني، حافظا للاستقلال، جيشا لا يحيد أبدا عن القيام بمهامه الدستورية مهما كانت الظروف والأحوال”.
ويعتبر الرد الأخير للفريق أحمد ڤايد صالح على مقترح رئيس “حمس” عبد الرزاق مقري الذي يسميه بمبادرة “التوافق الوطني” حلقة أخيرة من ردود القيادة العسكرية على مجمل السياسيين الذين لم يتوقفوا عن دعوة الجيش للتدخل في الشأن السياسي، في الوقت الذي من الواجب على هؤلاء السياسيين وأحزابهم تقديم تصورات وبرامج سياسية للمواطنين قبل موعد انتخابي مهم لم يعد يفصلنا عنه إلا أشهر معدودات، وهي رسالة أخرى للتأكيد لمختلف أحزاب المعارضة ضرورة إبعاد الخلاف السياسي مع السلطة عن الجيش الذي يظل يؤكد التزامه بالدستور وهو حماية التراب الوطني، ووحدة البلاد.
وفي السياق ذاته، استطاعت خرجة الفريق ڤايد صالح تمرير رسائل مهمة للرأي العام مفادها أنه لابد من الآن فصاعدا العمل على إبعاد مؤسسة الجيش عن النقاش السياسي، والتحذير بصريح العبارة من مغبة إدخال المؤسسة العسكرية في جدل سياسي هي في غنى عنه، في إشارة إلى مطالبة بعض أحزاب المعارضة قيادة الجيش برعاية مرحلة الانتقال الديمقراطي.
ويعتقد المحلل السياسي والخبير في القانون الدستوري عامر رخيلة أن الفريق أحمد ڤايد صالح قائد أركان الجيش الوطني الشعبي نائب وزير الدفاع الوطني “اضطر للرد على تصريحات عبد الرزاق مقري، خاصة أن هذا الأخير ذكره بالإسم الكامل عندما طرح مبادرته للانتقال الديموقراطي، حتى لا يظهر بصمته أنه يزكي ما قاله مقري”، رغم أن مبادرة هذا الأخير هي “مبادرة غير مؤسسة” كما يصفها رخيلة، معتبرا إياها “خطوة من مقري للعودة إلى الحكومة والتموقع وإعلان الولاء المبكر لمرشح النظام في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لأنه كان من الأجدى به التوجه بمبادرته نحو المعارضة وليس لأحزاب الموالاة”.
وأضاف عامر رخيلة في اتصال مع “الجزائر” أن لهجة قائد أركان الجيش التي استعملها في الرد على دعوة رعاية انتقال ديموقراطي اتسمت بـ “شدة بالنظر إلى حساسية المرحلة وللتأكيد على أن الجيش بعيد عن أية وصاية سياسية”.
ويؤكد المحلل السياسي عامر رخيلة أن تمسك بعض الأحزاب والشخصيات السياسية في الجزائر بمطلب تدخل الجيش في الشأن السياسي “حالة جزائرية مرضية”، وهي دعوات يقول المتحدث “تؤكد غياب ثقافة دولة القانون والدولة المدنية لدى الطبقة السياسية”.
إسلام.ك
الرئيسية / الحدث / أكد التزام الجيش بوظائفه الدستورية:
ڤايد صالح يضع حدا لدعوات تدخّل الجيش في الشأن السياسي
ڤايد صالح يضع حدا لدعوات تدخّل الجيش في الشأن السياسي
أكد التزام الجيش بوظائفه الدستورية:
الوسومmain_post