مشروع الفنان الإبداعي يتجسد في إعادة بناء الذاكرة الجمالية الشمال إفريقية وبشكل خاص منطقة سوق أهراس بشرق الجزائر وتشكيل وجدان جمالي عبر إعادة اكتشاف الكنوز المطمورة في الوعي والمخيال الشعبي في الآن ذاته..
أعماله الفنية عبارة عن قصص نسافر من خلالها عبر الفضاءات المعمارية لما يسمى بالحوش وذلك ببعده الحميمي والأنثوي المغلق ورموزه المسكونة بروح الأسلاف وتعاويذهم وتمائمهم..
إبداعات صالح جمل تجعلنا نتساءل، أي كنز هي هذه الذاكرة الجمالية التي تجعلنا نستعيد ونستلهم ونتذكر لنحيا مرة ولو مرة أزمانا لم نعشها بالجسد الزائل ولم نلمسها بالحاسة الفانية..فنسترجع عبر الفن دهرا صار من نصيب الأسلاف ونسترد بأعجوبة الباطن علما خفيا ارتهنه الزوال بسلطان الزمان الماضي فيئسنا من نيله..
يستعمل الفنان الرمز تشكيليا بفضاء اللوحة في سياق شبه كوريغرافي تتراقص فيه الألوان والأشكال ..لا نشعر أبدا أن هذا الرمز يشكل عنصرا دخيلا أو مبتذلا داخل اللوحة، بل بالعكس من ذلك يزيدها خفة ورشاقة وانسجام…
رموز صالح جمل تشمل تلك المتعلقة بالثقافة البربرية وأخرى مأخوذة من الكتابة العربية في شكل حروفي متحرر من القواعد..هذه الرموز تبدو مثل نقوش محفورة على عظام بشرية، هي عظام من سبقونا من أجداد وقد أعيد بعثها على هذه المساحة التشكيلية عظام من ساروا في هذه الأرض التي سارت عليها أقدام القديس أوغسطين ابن مدينة سوق أهراس…ترسم هذه العظام غالبا بطريقة توحي بالحركة بعيدا عن الجمودن بل وكأنها ترقص على أصوات آلة بندير وقصبة الشاوية جاء بها الريح من مغارات كهوف بعيدة ناقلة معها غناء امرأة بربرية قيل انها من أهل الخفاء …
ويجمع صديقنا الفنان أحيانا بين الرسم الواقعي والأشكال المجردة دون الإساءة لأي منهما بل يدمجهما بطريقة ذكية.
يضيف للوحاته غالبا أجسام خارجية بطريقة تقطع اللوحة مارة عموديا أو أفقيا، من هذه الأجسام نجد أحزمة نسائية بربرية بكل ما تحمله من دلالات انتروبولوجية ببعدها الأنثوي في سياقه المحلي… أحيانا يكون هذا الجسم مسبحة طويلة تعكس البعد الروحي للذكر التوحيدي..
يراقص الفنان على سطح لوحاته الفراغ والكتلة، النور والديجور كخرائط لعوالم مفقودة تحمل سر الريح وأطياف من أحلامها وكوابيسها كنقوش مجنونة على صخور صحراء منسية…
الفنان صالح جمل من بين رواد الفن الجزائري الحديث لم يعطى الاهتمام الكامل لدراسة فنه وتوصيله لجمهور أوسع ..للتذكير فهومن مواليد اكتوبر 1956 بسوق اهراس شرق الجزائر، متحصل على ليسانس في الفنون من جامعة مستغانم سنة 95 … امتهن التعليم حتى مرحلة التقاعد..شارك في العديد من المناسبات الفنية داخل وخارج الوطن، له عدة جوائز وتكريمات..
…
لمحة تعريفية: الفنان مصطفى بوسنة رسام هونحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة الريشة على يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفى عيدود ودينيس ما رتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفى بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج الجزائر. وقد أقام معرضا لآخر اعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة.
التشكيلي مصطفى بوسنة