أحد أبرز مظاهر الجمال في اللغة العربية: الخط، وقد تطور الخط ليصبح فنا قائما بذاته، يسمى الكاليغرافيا (La calligraphie)؛ سيتخذ مع بروز الفن المعاصر أشكالا متعددة في الفنون البصرية. هكذا استوعب هذا الفن الخط العربي في جميع صيغه الجديدة. فليس غريبا، أن نجد فنانين من مختلف بلدان العالم يجيدون مهارة استخدام الخط العربي؛ مثل الرسام الياباني كوئيتشي هوندا، الذي برع في رسم العديد من اللوحات الفنية بالخط العربي، مؤسّسا لمدرسة الخط العربي في طوكيو.
الفنان الجزائري رشيد قريشي، يعتبر أحد أبرز الفنانين في العالم في هذا المجال الفني، حيث عرض إبداعاته الفنية في أشهر المعارض الأوروبية والأمريكية، لاسيما المتحف البريطاني العتيد، الذي قام بإدراج مصنفاته الفنية، ضمن معروضاته الخاصة، رفقة أشهر الخطاطين العالميين والرّسامين من مختلف بلدان العالم. إلى جانب متحف “جونسون هيربرت” بنيويورك، ومعهد العالم العربي بباريس، ومتحف الفنّ الحديث بباريس والمكتبة الوطنية الفرنسية، وكذلك متحف الفاتيكان، ومتحف الفن الحديث بالقاهرة؛ وغيرها الكثير من أبرز متاحف العالم. كما نال رشيد قريشي العديد من الجوائز العالمية، من أبرزها جائزة الفنّ الإسلامي (2011)، وهي جائزة بريطانية تبلغ قيمتها 25 ألف جنيه إسترليني، تُقدّم مرّة كل سنتين، ليفتكّ الفنان الجزائري المرتبة الأولى عن جدارة، بعدما تنافس مع تسعة فنانين، تمّ اختيارهم للمرحلة النهائية، ضمن مسابقة شارك فيها أكثر من 200 فنان من جميع أنحاء العالم. وقد كانت لرشيد قريشي علاقات وطيدة مع أبرز الكتّاب والشّعراء العرب، من بينهم الشّاعر الفلسطيني الرّاحل محمود درويش الذي كان معجبا بفنّه، أثمرت العلاقة بينهما عن عمل مشترك، جمع بين قصائد الشّاعر الفلسطيني ورسومات قريشي، من خلال كتاب جميل حمل عنوان “الأمة في منفى”. كما ساهم في زخرفة وتزيين العديد من الكتب وواجهات الهيئات والمؤسسات الثقافية، ومن بين أشهر منجزاته رسم وزخرفة عربات ميترو دبي.
رشيد قريشي (1947) يقيم حاليا في فرنسا، زاول دراسته في معهد الفنون الجميلة، وفي المدرسة الوطنية العليا للفنون بالجزائر العاصمة، قبل أن ينتقل إلى باريس لمتابعة دراسته في المدرسة الوطنية لفنون الدّيكور وفي كلية الدراسات العمرانية.
رشيد قريشي رغم كفاءته الفنية العالية وشهرته الواسعة، وأصالة انجازاته الفنية، لم يحظ للأسف بالاهتمام الذي يليق بمقامه كفنان جزائري عالمي، من طرف الهيئات الثقافية عندنا.
…
لمحة تعريفية: بوداوود عميير، من مواليد مدينة العين الصفراء/ ولاية النعامة، قاص ومترجم، وباحث في الأدب الكولونيالي وكاتب مقالات في العديد من الصحف والمجلات الجزائرية والعربية. ومن بين ترجماته من الفرنسية إلى اللغة العربية، مجموعة من الكتب التاريخية والأدبية، فمن الكتب ذات الصلة بتاريخ الجنوب الغربي الجزائري. ترجم: لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري عام 2008، كتاب النسب الشريف عام 2009، سيدي الشيخ، الشخصية الخارقة عام 2010. كما ترجم المجموعة القصصية ياسمينة وقصص أخرى لإيزابيل إيبرهارت، والتي صدرت في طبعتها الأولى سنة 2011 عن دار القدس العربي في وهران، وعن كِتاب مجلة الدوحة القطرية في طبعة ثانية ومنقحة سنة 2015. وصوب البحر، مجموعة قصصية صدرت عن دار الكلمة للنشر والتوزيع بالجزائر. وديوان صديقتي القيثارة للراحلة صفية كتو، صدر عام 2017، عن دار الوطن اليوم…
بوداوود عميير