ليست ظاهرة التغيير السريع للحكومات مرضية دائما بل هي ظاهرة صحية في كثير من البلدان الديمقراطية فقد يحدث أن ينتخب الشعب على برلمانين مختلفين في السنة ذاتها وتنبثق عنهما حكومتان مختلفتان لكن ما شهده الجهاز التنفيذي في الجزائر عام 2017 خارج عن المألوف وطنيا ودوليا فقد انبثقت من الأغلبية البرلمانية ذاتها وتحت رئاسة رئيس واحد ثلاث حكومات بثلاثة برامج ذات توجهات بنيوية مختلفة ومتناقضة أحيانا ناهيك عن ارتباك واضح حدث في تعيين بعض أعضاء الحكومة على غرار وزير السياحة مسعود بلعقون الذي تحول من وزير سياحة إلى وزير ساعة.
شهدت الجزائر سنة 2017 ثلاث حكومات وإن اختلفت في قراراتها وتدابيرها وجملة الإجراءات التي اتخذتها إلى حد التناقض بينها إلا أنها التقت في أنها حملت “عنصر المفاجأة” في تعيينها في سابقة لم يعرف لها مثيل بإقالة وزير بعد 48 ساعة من تعيينه.
أكمل عبد المالك سلال رفقة طاقمه مشواره بعد إسدال الستار على تشريعيات الرابع ماي الفارط لغاية 24 من الشهر ذاته والتي كانت بمثابة النهاية لهذا الأخير بإعلان رئيس الجمهورية عن تعديل حكومي ليسقط اسمه و يخلفه عبد المجيد تبون هذا الأخير الذي لم يعمر كثيرا وأمضى ما يقارب 80 يوما في منصبه ليعلن في 15 أوت 2017 نهاية مشواره و تعويضه بأحمد أويحي ليطلق بعدها العنان للحديث عن أسباب إقالته بعض المتتبعين من ربطها بخطابه وسياسته الجديدة التي تضمنه مخطط عمله بالسعي لفصل المال عن السياسية الأمر الذي ولد جبهة مضادة له من رجال المال والأعمال فيما راح آخرون لربطها بما وصفه بعض “بالخطيئة السياسية التي لا تغتفر” بعد لقائه بنظيره الفرنسي إدوارد فيليب، عند توقفه بباريس متوجها في إجازته إلى مولدافيا من دون أن يستشير الرئاسة الجزائرية ويبلغها باللقاء في حينه في الوقت الذي اكتفى بيان الرئاسة بذكر :” الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استعمل صلاحياته الدستورية وقرر إقالة تبون” من دون الإشارة إلى أية أسباب أو خلفيات تتعلق بذلك وتعيين رئيس الديوان رئاسة والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحىى خلفا له.
مسعود بن عقون وزير “الساعة”
ولعل أهم ما ميز التغييرات الحكومية سنة 2017 تعيين وزير لـ48 ساعة. إنه مسعود بن عقون الذي عين في حكومة عبد المجيد تبون كوزير للسياحة عن الحركة الشعبية الجزائرية لعمارة بن يونس. وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد بدأت تتحدث عن تعيين غير موفق للوزير الجديد الذي لم يسبق أن اشتغل في حياته ولم يتقلد أية وظيفة أو مسؤولية وراح آخرون يتحدثون عن “سمعته المشبوهة” وبقي منصب وزير السياحة شاغرا لأكثر من شهر بعد إقالته السريعة ليعوض بالوزير الجديد حسان مرموري. غير أن ما أثار الغرابة أن الوزير بن عقون أدرج اسمه مجددا في التغيير الحكومي الأخير الذي جاء بأحمد أويحيى قبل أن يزاح بعد أقل من ساعة بسبب “خطأ ارتكبته وكالة الأنباء الجزائرية” ليعاد مرموري إلى منصبه.
المحلل السياسي أرزقي فراد:
سنة ضائعة في العبث السياسي
اعتبر المحلل السياسي أرزقي فراد أن 2017 كانت سياسية بامتياز بالنظر لجملة الأحداث التي عرفتها. غير أنه أدرجها بالموازاة مع ذلك في خانة السنة الضائعة التي لم تحمل الجديد فيما يتعلق بمنح الإرادة الشعبية لحقها في ممارسة سلطتها وتقرير مصيرها مع الاستمرار في تكريس الأمر الواقع واعتبار الشعب بالقاصر الذي لا يزال بحاجة لوصاية و قال في تصريح ل ” الجزائر” :” 2017 سنة ضاعت كغيرها من السنوات وإن شهدت عديد المواعيد السياسية غير أنه لا جديد أتى من ورائها غير تكريس الأمر الواقع وما هو موجود ” .
وأشار فراد إلى أن 2017 شهدت 3 حكومات وتغييرات في ظرف قياسي لم تعرفه الجزائر من قبل، أطاحت بعبد المالك سلال بعد 5 سنوات ليخلفه تبون الذي لم يعمر طويلا وأنهيت مهامه بعد 75 يوما ليخلفه الوزير الأول الحالي احمد أويحي هذا الأخير الذي طهر الحكومة من بعض الوجوه التي جلبها سلفه والميزة الأبرز والتي تدرج في خانة السابقة والأمر المضحك وهو إقالة وزير في ظرف 48 ساعة وهو وزير السياحة مسعود بن عقون ليعاد اسمه ضمن الطاقم الحكومي الجديد لأحمد أويحي في خطأ لوكالة الأنباء ليتم استدراك الأمر والكشف عن اسم الوزير الحالي حسن مرموري وذكر:” سنة 2017 كانت مرتعا خصبا للعبثية السياسية بإنهاء مهام عبد المالك سلال وتعيين عبد المجيد تبون خلفا له ليخلفه احمد اويحي و السابقة الأولى من نوعها في الجزائر وزير السياحة مسعود بن عقون وزير 48 ساعة وبعدها لدقائق الأمر أثار السخرية في الداخل وفي الخارج وأصبحت مادة دسمة للتداول الإعلامي ”
زينب بن عزوز
المحلل السياسي سفيان صخري:
التغييرات الحكومية تعبير عن عدم الاستقرار
أكد المحلل السياسي سفيان صخري أن سنة 2017 كانت مميزة سياسيا وكانت محطة لعديد المواعد السياسية من تشريعيات ومحليات إضافة التعديل الحكومي بحيث حطمت السلطة الرقم القياسي في هذا الخصوص بثلاث حكومات في ظرف سنة واحدة وما حمل ذلك من طابع المفاجأة وألقاب ” وزير 48 ساعة ” و” وزير الساعة وكذا ” وزير 80 يوما “و التي تعد بالسابقة لم تشهدها الجزائر من قبل .
وقال صخري في تصريح ل ” الجزائر “:” سنة 2017 حملت مفاجآت من الناحية السياسية سيما ما تعلق بالتغييرات الحكومية وما حملته من طابع المفاجأة وجعل الجزائر تعيش صيفا ساخنا على وقع التعديلات الحكومية المتوالية بإقالة أسماء و إعادة أخرى للواجهة بدأت فصولها بعد تشريعيات 4 ماي الفارط بإنهاء مهام عبد المالك سلال وتعيين عبد المجيد تبون خلفا له ليبعد من منصبه بعد ما شهدت 80 يوما من عهدته من قوة حديدية بين السياسة والمال و خرجتة بفصل بين الأمرين إلى جانب لقائه غير رسمي بنظيره الفرنسي كلها أمور عجلت برحيله” وتابع :” هي تعديلات ترقيعية تنم على عدم استقرار أريد من خلال تصريف الأعمال فقط يضاف لها ” العبثية ” من خلال وزير ال48 ساعة مسعود بن عقون الأمر الذي أثار سخرية العام والخاص في خرجة تعد السابقة من نوعها الأمر الذي يدل على السلطة مستمرة في سياستها و لا تريد إحداث القطيعة و بناء صفحة جديدة مع الديمقراطية تبنيها الإرادة الشعبية “.
زينب بن عزوز