مآسي قوارب الموت في المتوسط تتوالى فصولا، دون أن تتضح لها نهاية، الرابحون فيها دائما هم مهربون محترفون يجنون الأموال الطائلة جراء هذه التجارة الرابحة، أما الخاسرون فهم دائما من يقامرون بآخر ما يملكون وحتى بحياتهم وأسرهم أحيانا، كي يصلوا إلى ما أسموه بر الأمان في دول أوروبا المختلفة، أملا في تحسين أوضاعهم المعيشية.
ركبوا زورق الموت او ” الشالوتي ” أملا في الحرقة، لكنهم وقعوا ضحية عصابات الاتجار بالبشر في ليبيا، بعد أن فشلوا في عبور المتوسط إلى إيطاليا، هي قصة 07 مهاجرين غير شرعيين جزائريين عادوا نهاية الأسبوع من ليبيا عبر مطار هواري بومدين الدولي انطلاقًا من مطار تونس، بعدما استقبلهم جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بطرابلس، قادمين من مركز الإيواء «الحمراء» في مدينة غريان.
رحلة الموت انطلقت من ليبيا، أين قاموا فور وصولهم بالتخلص من جوازات السفر، قبل الصعود على متن زورقهم المتجه إلى إيطاليا، لكن الرحلة لم تكتمل، حيث صادفتهم عصابات الاتجار بالبشر الناشطة بليبيا.
الهروب لم يكن سهلا، فقد أصيب احد هؤلاء المهاجريين الغير شرعيين السبعة بطلق ناري على مستوى الرجل اليسرى، أظهرت التحقيقات أن سببها عصابة تهريب والمتاجرة بالبشر.
وبعد أن تم ضبطهم من طرف القوات البحرية الليبية، قامت بتسليمهم إلى تونس التي سلمتهم بدورها إلى القنصلية الجزائرية المتواجدة على أرضها، وبعد التنسيق الأمني وإعطاء الضوء الأخضر للقنصل الجزائري، تم استخراج وثائق موقنة لهم مكنتهم من العودة الى ارض الوطن عبر مطار هواري بومدين.
وذكر مصدر جزائري، أمس الأحد، أنه لدى وصول الجزائريين السبعة الى ارض الوطن أخضعتهم السلطات إلى التحقيق حول ظروف وملابسات هجرتهم غير الشرعية من السواحل الليبية إلى إيطاليا، وحول إمكانية تواجد متطرفين محتملين بينهم، هم محل بحث.
للاشارة، منذ اغلاق الجزائر سفارتها وقنصليتها العامة سنة 2014 في طرابلس بشكل “مؤقت” بسبب “وجود تهديد حقيقي وداهم” على دبلوماسييها وأعوانها القنصليين، تقوم السلطات الليبية بتسليم المتطرفين او المهاجرين الغير شرعيين الجزائريين الى القنصلية الجزائرية الكائنة بتونس، قصد ترحيلهم الى الجزائر حتى تتم محاكمتهم.
وتعمل الحكومة الجزائرية منذ العام 2012 على امتصاص ظاهرة الهجرة غير الشرعية، عبر تجريمها في نص قانون العقوبات، حيث تطبق على كل متورط ألقي عليه القبض في حالة تلبس محاولاً الهجرة عقوبة السجن والغرامة المالية.
تنسيق أمني محكم
منذ تعرض تونس وليبيا إلى هجمات ارهابية متواترة، لم تقصر الجزائر في مد يد العون لتتكاتف الأيدي و تتضافر الجهود من أجل محاربة شبح الإرهاب والتطرف العنيف وكذا الهجرة غير الشرعية، حيث تسارع التنسيق بين الاطراف الثلاثة على الحدود تخوفًا من موجة تسرب الإرهابيين وتسللهم إلى الداخل.
و قد رفعت الجزائر من من حجم التبادلات اليومية للمعلومات مع تونس حول النشاط المتزايد للمهاجرين الغير شرعيين والارهاب والمتطرفين على المستوى الحدودي .
وكان نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش قايد صالح قد أشرف في وفت سابق، على تنصيب غرفة العمليات الجنوبية المتخصصة في رصد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية الارهابي في ليبيا، حيث تتضمن غرفة العمليات ضباطا من أمن الجيش ومديرية الاستعلامات والأمن والقوات الجوية والقوات الخاصة والمشاة والدرك الوطني وحرس الحدود.
الهجرة عبر البحر المتوسط حقائق وأرقام
أفواج من المهاجرين من جنسيات مختلفة تغادر نحو أوروبا عبر دول ومنافذ مختلفة وعدد الأطفال ضمنهم في تزايد مستمر، حيث قالت منظمة الهجرة الدولية، في تقريرها الاخير إن 44 ألفًا و209 مهاجرين دخلوا أوروبا عبر البحر المتوسط منذ مطلع 2017، مقارنة بنحو 184 ألفًا و741 مهاجرًا، وصلوا القارة العجوز في ذات الفترة من العام الماضي.
وأضافت المنظمة أن الغالبية العظمى من المهاجرين وصلت إيطاليا، التي تلتها اليونان في استقبال المهاجرين، ثم قبرص وإسبانيا. واستقبلت إيطاليا أكثر من 37 ألف مهاجر، فيما وصل اليونان أكثر من 5 آلاف، وإسبانيا أكثر من ألف مهاجر، في حين دخل إلى قبرص 133 مهاجرًا.
وكانت تقارير دولية سابقة قد أشارت إلى أنه منذ بداية العام الحالي، وصل ما يقرب من 37 ألف لاجيء ومهاجر، 13% منهم من الأطفال، إلى إيطاليا بحراً عبر البحر الأبيض المتوسط، أي بزيادة تقدر ب 42% بالمقارنة مع نفس الفترة من عام 2016م، وقد فقد ما لايقل عن 849 شخصاً في البحر على طول الطريق منذ جانفي الماضي.
وعبر نحو 180 ألف مهاجر، معظمهم من دول الصحراء الأفريقية، سواحل ليبيا إلى إيطاليا، دفعوا ما يقرب من 23 مليون دولار لمجرد الوصول إلى السواحل الليبية، هذا بالإضافة إلى ألفي دولار لكل مهاجر لحجز مكان على مراكب الهجرة.
مراكز إيواء المهاجرين على الأراضي الليبية
يوجد في ليبيا حوالي 22 مركز إيواء تتبع لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الذي يتبع بدوره وزارة الداخلية الليبية، وهي موزعة على كافة الأراضي الليبية منها 13 مركز إيواء في المناطق الغربية و 03 في المناطق الشرقية و 06 في الوسط والجنوب.
هذه المراكز تستقبل المهاجرين الذين يتم تحويلهم إليها من الغرفة المشتركة بوزارة الداخلية الليبية لفترة من الوقت قبل أن يتم ترحيلهم إلى بلدانهم وفق ما يسمى بالترحيل الطوعي.
نسرين محفوف