الجمعة , نوفمبر 15 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة مصطفى بوسنة: الفنان الجزائري محجوب بن بلة

مساهمة مصطفى بوسنة: الفنان الجزائري محجوب بن بلة

يموت الفنان الجزائري غريبا في وطنه و خارج وطنه لا نهتم لشأنه و لا يهمنا مصيره …يذكر في مناسبتين فقط..حينما يكرم عالميا أحيانا فيسارع للإحتفاء به في تلك اللحظة تمجيدا لما تبقى من شبح الوطنية أو عندما يدركه الموت فنسارع لتعليق عرجون من التمر على قبره كما يقولون …فسواء مات نوري ذراع بغرب الجزائر منسيا فقيرا معدما يصارع الحياة أو مات مثل حجوب بن بلة في أوج مجده خارج الوطن تعتز المتاحف الكبرى باقتناء لوحاته .. (لعل أشهر هذه المتاحف على الإطلاق هو متحف “الميتروبوليتان” الأميركي) فالامر سيان…. قدمت فرنسا كل التسهيلات في مشاريعه الفنية بمدنها او عبر العالم مثل البرازيل و غيرها .. وفي الأماكن العامة كانت أعمال بن بلة، تبرز قامة فنية استثنائية، وضعت أعماله في الأماكن العامة كما لو أنها متحف في الهواء الطلق.

من الأعمال التي يتجلى فيها أسلوبه بشكل جلي عمله “عكس الشمال” الذي غطى حاجب بن بلة فيه مسافة 12 كلم من طريق باريس-روباي، أو عمله الآخر الذي عُرِض على مساحة أربعة آلاف متر مربع في ملعب “باسيمبو” في مدينة ساوباولو البرازيلية عام 1999، دون أن ننسى ديكور محطة ميترو “كولبير” في مدينة grenoble الفرنسية، الذي أنجزه عام 2000.

كان سيموت منسيا بوطنه لولا مسارعة البعض من تمكينه بإقامة أول معرض فردي لابن وطنهم الجزائري- في بلادهم، عام 2012، وذلك في متحف الفن الحديث والمعاصر بالجزائر، حيث أقيم أول معرض للفنان بن بلة و آخره بالجزائر. قبل أن يتوفى منذ فترة قصيرة عن عمر يناهز 74 سنة..

رأى محجوب بن بلة النور بالجزائر سنة 1946، و دخل ميدان الفن من خلال دراسته الفنون الجميلة في بمدينة وهران غرب االجزائر، ليلتحق بمدرسة االفنون الجميلة في شمال فرنسا التي عمل بها لسنوات طويلة.

يمكننا تصنيف فنه في إطار التجريدية الغنائية و هي حركة فنية تمتد جذورها الى نهايات الحرب العالمية الثانية و التي ما زالت تملك كل قوتها التعبيرية الإبداعية حتى يومنا هذا..

تمكن الفنان من إدخال جمالية الكتابة العربية على هذا النوع من التجريد محولا الكل الى ما يشبه موسيقى لونية تنتقل من مناطق اللاوعي الخفية لتتجسد على سطح اللوحة عبر إيقاع حركة و ذبذبات خفية .

أول ما يلفت الانتباه في أعمال بن بلة هو اللون و الخط و النقطة مع كثافة العلامات المجردة التي تكتسح مساحتها، وإيقاعها على شكل أصداء تتكرّر إلى ما لا نهاية، كما لو أن كل لوحة هي قطعة موسيقية للحن عوالم مجردة بالغة الخصوصية.

كما أن تجريديته تأخذ طابعا غنائيا باهتمامها وتركيزها على اللون و إيقاعية حركة الخطوط حيث يتعامل مع الفن على أنه ضرورة داخلية عبر تخليص الشكل من منظره الواقعي، وصولا الى اللاموضوع و هذا ما يتطابق مع مفهوم التجريد بأنه اللاصوري و اللاتمثيلي ..كما توصل في فنه من الاقتراب الى مرتبة النظم النغمية الموسيقية..

اللون عنده هو القوة التي تأثر في العين و الروح مباشرة وقد نظر اليه مجردا عن مضمونه الذي يمثله كتجرد الموسيقى من أي معنى غير ايجاد اللحن ذاته ..وهذا ما يفسّر ربط كثير من النقاد هذه العلامات المستعملة بفن الحروفية، علما بأن هدفه ليس تزيينيا، بل ترجمة موسيقى داخلية تجسّد الخطوط والألوان إيقاعاتها. كما أسلفنا الذكر.

يـــتبع

التشكيلي مصطفى بوسنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super