المسرح الحياة.. الحياة المسرح، اي مسرح بقي لنا الان لنشاهده، وأين ستكون الفرجة.
هل سنلتقي داخل قاعة نجلس وأمام الركح، نشاهد الممثل متحركا امامنا نشم رائحته ويشم هو رائحتنا، نسمع انفاسه، ويسمع انفاسنا، خفقات قلبه، ويرانا ونراه، ونشاركه التمثيل ونتفاعل معه ويتأثر بردود افعالنا فيحسن اداءه.
المسرح، الذي تعودنا الذهاب اليه، غاب عنا وغبنا عنه غيبه عنا كورونا وغيبنا عنه كرونا، اشهر مضت ونحن في بيوتنا، لا نخرج إلا للضرورة ونعود، ننتظر ان يزول الوباء ونعود الي المسرح ويعود المسرح الينا.
الخوف ان طال الامر ان يفقد البعض هادة التوجه الي المسرح وقد ينسي البعض انه كان هناك مسرح وقد يتعجب وكأنه يسمع التسمية للمرة الاولي اذا ما اسرع ان ينسي الانسان فهو مشتب من النسيان.
امام هذه الحالة المقلقة التي اصبحنا فيها سعي البعض الي اطلاق مبادرات فنية مسرحية حتى لا ننسي وحتى يستمر النشاط مبادرات تمثلت في تقديم العروض في الفضاء الأزرق وإقامة الورشات والمهرجانات المسرحية الافتراضية ظاهرة جديدة، قد تكون ايجابية وقد تكون سلبية بمعني انه لها جانبين ايجابي وسلبي، وقد يكون الايجابي انه يحافظ علي صلة الناس بالمسرح ويكون السلبي انه قد يهون امر المسرح، فالعرض الافتراضي لا يمكنه وان يعوض العرض المباشر في قاعة المسرح ولا يمكنه ان يخلق ذلك التشارك الحي بين الممثل والمتفرج ولا ذلك التواطؤ الذي ينشا بينهما بمجرد ان يرفع الستار، خسارة كبيرة للمسرح منذ بداية انتشار الوباء واتخاذ الاجراءات الوقائية، وكذلك مكسب له ان استطاع ان يكسب جمهور جديد من خلال العروض الافتراضية، وان كان الامر فيه شك فهذه العروض تشبه تلك التي تقدمها القنوات التلفزية بعد ان تقوم بتصوير العروض المسرحية، إلا ان ما تقدمه القنوات التلفزية لا ويكون بأية حال هو نفس ما قدم على الركح وعليه فان العروض الافتراضية لن تكون كما العروض الحية على الركح، وقد يظهر لنا تبيان بسيط ان الذين يشاهدون هذه العروض من المسرحيين انفسهم غير راضين ولا قانعين بها.
إنها المأساة، مأساة كبري حقا اسمها غياب المسرح الحي من حياتنا وقد يزيد الامد وكلما زاد زادت خسارتنا لتك العادة وتلك الاجواء الحميمية التي تنشأ بين الممثل والمتفرج يوم العرض.
ان العرض الافتراضي ومهما كانت جودته ومهما كان اتقان الممثل فيه لن يعوض العرض على الركح.
المسرح اساسا هو ذلك اللقاء المباشر والتواصل الاني مع العرض والفرجة الحية، وان لم يكن ذلك كانت السينما بديلا له.المسرح الحي اعني العرض الحي في انه ومكانه لا يمكن ان يكون له بديل، المسرح وصورة نلمسها وليس صورة نشاهدها وفرق كبير بين ان تلمس الشيء وبين ان تشاهده ولا تلمسه.
…
لمحة تعريفية: علاوة وهبي، كاتب وإعلامي متقاعد، كان من أهم المسرحيين ممارسا، حيث يعد من مؤسسي فرقة “كراك”المسرحية بقسنطينة إلى جانب عبد الحميد حباط، ألف العديد من النصوص المسرحية، تم تقديمها وحاز عن أحدها بعنوان “الضوء” الجائزة الأولى سنة 1966 في مهرجان عيد الاستقلال والشباب. و له عدة مؤلفات منشورة في القصة والرواية والمسرح والشعر، و مجموعة كتب مترجمة عن الفرنسية في مجالات مختلفة، أهمها ترجمة مسرحية “ألف مرحي” لمحمد ديب، و “استراحة المهرجين” لنور الدين عبة وآخرين من الغرب.
علاوة وهبي