العمل الفني يمكن ان يكون وثيقة سوسيولوجية جد مهمة في ظل غياب الكتابات التي تغطي مراحل معينة من التاريخ الوطني..يمكن للوحة ان تكون كتابا مفتوحا يمكننا من الولوج داخل سميولوجية الأشياء و الغوص في التفاصيل الحياتية المنسية من الذاكرة الجماعية.
لوحتنا اليوم تعكس المشاغل اليومية لأم عاصمية شابة في العهد العثماني مشتتة بين تربية الإبن و الأشغال المنزلية التي لا تنتهي.. عين على المهد المعلق المسمى بالدوح حيث ربطت يد الطفل الصغير ووسطه الى هذا المهد خشية ان يقع على الأرض و قد كان الدوح مهدا معلقا يساعد نساء تلك الفترة من حيلة تمكنهن من ان تكون اعينهن محيطة بكل شيء في البيت..و من هنا كان المثل القائل “الدوح فالسما”.. وقد كان يرفع عاليا كي لا تصله الزواحف في غفلة من الأم…يد الأم تحرك و تهدهد ابنها عبر خيط موصول بالمهد..و يد اخرى تخلط الكسكس بدل خلط المرق…قفة مرمية على الأرض قد تكون دلالة عن غضب زوج عاد و لم يجد طعامه جاهزا، وعصا للتأديب امام الموقد..أشياء أخرى تذكرنا ان أشغال هذه المرأة و همومها لا تنتهي.
وجود الغربال في اللوحة دلالة على تحضير الكسكسي في نفس اليوم.. المكنسة للتنظيف بعد الانتهاء من الأشغال المنزلية و أشياء أخرى لها دلالاتها ومعانيها.. تهمني قراءتكم الشخصية التي قد تختلف او تضيف أشياء لم نلحظها…
…
لمحة تعريفية: الفنان مصطفى بوسنة رسام هو نحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة الريشة على يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفى عيدود ودينيس ما رتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفى بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج الجزائر. وقد أقام معرضا لآخر اعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة.
التشكيلي مصطفى بوسنة